يلاحظ في قطاع التربية والتعليم تفوق الاناث على الذكور في العملية التربوية أكانوا معلمين او طلبة، حيث تشهد كل دورة امتحانية تصدّر الفتيات قوائم الحاصلين على المراكز الاولى، في حين تحتل المعلمات قوائم التميز والابداع في المجال التعليمي.

خبراء أكدوا انه لا توجد أي إختلافات في التكوين البشري يؤدي الى هذا التفوق، بل يعد نابعاً من رغبة فردية ، اذ لا تشكل ظاهرة محلية بل تقاس على مستويات دولية، موضحين ان النوع الاجتماعي لا يؤثر على نتيجة التحصيل الاكاديمي والوظيفي للافراد.

وارجع خبراء هذه الظاهرة إلى التكوين المجتمعي والبيئي الذي يؤثر بشكل كبير على ميول وإتجاهات النوع الاجتماعي في مجالات متعددة.

مديرة مدرسة الكفير الثانوية منال النظامي أرجعت تفوق الإناث إلى عوامل عديدة حيث اثبتت الدراسات ان المرأة اكثر التزاما وتطبيقا للمفاهيم الاساسية وبالتالي يؤثر ايجابا على الاداء على الصعيد التحصيلي او الاداري للوحدة الصفية.

واشارت النظامي الى الطبيعة الفسيولوجية للذكر كونه اكثر ميلا للحركة المتواصلة واكثر احتكاكا بالمجتمع الخارجي من الانثى وبالتالي يعيقه الامر من التفوق، مبينةً ان للبعد الاجتماعي اثر مباشر في ترسيخ هذه الظاهرة والمتمثلة بالصورة النمطية عن المجتمع العربي والذي عادة مايوصف بالذكوري الامر الذي يستفز المراة لاثبات ذاتها وتحقيق مكانة اجتماعية لائقة تتناسب وتطلعتها.

استاذ الرياضيات ايهاب الرنتيسي يعتبر المعلم عماد العملية التعليمية حيث يلحظ في مدارس الذكور اهمالا من قبل كوادرها نتيجة انشغال المعلمين بتأمين متطلباتهم الاقتصادية التي ترمي بثقلها على طبيعة العمل المدرسي وبالتالي تؤثر على التحصيل العلمي للطلبة الذكور.

واشار الرنتيسي الى جانب اخر المتمثل بتعمد بعض المعلمين بعدم ايصال المعلومة كاملة كي يقدم لهم دروسا خصوصية، الامر الذي يجعل من الطالب متكاسلا حيال الحصة الصفية بما ينعكس على ادائه في المراحل النهائية.

وقارن الرنتيسي أداء بعض المعلمات حيث يقمن في بعض المدارس بتقديم حصص اضافية مجانية وفي ايام العطل كي تتمكن الفتيات من التمييز والتفوق.

ولاحظ الرنتيسي ان هنالك قصورا من قبل وزارة التربية والتعليم حيال مدارس الذكور والتي وجد فجوة بينها وبين الاناث من حيث النظافة والتنسيق وغيرها من الامور الاساسية، الامر الذي يجعل من الاناث اكثر تفوقا وحرصا على نتيجة التحصيل بشكل عام.

واصدرت جمعية الملكة رانيا للتميز التربوي احصائية توضح نسبة المعلمين المتميزين من الذكور مقارنة مع المعلمات الاثات اذ اشارت الاحصاءات للعام الدراسي 2016 مانسبته 17% من الذكور المتميزين في حين وصلت لدى الاناث الى 82%، في حين ارتفع نسبة الذكور للعام 2017 الى 25% مقابل 75% للاناث.

وبمجموع كلي لسنوات سابقة منذ عام 2006 ولغاية 2017 وصلت مشاركة الذكور بالنسبة المئوية 17% في حين كانت مشاركة المعلمات الى 83%.

إستشاري علم الاجتماع الدكتور فيصل غرابية، قال :» من الملاحظ تفوق الاناث من الطلبة على الذكور في نتائج التحصيل الاكاديمي وفي مختلف المراحل الدراسية سواء الثانوية او الجامعية، الامر الذي يؤكد حرص الطالبات الاناث على نتيجة التحصيل بشكل متفوق نظرا لطبيعتها البشرية الحريصة على اثبات الذات والقدرة على التمييز».

واكد الغرابية انه لا توجد دراسات او أبحاث او نتائج علمية دقيقة توضح سبب هذه الظاهرة، سوى انها تنبع من رغبة فردية في التميز والابداع يضاف لها منح الاناث الاولية للنشاط الذهني كونهن اكثر التزما واكثر قدرة على تحديد اولوياتهن، اضافة الى فترة مكوثهن الطويل في المنزل التي تدعوهن الى البحث عن وسائل للتنمية والتثقيف على غرار الذكور.

وقدر الغرابية دور جميع الكوادر التعليمية في تقديم المعلومات والخبرة للطلبة، الا ان الفارق في ان المعلمة تستطيع ان تلم بمتطلبات الطالبات ومعرفة مواطن القوة والضعف لديهن وتمتلك قدرة في تشكيل مواهبهن وقدراتهن.

في الوقت الذي اشاد الغرابية بالدور الكبير للمعلمين الذكور على مر الزمان في بناء اجيال اثرت في تطوير العملية التربوية التي يشهد لها في مختلف المحافل، الا ان الدعوى في هذه تتطلب العمل على اثبات كلا الجنسين من دورها بشكل يحقق النموذج العالمي بعيدا عن اي فئوية عند الحديث عن قطاع ما.

وبحسب صحيفة ذي أتلانتيك التي نشرت عبر موقعها «مسبقا» دراسة اجريت على مدى قرن كامل تبين تفوق الفتيات على مدى قرن كامل بتحصيلهن علامات أعلى من الذكور.

حيث أجرى مؤلف الدراسة الدكتور دانيل فوير وهو أستاذ في جامعة برونسويك الكندية تحليلا على أداء الإناث والذكور شمل أكثر من 30 بلدا منها السعودية والأردن منذ العام (1914 وحتى 2011) ، تبين أن الإناث أبرزن تفوقهن في علامات المدرسة بغض النظر عن المادة والمساق، وتعكس الدرجات مكتسبات التعليم في سياق اجتماعية أكبر من الصف ذاته أي تستدعي الإصرار والمثابرة على مدى فترات أطول، فيما تقيم الامتحانات القدرات الأساسية أو القدرات الأكاديمية المتخصصة في مرحلة معينة من سيرة الطالب أو الطالبة الدراسية دون المؤثرات الاجتماعية.

أما عن سر تفوق أداء الإناث مقابل أداء الذكور فقد فسر القائمون على الأبحاث الجديدة بحسب صحيفة ذي اتلانتك أن العوامل الاجتماعية والثقافية قد تلعب دورا كبيرا في ذلك، كما يلعب أسلوب التحصيل العلمي المختلف لدى كل من البنات والذكور دورا في تفوق الإناث، اللاتي يسعين عادة للتركيز على فهم المادة فيما يسعى الذكور للتركيز على تحقيق النتائج النهائية من دراستهم.