الصحافية رلى السماعين تحاضر في منتدى الفكر العربي عن التجربة الأردنية في الحوار بين أتباع الأديان ونموذج العيش المشترك
السماعين: التنوع الثقافي والوحدة المجتمعية وحياتنا التشاركية كنز بين أيدينا يجب الحفاظ عليه
السماعين: الحوار بين اتباع الأديان هو أحد متطلبات العصر ضد انتشار الكراهية ومن أجل قوة الوحدة
د. أبوحمور: الأردن نموذج مشرق في العيش المشترك والحوار القائم على جوهر الرسالات السماوية

مرايا – استضاف منتدى الفكر العربي بالتعاون مع المعهد الملكي للدراسات الدينية، مساء الأحد 18/11/2018، الصحافية في جريدة “جوردان تايمز” والكاتبة رلى هاني السماعين في محاضرة ألقتها حول تجربتها الإعلامية الميدانية الأولى من نوعها في دراسة وتوثيق منجزات الأردن في الحوار بين أتباع الأديان ونموذج التعايش المشترك، والتي أثمرت كتاباً باللغة الإنكليزية صدر العام الماضي بعنوان “حصن السلام” “Fortress of Peace : Jordan Interfaith Drive and Model of Coexistence “.

أدار اللقاء وشارك فيه الأمين العام لمنتدى الفكر العربي د. محمد أبوحمور الذي قال في كلمته التقديمية: إن هذا اللقاء يأتي بعد أيام قليلة من تسلُّم جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم جائزة تمبلتون تقديراً لجهود جلالته وريادته في مضمار نشر وتحقيق الوئام الديني، وتعزيز القوة الرمزية لمبدأ التعددية الدينية التي تحترم الاختلاف، مقدماً التهنئة والتبريك لجلالته وللشعب الأردني بهذا التكريم العالمي، الذي يؤكد أن الأردن قدم نموذجه المشرق في واقع العيش المشترك والحوار القائم على الفكر المستنير بجوهر الرسالات السماوية، وقيم حب الخالق عزَّ وجلّ، واحترام الشريك والجار، ومحبة الخير للبشر والعالم، والرغبة في السلم والعلاقة الصحية السليمة بين أبناء الوطن والإنسانية وشركاء المصير الواحد، من خلال مبادرات جلالة الملك المتمثلة في “رسالة عمّان” عام 2004، ومبادرة “كلمة سواء” عام 2006، وأسبوع الوئام بين الأديان.

وأشار د. أبوحمور إلى أن جهود جلالة الملك عبد الله الثاني توّجت دور الأردن الكبير على المستوى الدولي في مأسسة الحوار بين أتباع الأديان والمذاهب؛ ومستذكراً في هذا المجال جهود المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، والجهود الموصولة لسمو الأمير الحسن بن طلال في إطلاق الحوار الإسلامي – المسيحي والحوار بين المذاهب، واستناداً إلى القواسم المشتركة بين أتباع الأديان، وتأكيد دور الدين كعامل إلهام لأتباعه في تعزيز الهوية الجامعة وضمان الخصوصية، وتحقيق التقارب مع الأديان الأخرى؛ مشيراً أيضاً إلى أن الارتباط بين الخصوصية والهوية الجامعة هو من دعائم تعزيز المواطنة، والتعددية والتوافق المجتمعي، وقبول الآخر على المستوى الإنساني الواسع، وهو شرط موضوعي للتنمية بمجالاتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والحفاظ على كيان الأمة ووحدتها في مواجهة التطرف والظلامية والإرهاب، واستثمار التنوع والتعددية كمصدر إثراء وقوة.

ووصف د. أبوحمور إنجاز الصحافية رلى السماعين بأنها قدمت عملاً يخدم رسالة أمتها ووطنها بخطاب فكري يعتمد على المعايشة الواقعية لموضوع البحث، والرصد التحليلي الأمين والدقيق لملامح الإنجاز الفكري والحضاري الذي حققه الأردن في مجال حوار أتباع الأديان والعيش المشترك، وأبرزت أهمية الموضوع وضروراته الفكرية والتنموية والإنسانية.

وفي محاضرتها قالت الصحافية رلى السماعين: إننا في الأردن أثبتنا صمودنا وتضامننا في أكثر من موقف، ولا سيما منذ بدايات ما أطلق عليه الربيع العربي؛ مؤكدة أن مهمة الصحافي تكمن في السعي لإحداث تغيير إيجابي ونقل الواقع بأمانة وتجرد، مع الحفاظ على إشراقة الأمل في عالم تطغى عليه النزعة المادية. وأضافت: نحن بحاجة الى قدوة حاضرة نستحضرها في مناهجنا ليقتدي بها شبابنا، وبحاجة إلى حركة مجتمعية ونهضة للحفاظ على وحدة مجتمعنا، التي هي سندنا في أثناء الفترات الصعبة، وعلينا أن نعزز هذه الوحدة ونطورها ونبني عليها، وأن ندرك الكنز الذي بين أيدينا المتمثل في التنوع الثقافي والوئام المجتمعي وحياتنا التشاركية المستهدفة ممن تتعارض أجنداتهم مع هذه الوحدة،

وأشارت السماعين إلى أهمية القوانين في مكافحة الإرهاب والفساد، مشيرةً إلى أن الأهم هو إيجاد المواطن الذي يحترم القوانين ويطبق مفهوم المواطنة الصالحة في حياته ويحترم الآخر، ويدرك ويطبق أسس الحوار الراقي العقلاني لنحصل على مجتمع سوي سمته الصلاح لا الفساد. وأوضحت أن الحوار بين اتباع الأديان هو أحد متطلبات هذا العصر لصد انتشار الكراهية والتفتت والتقسيم، والعمل بكل الجهود الممكنة لإحلال السلام برغبة حقيقية.

وأضافت أن القيادة الهاشمية ظلت متقدمة بخطوات كبيرة في هذا المضمار، وأن “رسالة عمّان” تحمل في نصها فهماً واضحاً لحقيقة الإسلام، ولما هو مناقض لهذه الحقيقة مما يؤدي إلى تقسيم الناس طائفياً ودينياً، كما حدث في بعض الدول بالمنطقة. لكن الأردن، كما هو شأنه دائماً، نجا من هذه الدوامة، وصار للحديث عن العيش المشترك والحوار بين أتباع الأديان طعم آخر وغاية لوجوده، فاستؤنفت الجهود في هذا المضمار بزخم جديد ورؤية أوضح.

وقالت: إن الجهود الأردنية بمواقفها الناضجة والمشتركة انطوت مهمتها على تحد أكبر لنقل صورة نموذج الحوار والتعايش والوئام للعالم، وليس فقط دفاعاً عن الإسلام أمام موجة من رهاب الإسلام (إسلاموفوبيا) والصور النمطية التي تتعلق به، بل في إبراز أهمية الوجود المسيحي التاريخي المتأصل في المنطقة، مما عبر عنه جلالة الملك عبد الله الثاني بقوله إن “المسيحيين الأردنيين جذورهم عميقة في البلاد وحماية حقوقهم واجب ديني”، وإن المسيحيين العرب “هم الأقرب لفهم الإسلام وقيمه “.

وأشارت السماعين إلى أن هدفها من كتابها “حصن السلام” الذي ستصدر نسخته العربية قريباً هو إظهار الأردن المميز بالتنوع فيه مما يعد مصدراً للإثراء الحضاري ومحركاً إيجابياً للمجتمع نحو التطور والتقدم، وكذلك إبراز دور الأردن التاريخي في توثيق الأواصر بين العرب والمسلمين بما في ذلك المكوّن المسيحي، والعالم أجمع.

وأشارت إلى أنها في كتابها الذي تضمن مخرجات جهود الحوار الديني في الأردن، أوضحت سبل ما يجب القيام به لضمان النجاح المطلق للتجربة، وأن الطريق لا يزال طويلاً وأن المعركة من أجل السلام سوف تستمر.

وختمت السماعين محاضرتها بالقول: أتقدم لجلالة الملك والشعب الأردني بالتهنئة على اختيار جلالته لجائزة تمبلتون العالمية، والتي قبلها جلالته باسم كل الأردنيين، لأنهم ساهموا في حمل هذا المشعل الذي أنار طريقنا. وأضافت أن القيادة الهاشمية في بلدنا تستحق أن تعطى الفضل لما أنجزت، ولأن المبادرة أصلاً جاءت من هذه القيادة في حوار أتباع الأديان، وفق الفصل الذي تناولته عن فلسفة الهاشميين في كتابها، والمقابلات العديدة التي أجرتها مع شخصيات دينية وثقافية أردنية وعربية وأجنبية من مسلمين ومسيحيين، والرحلات الاستقصائية التي قامت بها ومن بينها رحلتها إلى الفاتيكان وبريطانيا، والتي انعكس في نتائجها صورة العلاقة الفريدة بين المسلمين والمسيحيين في الأردن بما تميزت به من دفء وتماسك عبر التاريخ.