بعد يهودية الدولة وعدم حاجة إسرائيل لشريك
موكب العاروري يفتح الأسئلة الثقيلة عن التهدئة ودور حماس
عباس يلتقي الملك اليوم ويطير الى الدوحة غدا دون برنامج
القاهرة تمسك بالملف وتتوعد عباس وتعد حماس

مرايا – كتب : عمر كلاب – في اللحظة التي تحتفظ فيها القاهرة بأسرار المصالحة ومفاتيحها بالتعاون الثلاثي بينها وبين روسيا وحكومة الكيان, يقطع الرئيس محمود عباس جسر الملك حسين ويصل إلى عمان, للقاء الملك عبد الله اليوم ثم يغادر بعدها الى الدوحة, وكأن ما سيسمعه الرجل من الملك عبدالله سيكون خارطة طريق له في حديثه مع الدوحة منفذ عباس الوحيد على حركة حماس لحسم جدل المصالحة الفلسطينية التي تقترب وتبتعد وكأننا في لعبة اخفاء الحزام – إحدى العاب الطفولة لجيلنا, حيث كان يُخفي أحدنا الحزام فيما يقوم الآخر بالبحث عنه برسائل إرشادية تعتمد جملة حامي وبارد, حامي كلما اقترب من المكان الصحيح وبارد اذا ابتعد -, وكذلك سيكون اللقاء فرصة للتفاعل الحيوي مع العواصم ذات التأثير التي سيرحل اليها عباس , فالملك عائد من زيارة كتومة الى واشنطن وكل مراكز الفعل والتأثير فيها , حتى وإن حملت في بعض ايامها اسم الزيارة الخاصة , واظنها اسم حركي للزيارة الاخطر والاكثر اشتباكا مع الادارة الامريكية , ولا يمكن تبرير طولها بغير الزيارة الخاصة او الاجازة السنوية .
المصالحة الفلسطينية تأتي في ظرف فلسطيني ربما ليس بحاجة الى المصالحة , فالادارة الامريكية منحت دولة الكيان كل الدعم اللازم لفرض واقع على الارض , مفاده الانتقال من تأسيس دولة اسرائيل الى تثبيت اركان الدولة اليهودية , ولتوضيح المشهد اكثر يجب العودة الى الوثيقة الاولى التي قدمتها اسرائيل للحصول على عضوية الامم المتحدة والحديث هنا لعضو مجلس الاعيان كمال ناصر القانوني البارز , الذي يقول ان اسرائيل قدمت طلبها للامم المتحدة للانضمام بوصفها دولة يهودية , لكن الرئيس الامريكي في حينها ترومان شطب الدولة اليهودية وكتب دولة اسرائيل , ولكن ترامب اعاد ما شطبه ترومان , مما يعني تغيير قواعد الاشتباك والمواجهة مع الادارة الامركية والعدو الصهيوني , فلم يعد المطروح قبول دولة اسرائيل فهي باتت مقبولة ولكن نتحدث عن صفتها وليس عن وجودها .
هذه التوطئة التاريخية تحمل اسباب ضرورة تأخير المصالحة او عدم انتاجيتها اليوم, فالمطروح على المائدة الدولة يجب ان يبقى احاديا ولا يوجد طرف فلسطيني موحد يصبح شريكا, فالمصالحة اليوم وبعد حصولها على الضوء الاخضر الامريكي والمباركة الاسرائيلية تثير الشك, فهي ليست مصالحة على ارضية مقاومة او ارضية اشتباك مع العدو الصهيوني, فحماس عليها تقديم تهدئة طويلة الأمد وعباس سبق له تقديمها مع حركته فتح, والحسم في هذا الملف ما سيقوله الملك بعد الزيارة الطويلة إلى الولايات المتحدة, التي يفترض أن يعود إليها الملك في شهر أيلول القادم, فالملفات شائكة والأدوات اختلفت والدول العربية اليوم تتحدث عن القضية الفلسطينية مثل أي دولة نائية تؤيد قرارات وتعترض على قرارات ولم تعد شريكة في القضية, ما حمّل الأردن أكثر من طاقته .
عباس في الأردن, خبر لم يكن مثيرًا في السابق بحكم شبه إقامته فيها, لكنه اليوم أكثر الأخبار إثارة بحكم المطروح على الساحة الفلسطينية, من تسويات داخلية وتفاهمات مثيرة للريبة بين حماس ودولة الاحتلال , فمشهد موكب القيادي صالح العاروري قال اكثر بكثير مما قالته الحركة ورئيس مكتبها السياسي عن الاجتماع الذي سنعرف بعض تفاصيله بعد عودة وفد حماس الى القاهرة التي ازالت التحفظات الفتحاوية عن المصالحة وبعثت تطمينات الى عباس , بانتظار موقف حماس النهائي الذي بدأ يميل نحو مصالحة تكفل للحركة حضورا سياسيا ثقيلا , فغواية السجاد الاحمر اصابت زعاماتها , فمشهد المواكب يحتاج الى قراءة مرات ومرات , وبريق السلطة اغوى خطباء المساجد , في لحظة فارقة لم تعد فيها اسرائيل بحاجة الى شريك في المفاوضات فبعد يهودية الدولة تغير المشهد وادوات الصراع .//