مرايا – كتب مدير إدارة مكافحة المخدرات في مديرية الأمن العام العميد أنور الطراونة: نكتب هذه الكلمات في وقت باتت فيه الحيرة تملأ العقول والوجدان!!… والتساؤل الذي يراودنا ليل نهار… لماذا يقوم البعض بالتعدي والتجني على رجال المكافحة أثناء تأديتهم لواجبهم الرسمي في مواجهة تجار ومروجي المخدرات؟… هؤلاء الرجال الذين نذروا أنفسهم وحياتهم لأجل ثرى الأردن الطهور… رجال قدموا حياتهم كي يحيا أبناؤنا بأمن وأمان… رجال قدموا حياتهم كي تنام عيون الأمهات والآباء والأبناء بهناء وطمأنينة… فهل من العدل ان نكافئهم بإنهاء حياتهم برصاص الغدر والجهل…؟!! أوليسَ فيهم أباً لطفل قدر الله له ان يكون في مكانه مدافعاً عنا وعن أبنائنا كي يؤمن لأبنائه لقمة عيش كريمة مجبولة بدمه وعرقه…؟!! أوليسَ فيهم عريس لُفَ بكفنه قبل ان يلبس بدلة عرسه وهو يحول دون دخول المخدرات ووصولها لابنائنا ليكتوي قلب أمه بنارٍ لن يُطفئها الا الموت…؟!! ماذا اقترفت زوجته وشقيقته؟!! ام بماذا اخطأ اطفاله حينما حكمنا عليهم باليتم والتشرود والحرمان…؟!! اهذا فعلا ما يستحقونه منا؟!!

مشهد… هز اركان قلوب الحاضرين… ففي يوم من الأيام وبعد استشهاد والده بعدة أسابيع … حضر ذلك الطفل _ ابن احد زملائنا الشهداء مسرعاً إلى أمه بعد ان حاولت اخفاء حقيقة استشهاد والده ليفاجئها قائلاً : أنتي يا أمي كذابة… أبوي مات!!!!… أبوي ما سافر… حكولي الأولاد أنت ما إلك اب زينا… أبوك مات.

ولم يكن ذلك المشهد اقل الماً من المشهد الآخر حينما شاهدنا بأم اعيننا ابن زميلنا الشهيد يتقلب على تراب قبر ابيه… وهو يصرخ بأعلى صوته بكلمات ذرفت لسماعها دموع الرجال!!! … وهو يقول : لمين تركتنا يا أبوي… العيد قرب وبعدني ما لبست ملابس العيد… صحيح العيد الماضي ما كنت معنا… بس وعدتنا تجي ثاني يوم… و جيت!!!… بس هذا العيد انت كمان ما رح تكون معنا… لكن ما رح تجي ولا رح نشوفك بأي عيد بعدها… لانك رحت وما رح ترجع.

قصص وصور لأبناء الشهداء الأبطال… لآبائهم … لأمهاتهم … لزوجاتهم… إحداهن فقدت عقلها وجن جنونها من هول الموقف… وأخرى لبست السواد ولم تنزعه عنها منذ سنوات… وثالثه صابره… قويه… تربي الأيتام وتسهر عليهم وهي تعاني مرارة الأيام وقساوتها… ورابعة وخامسة وسادسة … بصور ومشاهد باقية في الذاكرة كما هي ذكرى الشهداء الأبطال … لم ولن يمحوها التاريخ بأمر الله تعالى.

فلله دركم يا نشامى… لله دركم يا أردنيين… نحن منكم ولكم… أرواحنا دون أرواحكم… أبنائنا دون أبنائكم… ولن يثنينا ذلك عن المضي قدماً فيما عاهدنا الله عليه ونذرنا انفسنا لاجله.

ان الناظر الى العمل العظيم الذي يقوم به رجال الوطن (وليس لهم فضل ولا مِنَّهً على احد بذلك فهذا واجبهم) يجده عملاً بطولياً يحاربون فيه كل معتد خارج عن القانون ، فتاجر المخدرات حينما اباح لنفسه هذا السلوك فانه حكم بالاعدام على كل اسرة او فرد ادمن المخدرات، هو باع المخدرات وتاجر بها طمعاً وجشعا منه في الثراء وحباً للمال الحرام، فهل من العدل ان يقف البعض في صف التاجر والمروج ذلك القاتل في وجه من يحاول دفع البلاء والخطر عن اسرنا وابنائنا ، بأي منطق وبأي عقل نفكر ان سمحنا لانفسنا فعل ذلك ، هل التعصب والقبلية والجهويه هي التي دفعتنا لذلك ام هو اعتقاد الرجولة التي لا تمت لمقومات الرجولة بشيء .

ان مجتمعنا الاردني بتركيبته العشائرية التي نباهي بها العالم اجمع غرست فينا حب الخير للجميع والوقوف مع الحق وكلمة الحق مهما غلى ثمنها…و نبذ الشر والاشرار واجتثاثهم من بيننا اينما وجدوا .

ندعوكم ونناشدكم يا ابناء الأردن الواحد وضيوفه الكرام أن نتعاون جميعا لخلق ثقافة مجتمعية رافضة لآفة المخدرات ونبذ كل من يتعامل بها والوقوف في صف رجال الأمن ومكافحة المخدرات كي نكون عوناً وسنداً لهم في التصدي لتيارات الشر والإجرام لا لأجلهم وحسب بل لأن أبنائنا وبناتنا يستحقون منا ان نصنع لهم مستقبلاً أمناً خالياً من كل انواع الإجرام وعلى رأسه إجرام المخدرات ليبقى الأردن وطن الشرفاء ووطن الأمان في ظل قيادته الهاشمية المتمثلة بجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم.