تقاربه مع دول عربية لم يسعفه في تجاوز الدور الاردني
كان المخطط فتح طريق المطار والجسر والاردنيون فتحوا الدوار الرابع
الملك اعاد ترتيب البيت الداخلي من لاعبين جدد بمخزون علاقات خارجي

مرايا – عمر كلاب – قليلة هي اللحظات التي يشتبك فيها الداخلي مع الخارجي في السياسة الاردنية وان كانت الحساسية الاردنية من احداث الجوار عالية وسرعان ما تتكشف اجراءات على شكل سعال سياسي تارة كثيف كما هو اليوم وتارة اقل كما حدث اثناء حرب العراق الاخيرة وسقوط الدولة العراقية في براثن الاستعمار الخارجي الاقليمي والغربي , لكن الحساسية تعلو اذا حضرت الملفات الفلسطينية الثقيلة دوما على الصدر الاردني بالمعنى السلبي طبعا , مع ابتعاد الحل الامثل والذي يُزيح الاثقال عن الصدر الاردني وأعني دولة فلسطينية ستقلة وقابلة للحياة .
اللحظة اليوم تشهد تغييرات سياسية حامية الوطيس شملت الحكومة والطابق العلوي في الديوان الملكي , متزامنا كل ذلك مع زيارة لرئيس وزراء الكيان الصهيوني والفريق الامريكي الداعم له بل وربما اكثر تطرفا من بقيادة كوشنير صهر الرئيس الامريكي ومسؤول الملف الفلسطيني في البيت الابيض على التتالي, وقبل ذلك وفي اتونه استجابة خليجية وتجاوب اقليمي مع اوجاع الشارع الاردني الصادقة وحراك الشارع العفوي , فالشقيقة الاقرب ظلت صامتة رغم وصول الانين الاردني الى آذنيها والشقيقة الابعد نسبيا لم تلتزم بحصتها من المنحة الخليجية وسفيرها يقيم بين ظهرانينا , فيما قدمت عرضا سخيّا مقارنة بحجم العلاقات الثنائية اليوم التي تعيش دون سفير وبوجود سفارة.
المعلومات المتوفرة بين يدي “الانباط” تقول ان رئيس وزراء الكيان الصهيوني جاء بمذكرة جلب امريكية الى الاردن , بعد ان استقوى رئيس الحكومة اليمينية بالوضع الفلسطيني الممزق والطراوة الخليجية في العلاقات معه على عمان وسياستها ودورها , وقدومه الى العاصمة رسالة الى الاردن بأن واشنطن قادرة على الضغط ونتنياهو لا يستطيع الا الاستجابة وتلك رسالة تطمين اولى قبل طرح مشروع التسوية الجديد على المائدة او ما يعرف بصفقة القرن , التي من المتوقع ان تنطلق بعيد زيارة الملك الى واشنطن في 25 من الشهر الجاري كما تقول المصادر .
المشهد بمجمله غير منفصل بل واكثر اتصالا مما يرى كثيرين , من حيث ضرورة ترتيب الملف الداخلي وازالة اسباب الضعف منه , فالواقع الاقتصادي الضاغط على اعصاب الدولة كان من الممكن ان يؤثر على مستوى صمودها امام المشاريع المطروحة بالقراءة الاولى ويمنع اعادة القراءة الثانية , كما حدث في مؤتمر مدريد الذي جاء بعد الحرب العراقية الكونية على ارض الكويت , وشكل الترتيبات الداخلية يمنح المشهد اتساعا اكبر او يرفع من منسوب الرؤيا بعد تقلص الزوايا الحادة التي كانت سائدة , فالملك اراد تشكيل فريق قادر على الفهم لتحديات اللحظة , فالرزاز خرَيج جامعة هارفرد تلك الجامعة الاكثر قربا من اللوبي اليهودي في امريكا , ووزير الخارجية مرن ونشط ويمتلك مقاربات مع تيارات في ادارة نتيناهو , واكتمل الفريق بدخول اللاعب الاقرب الى الفهم الاوروبي والامريكي الجمهوري محمد المومني الذي دخل الى مجلس السياسات
مقررا .
التركيبة بعد ربطها بين ضغوطات الداخل واستحقاقات الخارج تبدو مفهومة , بأن الفريق الاردني بات اكثر تماسكا للوقوف امام المطروح بنسخته الاولى لصفقة القرن والتي رفضها الملك كما تقول مصادر داخلية وخارجية متطابقة قبل ان يكمل قراءة صفحاتها , وحسب تعبير سياسي عتيق كان اول القصيدة كُفر , ولذلك جرى محاولة اللعب على الاوتار الاقتصادية والضغط المعاشي للاردنيين ومملكتهم , لكن الصلابة الملكية وتحويل المسار عن طريق المطار النافذ الى الجسر الى الدوار الرابع قلب المعادلة واعاد ترتيب الامور , واكملها الملك بمهارة معهودة في تكوين الفريق وطريقة اللعب السياسي بوصف ان اللحظة محكومة بمباريات كأس العالم .
الاردن وقيادته نجحا في تشكيل الهجمة المرتدة سياسيا , لكن المطروح كما يتم تسريبه حتى اللحظة وكانت الانباط قد اشارات اليه سابقا ما زال غير مطمئن من حيث افراز الدولة الفلسطينية في قطاع غزة مع بقاء الضفة على شكل تجمعات سكانية تابعة اداريا لقطاع غزة واقتصاديا وامنيا للاردن وهذا يتطلب توافق عربي لبناء مصدات له او تحسين شروطه في ظل غياب مشروع عربي , واصرار دولي على انهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي .