مرايا – في ظل استمرار الضغوطات على الطبقة الوسطى خلال السنوات الماضية، وفي ظل توقعات باستمرار انحسارها تزامنا مع توجه الحكومة لإقرار قانون ضريبة دخل جديد يزيد نسب الاقتطاعات على هذه الشريحة، يشدد خبراء اقتصاديون على ضرورة استحداث نهج اقتصادي جديد “منحاز” للوسطى التي تعد صمام الأمان لأي مجتمع.
ويرى هؤلاء ضرورة التركيز على تحفيز الاقتصاد من خلال تشجيع الاستثمار وتحسين الخدمات، التي من شأنها دعم هذه الطبقة، خصوصا قطاعي التعليم والصحة اللذين يستنزفان جزءا من دخول الطبقة الوسطى.
وتعرضت هذه الطبقة لضغوطات كبيرة خلال السنوات الماضية كان على رأسها تراجع القيمة الشرائية للدينار بسبب تضخم الأسعار وإزالة الدعم عن كثير من السلع والخدمات وفرض ضرائب لا حصر لها بدون أن يقابل ذلك زيادة مناسبة على الدخول.
ويشار هنا الى أن نسبة الطبقة الوسطى من المجتمع قدرت العام 2010 (آخر إحصائيات رسمية) بحوالي 29 %، فيما كانت تقدر بحوالي 41 % في العام 2008. وتشير توقعات “الغد”، في تحليل أجرته في وقت سابق قياسا على دراسات رسمية، إلى أن حجم الطبقة الوسطى يقدر وفق مسح دخل ونفقات الأسرة للعام 2013-2014 بحوالي 27.8 % من المجتمع.
وزير تطوير القطاع العام الأسبق د.ماهر المدادحة، أكد أنّ “المحافظة على الطبقة الوسطى لا تكون إلا من خلال تحفيز الاقتصاد ووضع برامج توجه لهذا الهدف، خصوصا أن هذا سينعكس مباشرة على البطالة وبالتالي الفقر”.
ويرى المدادحة أن دعم الطبقة الوسطى لن يكون من خلال “حزمة أمان اجتماعي” كما هو بالنسبة للطبقة الفقيرة، وإنما سيكون من خلال تنشيط الاقتصاد من خلال الاستثمار.
ويرى المدادحة أن ذلك يتطلب برامج حقيقية لتشجيع الاستثمار خصوصا الخارجي، وتحرير القطاعات الاقتصادية.
وأشار الى أنه وبعد أن تنهي الحكومة الإصلاحات المتعلقة بقانون ضريبة الدخل، لا بد أن تبدأ ببرامج وتحديد أولويات لتحفيز الاقتصاد الذي سينعكس حتما على الطبقة الوسطى.
وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور منير حمارنة، ضرورة أن تحافظ جميع الاتجاهات والقواعد والتطور الاقتصادي على التوازن الطبقي في البلاد.
كما دعا الى ضرورة أن تفرض الحكومة نهج شديد الانحياز للعدالة الاجتماعية، وهذا يتطلب بحثا دائما في المداخيل والبطالة والفقر والأجور.
وشدد أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك د قاسم الحموري، على أنّ أكثر ما يؤثر على الطبقة الوسطى اليوم هو ضريبة المبيعات التي باتت تستنزف دخولها وتحرمها من الادخار الذي يتحول فيما بعد الى استثمار، وبالتالي فإنّ على الحكومة أن تقلل من ضريبة المبيعات بما يخدم ويحفز الاقتصاد.
وقال إنّه لا بد من إعادة النظر في شرائح ضريبة الدخل لكي تصبح أكثر اتساعا، فيما تفرض النسب الأعلى للضريبة على الشرائح ذات الدخول الأعلى والنسب الأقل على الشرائح ذات الدخل الأقل.
وأشار الحموري الى ضرورة التركيز على نوعية الخدمات المقدمة من القطاع العام لا سيما التعليم والصحة، والتي من شأنها أن تعوّض الطبقة المتوسطة عما تنفقه على هذه القطاعات مقابل الحصول على خدمات ذات نوعية جيدة.
وكانت دراسة الطبقة الوسطى الأخيرة (2010)، أشارت إلى أنّ نطاق الإنفاق الشهري لهذه الطبقة يقدر ما بين 813.5 و1112.3 دينارا شهريا (حجم الأسرة المعياري 4.7 أفراد)، أما الطبقة محدودة الدخل فقد كان نطاق إنفاقها ما بين 500.6 دينار و813 دينارا شهريا (حجم الأسرة المعياري 6 أفراد)، أما الطبقة الفقيرة (دون خط الفقر) فقد قدر إنفاقها بأقل من 500.5 دينار شهريا (حجم الأسرة المعياري 7.4 أفراد).
فيما كانت دراسة الطبقة الوسطى للعام 2008 قد حددت نطاق الإنفاق الشهري للأسرة من هذه الطبقة ما بين 510 و1.020 دينار شهريا، وتشكل 41 % من المجتمع، والطبقة ذات الدخل المحدود (تحت الطبقة الوسطى) يتراوح إنفاقها ما بين 402 و657 دينارا شهريا، وتشكل 37.5 %. أما الطبقة تحت خط الفقر التي تشكل 13.3 % من المجتمع، فيقدر إنفاقها بأقل من 680 دينارا شهريا.الغد