نايف أبو عبيد يحاضر حول تجاربه في الثقافة والإعلام والشعر
أبو عبيد: الإعلام الإذاعي يمكنه المساعدة في رسم إطار للهوية الثقافية الأردنية
أبو عبيد: رسالة الشعر تشمل حمل قضايا الناس وهمومهم، والسياسة تفسد الثقافة
د. أبوحمور: تجارب أبو عبيد شهادة من مثقف أردني واكب التغيرات والتحولات في الثقافة والمجتمع

مرايا – استضاف منتدى الفكر العربي مساء يوم الأربعاء 17/10/ 2018 الأديب والشاعر والإعلامي الأستاذ نايف أبو عبيد في محاضرة له تناول فيها عدداً من تجاربه في الثقافة والإعلام والشعر عبر مسيرة حياته وخبراته المتنوعة على مدى حوالي 60 عاماً حتى اليوم، بدأها معلماً ثم موظفاً ومدرباً في حقل الإرشاد الريفي سنة 1959، وعمل في الاتحاد التعاوني الأردني عند إنشائه في تلك الفترة، كما تنقل في مواقع وظيفية أخرى منها بلدية إربد حيث كان مديراً للسوق المركزي وساهم في تطوير أعمال هذا السوق، ومن بعدها الإذاعة الأردنية مسؤولاً عن البرامج الثقافية والدرامية ورقابة النصوص الغنائية. كما ساهم في الحياة الثقافية الأردنية وأصدر مجموعة من دواوين الشعر بالفصحى والعامية، إضافة إلى دراسات حول الشعر الشعبي في شمال الأردن، والأدب والثقافة في الأردن، وسيرته الذاتية تحت عنوان “من حصاد العمر”.

أدار اللقاء الأمين العام لمنتدى الفكر العربي د. محمد أبوحمور الذي أشار في كلمته التقديمية إلى أن هذه المحاضرة تمثل قسماً من أنشطة المنتدى الثقافية المعنية بالتعريف بتجارب متميزة في مختلف ميادين الخدمة العامة، ولا سيما تلك التي ينتج عنها أفكار ورؤى جديدة يمكن أن تستفيد منها الأجيال القادمة؛ وقال: إن الخبرة الإنسانية هي خبرة متراكمة يمكن استلهام العبر والدروس منها.

وأضاف د. أبوحمور أن الأستاذ أبو عبيد بما يمثله من قيمة ثقافية أردنية عاش حياته مرتبطاً بالواقع المعاش وهموم الناس، وظل في كتاباته وأشعاره صوتاً صادقاً في التعبير عن المواقف الوطنية والقومية، وتمثل تجاربه نماذج من حلقات تاريخ الأردن المعاصر وكفاح جيل شارك في بناء الوطن وتطوره، كما تعد كتاباته شهادة من مثقف أردني من الرواد الذين واكبوا التغيرات والتحولات في الحياة الاجتماعية والثقافية والعامة.

ومن جهته، تحدث الأستاذ نايف أبو عبيد عن نشأته ودراسته في مدينتي الحصن وإربد، وقدم لمحات عن الحياة في الأردن خلال مرحلة الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، وتطرق إلى أثر النكبة الفلسطينية الأولى عام 1948 على المثقفين الأردنيين الجامعيين خريجي جامعات مصر وسوريا والعراق واتجاهاتهم الفكرية والسياسية التي توزعت ما بين اتجاه ديني وقومي وماركسي، ودور المدارس والإرساليات في التعليم الحديث ولا سيما في الحصن، وكذلك دور الشعر والنشاط الثقافي المحلي في وعي المرحلة من خلال المضامين الاجتماعية والوطنية والقومية.

كما تطرق إلى تجربته في الغرب والتعرف إلى أفكاره وانطباعاته حول العرب وقضاياهم خلال فترة إيفاده إلى الولايات المتحدة للدراسة في المعهد التعاوني الدولي بجامعة ويسكنسن.

وعن تجربته في الإذاعة الأردنية ذكر أنه منذ تسلم مسؤولية البرامج الثقافية والدرامية عمل على رفع نسبة البث الثقافي من 3% إلى 18%. وكانت رؤيته تقوم على أن الإعلام الإذاعي بإمكانه المساعدة في رسم إطار للهوية الثقافية الأردنية المستندة إلى التراث والمعاصرة، سواء من خلال الحديث أو الندوة أو البرنامج أو القصيدة أو الأغنية والموال الشعبي.

يذكر أن الإذاعة والإعلام الأردني منذ الخمسينيات والستينيات وفي فترة ازدهاره في السبعينيات وما بعدها، كان بمثابة بيئة ثقافية ناشطة، استطاعت أن تساهم في خدمة قضايا التنمية ومختلف القضايا الوطنية، وأن تكوّن جسراً للوعي العام وللتواصل بين الناس وصانعي القرار، وشهدت قبل أن ندخل عصر الإعلام الفضائي تجارب موفقة ومتميزة في إقامة حوار بين المواطنين والمسؤولين. وهذه تجارب تستحق أن توثق وأن تُدرَس وأن يتعرف إليها الجيل الجديد من الشباب والإعلاميين على حدٍ سواء.

وتناول في محاضرته ألواناً من الحياة في مختلف مناطق الأردن التي عمل بها، حيث عاش في أمكنة في الأردن وفلسطين، ومنها مدينة القدس التي ما زالت تسكن وجدانه، كما زار بلداناً عربية وأجنبية في الشرق والغرب. كما تحدث عن مواقفه حول القضايا المحلية والعربية التي عاشها وتفاعل معها.

وحول تجربته الشعرية أوضح أن الشعر ليست رسالته فنية فقط ولكن له رسالة أيضاً في حمل قضايا الناس وهمومهم، وقال: إن السياسة تفسد الثقافة، وأن الشعر مناضل سلاحه الكلمة النظيفة والموقف النظيف. وعن تجربته في كتابة الشعر الشعبي، أشار إلى أن أول دواوينه في هذا النوع من الشعر صدر عام 1967 تحت عنوان “هرجة وحكايا ليل”، وله ثلاثة دواوين أخرى بالمحلية الأردنية، ويرى أن اللغة الفصحى وعاء حضارة الأمة ولا يجوز إهمالها، وأن العامية موجودة منذ وجد الإنسان على الأرض ولا خطورة منها على الفصحى، فالعربية امتازت بأن القرآن الكريم حافظ لها.

وبرأيه كذلك أن الشاعر لايقع ضمن دوائر التخصيص، ولا فرق بين قصيدة كتبت بالفصحى أو بالعامية، وبالكلاسيكي أو الحديث، فالقصيدة الناجحة هي قصيدة مهما كان لونها وشكلها، وإقبال الجماهير على الشعر المحكي يدعونا إلى إعادة النظر في النص الشعري الذي يجب أن لا يكون نوعاً من الطلاسم الشعرية التي نفَّرت الناس من الشعر الفصيح وجعلتهم يلوذون بالشعر العامي.