مرايا – عمر كُلّاب

تسترعي الدعوات الى الاحتجاج التوقف والتأمل كثيرا , ليس رفضا لفكرة الوقفة او الاحتجاج , فنحن مجتمع حيّ ودولة متينة لا تخشى الاحتجاج الشعبي او التعبير عن الرأي وقياسا بالاقليم فنحن واحة ديمقراطية , ووفقا للتركيبة الشعبية , فنحن شعب ناضج وحريص على دولته ولا يمكن المزاودة على الشعب الاردني بكل اطيافه وتلاوينه وقواه السياسية في هذا الامر .

ما يسترعي التوقف اليوم هي الدعوات المجهولة النَسب للاعتصام او التظاهر , سواء بلميونية او بغيرها من التسميات المستوردة من عواصم ومحافل خارج الجغرافيا , ورأينا كيف دفعت شعوب هذه الدول ثمن الانفلات وعدم الحرص على النسيج الوطني , فكيف يمكن الاطمئنان الى مسيرة يخشى الداعون لها كشف هويتهم للشارع الشعبي والسياسي , حتى نشكر لهم وقفتهم وحرصهم علينا على الاقل , وحتى نعرف هذه الفئة الحريصة على الوطن والمواطن , والاهم حتى نكشف مدى الحرية التي نعيش فيها من حيث الموافقة على الاعتصام والتظاهر من الحكومة والجهات الرسمية ام ان حكومة الحريات التي يقودها الدكتور عمر الرزاز لا تلتزم بما تقول .

في التجربة الشعبية للحراك الاردني في الربيع العربي وما قبله وما بعده , رأينا دعوات لاحزاب ونقابات وفعاليات شعبية , ولم نرَ سحلا ومعتقلات تفتح للمطالبين بالاعتصام او الاحتجاج , ورأينا كيف تعاملت الاجهزة الشرطية بحضارية مع المعتصمين والمحتجين , ورأينا ايضا بعض الخشونة في التعامل , لكن الثابت اننا كنا نعرف من الجهة الداعية ومن الجهة الخشنة ونعرف اشخاص الحراك ونقرأ لهم بوستات ساخنة على مواقع التواصل الاجتماعي وكانوا يجهرون بمواقفهم على الشاشات الفضائية وعلى المواقع الالكترونية .

نعرف شباب الاحزاب اليسارية والقومية , وشباب الاحزاب الاسلامية وباقي الشباب المدافعين عن الحريات والاوجاع الشعبية الصادقة التي فرضتها علينا ظروف الاقليم وظروف سوء الادارات والحكومات , ولم نسمع انهم سحلوا او تعرضوا لاي شكل من اشكال الترهيب , بل سمعنا عن محاولات احتواء لهم ومحاولات استرضاء , بمعنى لسنا دولة دموية يخشى المواطن الجهر برأيه وموقفه , حتى اصحاب المواقف الخشنة والخروج عن القانون والدستور لم يتعرضوا لاي سلوك غير قانوني بصرف النظر عن موقفنا من التوقيف الاستباقي الذي ارفضه شخصيا لكنه اجراء تقوم به دوائر قضائية بحكم القانون الواجب التعديل .

الدعوات الجديدة المجهولة النسب تستدعي الحيطة والحذر , ولا أخجل شخصيا من ادانتها والتشكيك بمطلقيها والخشية ان يكونوا ادوات لجهات خارجية او داخلية تسعى لاثارة الفتن والقلاقل , بل واكثر من ذلك , انا اتهمها بالتُقية – وهي سلوك مدان لانه يخفي حقيقته وموقفه – فالسياسي لا يخجل من رفضه او ادانته لاي سلوك او قانون ومن حقه السعي الى تغييره بالادوات السلمية والقانونية , وشخصيا كنت اتمنى ان يتم التقدم للمحافظ او وزارة الداخلية لطلب مسيرة او اعتصام رفضا لقانون الضريبة او لاي اجراء حكومي , فهذا سلوك حضاري وسياسي ويجب على الحكومة منحه الاذن اللازم وحمايته وتوفير البيئة الآمنة له بحكم الدستور ابو القوانين جميعا .

وحال رفض الحكومة او وزارة الداخلية والمحافظين من حقنا الاحتماء بحقنا الدستوري وممارسة حرية التعبير عن رأينا , لكن هذه الدعوات المجهولة وهذه التصرفات المريبة تثير القلق وتكشف ان خلف الأكمة ما خلفها من مكائد للوطن والمواطن , ونحن عملنا في العمل السياسي والحزبي في مرحلة الاحكام العرفية ولم نخشَ احدا ولم يتم سحلنا او اغتيالنا او خطفنا كما هي الموجة الجديدة والتي تحمل في طياتها الكثير من الكذب والافتراء.