مرايا – كتب: عمر كلاب – ليس مطلوبا من الشخص الراغب بمزيد من ” اللايكات ” او الاعجابات على صفحات التواصل الاجتماعي , الا ان يكون ضد الحكومة فقط , بصرف النظر عن صوابية قراراتها من عدمه , ولما تراجعت قيمة الحكومة وهيبتها وبات الوزراء كثيرين مثل الخس على الطرقات في موسم الربيع , وتراجعت سوية الوزير وكفاءته , لم يعد شتم الحكومة ومعارضتها كافيا او مغريا لجذب مزيد من المتابعين والمعجبين , فرفع ما يُسمّى بالنشطاء سقفهم نحو الدولة بمكوناتها وسلطاتها , وللانصاف ثمة عقل شيطاني في دوائر الدولة الحساسة ” الامن والقصر ” استرطب تهشيم السلطات السياسية , بل واستثمر في ذلك بزيادة جرعة الخفة الوزارية والنيابية وعضوية الاعيان , فتم تهميش المواقع وتهشيم الشخوص , وظهرت طبقة من الوزراء والنواب والاعيان , لا تصلح لجاهة عرس او لأخذ عطوة على حادث سير بسيط , فالناس لا تعرفهم , ولا تحمل سيرتهم الذاتية اية معلومة , سوى انهم ناطقون باللغة الانجليزية ويستعملون الجّل او صلعان .
طوينا هذه الصفحة مع طيّ صفحة شباب الديجتال او الليراليين الجدد , وعاد الديناصورات او الحرس القديم الى المشهد , لكنهم غيرّوا جلدهم هذه المرة , فاستعانوا بتجربة الديجتال في استمرار واستمراء , الاستعانة بمعدومي الكفاءة او اصحاب الشخصيات الضعيفة , وكأنهم ينتقمون من الدولة او من المناصب السابقة التي كانوا فيها مضبوطين بإيقاع الدولة وفلسفة الحكم , فاستشاطوا وغامروا اكثر من جيل الديجتال , فهم يعرفون مكامن الدولة ومخابئ القرار اكثر من غيرهم , لكن سطوة الدولة كانت تمنعهم من الولوج الى تلك المكامن والمخابئ , ففتكوا فينا اكثر , فهم يمينيون بالمجمل ونمت تجربتهم ومناصبهم في اتون الاحكام العرفية , التي نجحت في التغلب على الديمقراطية الشعبية بفرز رجال دولة او وزراء من العيار الثقيل ومن ابناء البيروقراطية البررة , فتجاوز الاردن معهم وبهم كل المنعطفات الحرجة والمآزق الاقليمية الصعبة , وحينها لم يكن أحد قادرا على التغول على الدولة او يحلم بالاستقواء عليها , فقاموا بتعويض الفارق لاحقا وسقطوا في مستنقع التجربة الديجتالية بإضعاف التكوينات السياسية بتلاوينها المختلفة .
اليوم ندفع ثمن كل هذه الارهاصات ونقطف ثمرة هذه التجارب الفاشلة , بالوصول الى حالة من التشكيك والتجاوز والتطاول على الثوابت الوطنية واركان الدولة , بعد ان جلس على المقاعد الوثيرة محدودو الكفاءة في اغلب المواقع , فنشط الهاربون والفاسدون وانصاف الرجال واشباه المثقفين والصحفيين , بل ان ظاهرة جديدة مقيتة اسمها ” الاعلامي ” , استباحت كل معايير المهنة الصحفية وبسطوا سطوتهم بتحالفات مريبة مع رجالات في القصر والامن والحكومة على المشهد , يسندهم في ذلك ناشرون اقرب الى الجهل والامية منهم الى معرفة القراءة والكتابة , تماما كما حدث في الجامعات الخاصة التي استثمر فيها كل فاشل وعاجز عن اجتياز امتحان المترك , فصار هارب من قضية او طامح بلجوء او نكرة صهيونية يصنع الرأي العام الاردني بل ويتفاخر بأنه هزّ عرش المملكة كما بعث ايدي كوهين برسالة الى صحيفة الانباط ردا على كاتب المقال الذي وصفه بالحشرة والاسخريوطي .
لست مأذونا بالحديث عن الملك , لكنني احمل واجب الدفاع عن العرش كما كل الاردنيين , فلا احد يزاود على احد في الاردن اذا تعلق الامر بالعرش والجيش من ابناء الشعب الاردني , لكن حديث الملك اليوم مؤلم وهو يتحدث عن الاشاعات التي طالت كل مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية وحتى الاسرية في بلدنا ولم يسلم منها احد حتى الملك واسرته , والعجيب ان مصدر الاشاعات لا يرتقي الى مستوى شسع حذاء , فهل نعيد قراءة التجربة مجددا ونرفع من عوامل النصر والمناعة الوطنية بأن نحارب الفساد بلا هوادة لانه السبب في خلق حالة الشك وانكسار ظهر الوطن والمواطن , ونراجع المناصب ونضع على المقاعد من يستحق بكفاءة وعدالة ودون محاصصة وملاصصة , فهذا هو الذي يبني الاوطان ويقطع السن الاشاعة .//
omarkallab@yahoo.com