مرايا – كتب – عمر كلاب –  لم اعلم انني وامثالي من المواطنين، سبب الغلاء والبلاء، الا عندما اتحفنا خطيب الجمعة بذلك، في تطويع للنص الديني يعجز عنه دهاقنة المال ومحترفو فرض الضرائب، فأسباب الغلاء والبلاء حسب تشخيصه الدقيق حد الطحن، ان زوجاتنا وبناتنا كاسيات عاريات، واننا لا نكبح جماح الشهوة واننا نترك المرأة تمشي دون غطاء على الرأس، وجبة دسمة من الشتائم كالها الرجل الممتشق سلاح خطبة الجمعة للنساء اولا وللرجال الصامتين على تبرّج النساء والفتيات، وتأسيسا واقتناعا بما قاله الرجل، فإنني اقدم اعتذاري الشديد للحكومة الرشيدة بكامل فريقها عن اتهامي لها بانها سبب رفع الاسعار وعدم امتلاكها برنامج اقتصاد قادرا على التجاوب مع اعباء المرحلة ومتطلباتها، واعتذر عن اتهامها بالتقصير في تحصيل الضرائب من الاثرياء ومكافحة التهرب الضريبي .
اعتذار متصل الى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وكل مؤسسات الاقراض الدولية التي اتهمتها زورا وفجورا انا وامثالي من الفقراء الحاقدين، الذين استوجبوا واستجلبوا الغلاء والبلاء لانهم لم يستطيعوا كبح جماح شهواتهم ولم يمارسوا رجولتهم في ضبط ازياء نسائهم، فهذه الصناديق تحملت وزر خطيئتنا وتقوم مشكورة بتخفيف اخطار هذه الخطايا، ولكنها تتحمل جزءا يسيرا من الذنب، واستميحها العذر في توجيه نقد بسيط لها، فهي لم تقدم ضمن وصافتها السحرية ولو على سبيل التذكير فقط، شرط ضرورة تغطية رأس النساء كشرط للدين، وحتى لعضوات الفريق الوزاري كدليل على حسن نية الحكومة في معالجة اسباب البلاء والغلاء، فعليها بدل انتقاد الحكومة على الانفاق العالي والبذخ الانفاقي ان تطالبها بمزيد من الورع كشرط لمنح كتاب حسن النوايا للاقتراض .
شكرا وزارة الاوقاف، فنحن لم ندرك ان حلول الازمة الاقتصادية مربوطة بلباس نسائنا وبناتنا، ولذلك فإن اكثر الحلول انتاجية هي تحويل وزارة المالية الى وزارة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والغاء دائرة الضريبة الى دائرة الحسبة، ومنح موظفيها صفة الضابطة العدلية لضرب واعتقال النساء السافرات وتوبيخ الفتيات العاريات وسجن الازواج والاباء لسماحهم بهذه الظواهر التي اثقلت كاهل الموازنة، فنحن واقصد الرجال الذين يسمحون لزوجاتهم وبناتهم بهذا السفور وانا منهم متخاذلون عن دعم الوطن وربما يجب توجيه تهمة الخيانة العظمى لنا ولا مانع من اضافة تهمة التخابر مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حتى يبقى هو المتحكم بموازنتنا، مشكلتنا سهلة وحلها يتطلب فقط اعادة هيبة الدولة على النساء واعتقال الرجال المساندين للسفور والفجور وتحويلهم الى سجن الجفر الصحراوي بعد ترميمه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ اخشوشنوا، فإن النعم لا تدوم “ ، ويساورني الشك بان وزارة الاوقاف قرأت هذا الحديث، فهو يختصر ازمتنا كلها، فلو اننا اعتمدنا هذا الحديث الشريف كنموذج للعمل الرسمي، لضبطنا الانفاق والهدر، ولأقمنا المشاريع الانتاجية اللازمة ولحافظنا على صندوق الاجيال، بدل الانفاق الباذخ، ولو اعتمدنا هذا الحديث الشريف على الرواتب في المؤسسات المستقلة لما كانت اصلا موجودة، فالخشونة في الانفاق العام مطلوبة في اوقات الرخاء، ولو اعتمدنا هذا الحديث في ثقافتنا الوطنية لكانت الاسرة الاردنية تعرف ثقافة الموازنة الايجابية بدل نظرية اصرف ما في الجيب، ثمة مخزون هائل في ثقافتنا الدينية والادارية ولكننا نلجأ الى اضعف المخزون والى اردأ النماذج الادارية، ولعل اخرها استثمار خطبة الجمعة في غير مقاصدها .
omarkallab@yahoo.com