بهدوء..

مرايا – بقلم عمر كلاب – الخروج من الازمة الاقتصادية , سياسي بامتياز , هذه كبسولة صحفية لحديث الملك مع مجموعة صحفية من رؤساء التحرير وكتاب الاعمدة ومقدمي البرامج التلفزيونية امس , وهذا لا يتأتى دون تحقيق شرطي سيادة القانون على الجميع واستقرار هيبة للدولة كقيمة عُليا للجميع , دون استحداث مبررات لاي خارج عن القانون ودون توفير وعاء اجتماعي حاضن وداعم لهذا الخارج على القانون او المُتنمر على هيبة الدولة , بحجة قرابة الدم او الانتماء العشائري والمناطقي .
ولتحقيق هذا النموذج على السلوك العام للمواطنين , يجب على الحكومة وباقي اركان الدولة الالتزام بجملة معايير وضوابط وطنية , اهمها عدم استثمار هيبة الدولة او ” العين الحمرا ” التي تحدث عنها الملك لمحاسيبهم ومعارفهم سواء في التعيينات او المنافع الرسمية والخروج من دائرة الجبن والعجز وقلة الحيلة في اتخاذ القرار واغلاق ملف استرضاء اصحاب الصوت العالي وشراء ذمم المخالفين او المعارضين , وفوق كل ذلك الهاب احلام الناس وامانيهم في مشروع وطني جامع وملزم للجميع , وليكن سيادة القانون وهيبة الدولة التي تراجعت بفعل عوامل الربيع العربي وسلوكيات الامن الناعم والاسترضاء .
صحيح ان الملك غاضب حد الفجيعة من مسلكيات شعبية محزنة , مثل طرد رئيس جامعة واعتداء على مدير تربية او طبيب او ضحية بريئة مثل الطفل الكردي , لكنه غاضب اكثر من تردي الاداء العام لكثير من المسؤولين المرتجفين ونظرية الواسطة وسلوك حماية الفاسد والمجرم وتدخلات اصحاب النفوذ من المسؤولين والنواب , فهذه المسلكيات الحكومية هي التي تمنح الجرأة والجسارة على الاستقواء والتنمر , وتجعل بعض الافتراضيين على رذاذ الفضاء ابطالا , نستجدي رضاهم ونحاول التقرب اليهم زلفى .
طفح الكيل فعلا , فكل جالس خلف جهاز قادر على خلق بلبلة وفتنة ولولا وعي اجتماعي لوصلنا الى مراحل ما قبل الدولة , التي عليها اليوم ان تستحضر الاصلاح السياسي بكل معانيه كما قال الملك , ولدينا فرصة خلال السنتين القادمتين لانتاج حالة ائتلاف حزبي وصولا الى ثلاثة تيارات حزبية رئيسة اسوة بكل العالم وانتقال الكتل البرلمانية الى تكتلات حزبية , لاسترداد الثقة الشعبية في القرار الرسمي واسترداد الدور المجتمعي لحماية هيبة الدولة .
المأزق الاقتصادي لا يمكن الخروج منه بدون سيادة قانون وهيبة دولة تحفز المستثمرين المحليين والعرب والاجانب على الاستثمار في الاردن , وتضمن حماية استثمارهم من التكوينات الاجتماعية التي باتت تفرض اتاوة على المستثمر او من مافيات القطاع الخاص المتحالفة مع طبقة موظفين فاسدين مارست كل اشكال التعطيل وابتزاز المستثمر وحمايتهم اكثر من حيتان المناصب الذين يعطلون اي استثمار ليس لهم فيه نسبة او عمولة مقطوعة .
سيادة القانون وترسيخ هيبة الدولة هي اولوية من اجل المضي الى الامام وآن الاوان كي يدرك الجميع ذلك وهذه رسالة الملك الواضحة , وعلى كل اجهزة الدولة واركانها العمل باخلاص لانفاذ رسالة الملك ومنح الناس رسائل قوية , بمعاقبة كل متردد او فاسد او متنمر , وعزل كل مسؤول فاسد او مرتجف وكذلك معاقبة كل من يحمي فاسدا او متنمرا , فقد وصلنا الى مرحلة بات فيها الفرد يخشى التجاوز عن مركبة او فاردة عُرس وصار تثاؤب الموظف العام يستوجب الرضى ودون مبالغة باتت المعاملة لا تسير في كثير من المؤسسات الخدمية مثل امانة عمان ودائرة الجمارك والضريبة .
رسائل حاسمة قالها الملك للاعلام لايصالها للناس , لا تقبل التأويل او التفسير بل تنتظر التنفيذ الفوري وهذا اختبار كل اركان الدولة واجهزتها .