مرايا – تعرضت شركة “واتساب” المملوكة لـ”فيسبوك”، لاختراق من شركة إسرائيلية، وفق ما أكدته الأخيرة رسميا، ما يثير تساؤلات عن نشاط هذه الشركة ومن المستفيد من اختراقاتها.

وكانت “واتساب” قد أعلنت أنها عالجت الخلل الأمني الكبير الذي عثرت عليه في تطبيق الرسائل والاتصالات الذي يحمل اسمها، الذي سمح لقراصنة بتثبيت برنامج تجسس على هواتف “آيفون”.

وقالت إن الهجوم استهدف عددا محددا من الأشخاص.

وأكدت الشركة أنها اكتشفت قبل 10 أيام أن شركة “NSO” الإسرائيلية التي تعمل في برمجيات التجسس، زرعت برنامجا في هواتف عدد من الأفراد عبر خاصية الاتصال في واتسآب، حتى وإن لم يرد صاحب الهاتف على الاتصال الذي يختفي من سجل الاتصالات في الهاتف المستهدف كي لا يثير انتباه صاحبه.

وتقول الشركة التي مقرها “إسرائيل”، وتملكها شركة أمريكية، إنها تعمل في مجال إنتاج التجهيزات المستخدمة في محاربة الجريمة والإرهاب، لكن خبراء الأمن يقولون إنها تاجر أسلحة الفضاء الافتراضي، السايبر.

وبحسب ما نشرته هيئة “بي بي سي” البريطانية، هذه النص الكامل للمعلومات المتوفرة عن الشركة الإسرائيلية التي أطلقت برنامج “بيغاسوس” للتجسس الذي يرتبط اسم الإمارات والسعودية به:

تأسيسها

تأسست الشركة عام ،2010 ومقرها في مدينة هرتسيليا (سيدنا علي) في تل أبيب، ومالكتها “شركاء فرانسيسكو” الأمريكية، وتقدر قيمتها السوقية في الوقت الراهن بحوالي مليار دولار.

سلاح متطور

وكان المحامي الإماراتي المعارض والناشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان أحمد منصور، قد تلقى رسالة نصية على هاتفه جاء فيها أن المرسل لديه أدلة على عمليات التعذيب السرية التي تجري في سجون الإمارات العربية. لكن منصور ارتاب في الأمر، ولم يفتح الرابط المرفق بالرسالة بل حوّلها إلى الخبراء في مختبر “سيتيزن لاب” في كندا، الذي يعمل في هذا المجال.

واكتشف الخبراء أن الضغط على الرابط يجعل الهاتف أداة للتجسس على صاحبه عبر كاميرا الهاتف والمايكروفون، ويمكن للجهة المرسلة للرابط الوصول إلى كل ملفات الهاتف بما فيها الرسائل النصية والصور والبريد الإلكتروني.

وتبين للمختبر أن برنامج القرصنة المرسل لأحمد منصور هو من أكثر البرامج تطورا وتعقيدا، ولم يسبق أن شاهدوا مثيلا له، وتأكدوا من أن “NSO” هي التي أنتجت هذا “السلاح المتطور”.

وبحسب مؤشر المراقبة الدولي، فإن وحدة النخبة في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية التي تحمل رقم 8200 هي التي مولت الشركة لدى انطلاقها.

وترى مجلة “فوربس” أن الوحدة 8200 لعبت دورا بارزا في الهجوم الإلكتروني الذي تعرض له البرنامج النووي الإيراني قبل سنوات باستخدام فيروس “Stuxnet”، وكان الهجوم ثمرة جهد مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

تجسس السعودية

وكان المعارض السعودي، عمر عبد العزيز، المقيم في كندا قد رفع دعوى ضد الشركة، واتهمها بمساعدة الحكومة السعودية في التنصت والتجسس عليه، ومراقبة الرسائل التي تبادلها مع الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي، الذي قُتل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول قبل أشهر عدة.

وقال عبر صفحته على “تويتر”: “دفعت السعودية أكثر من 55 مليون دولار لشركة إسرائيلية للتجسس علي وعلى نشطاء آخرين .. اليوم نقاضيها أمام المحاكم”.

وقالت صحيفة “نيويورك تايمز”، إن هذه الدعوى تمثل خطوة إضافية ضد الشركة والحكومة الإسرائيلية التي منحت الشركة تراخيص لبيع برنامج “بيغاسوس” إلى الحكومات الأجنبية.

وتستخدم الشركة الآن النسخة المحدثة من هذا البرنامج الذي يحمل رقم “Pegasus 3″، وبمجرد الاتصال عبر تطبيق “واتساب” في أي هاتف يتم اختراق الهاتف عبر زرع هذا البرنامج في الهاتف المستهدف، ويمكن عبره الوصول إلى كل الملفات واختراق كل الإجراءات الأمنية التي طورتها شركة آيفون لحماية هواتفها.

وإضافة إلى الدعوى التي رفعها عمر عبد العزيز في كندا، هناك دعاوى ضدها في كل من قبرص وإسرائيل رفعها مواطن قطري، ومجموعة من الصحفيين والنشطاء المكسيكيين، الذين وقعوا ضحايا تنصت ومراقبة عبر برمجيات تصدرها الشركة الإسرائيلية.

ونشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أواخر العام الماضي، تقريرا مطولا عن الشركة، وتعاملها مع السعودية، تحت عنوان: “شركة برمجيات إسرائيلية تفاوضت مع السعودية لبيعها برامج قرصنة إلكترونية متقدمة”.

وورد في التقرير، أنه قبل أشهر قليلة من حملة الاعتقالات الواسعة التي طالت المئات من الأمراء ورجال الأعمال، عرضت الشركة على المخابرات السعودية برامج لقرصنة الهواتف النقالة.

وقالت الشركة الإسرائيلية، إن كل أنشطتها تتماشى مع القانون والبرامج التي تنتجها تستخدم لمكافحة الجريمة والأنشطة “الإرهابية”.

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن أول اجتماع عقد بين مسؤولي الشركة وكبار الضباط في المخابرات السعودية كان في العاصمة النمساوية، فيينا، أواسط عام 2017، إذ عرضت الشركة على الجانب السعودي برنامج Pegasus 3.

برهان عملي

وأوردت الصحيفة أنه بهدف إقناع الجانب السعودي بالقدرات المتطورة لهذا البرنامج، طلب الجانب الإسرائيلي من عضو الوفد السعودي، ناصر القحطاني، الذي قدم نفسه بأنه نائب رئيس المخابرات السعودية، الذهاب إلى مركز تسوق قريب من مكان اللقاء وشراء هاتف آيفون، وإعطائهم رقم الهاتف.

وبعدها، شاهد الوفد السعودي كيف تمكن الإسرائيليون من قرصنة الهاتف والتنصت على الاجتماع وتصوير الحضور.

وفي نهاية المطاف، وبعد اجتماعات عدة إضافية، اشترى السعوديون نسخا من هذا البرنامج بقيمة 55 مليون دولار.

وقالت الصحيفة إن السعوديين طلبوا شراء 23 نسخة من هذا البرنامج لقرصنة هواتف المعارضين السعوديين في الداخل والخارج.

ثغرات

وحققت الشركة التي أسسها ويديرها الإسرائيليان أومري لافي وشاليف هاليو، أرباحا طائلة. وارتبط اسمها بحكومات دول تشهد انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان. ورغم أن برامج الشركة تستخدم بحجة مواجهة أنشطة الجريمة والإرهاب، لكن الكثير من الحكومات تستخدمها في التجسس على معارضيها والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان.

وباعت الشركة نسخة قديمة من البرنامج لحكومة المكسيك عام ،2012 بهدف التصدي لعصابات تجارة المخدرات في البلاد، لكن صحيفة “نيويورك تايمز” قالت في عام 2016 إن السلطات استخدمت البرنامج للتجسس على صحفيين ومحامين معارضين.

الادور الإماراتي

وذكرت “نيويورك تايمز”، أن الإمارات اشترت من الشركة برامج ساعدتها في التنصت على زعماء دول مجاورة، ورئيس تحرير إحدى الصحف العربية في العاصمة البريطانية.

وتعامل الحكومة الإسرائيلية منتجات الشركة مثل أي شركة مصدرة للسلاح، إذ تشترط عليها الحصول على تصريح من وزارة الدفاع لتصدير أي من منتجاتها إلى الخارج.

وقالت الصحيفة في شهر آب/ أغسطس 2018، إن دولة الإمارات العربية المتحدة تستخدم برامج قرصنة منذ أكثر من عام، ونجحت في تحويل هواتف معارضيها في الداخل وخصومها الإقليميين إلى أجهزة تجسس عليهم.

وأوضحت الصحيفة أن “NSO” هي مصدر هذه البرامج، وأضافت أن من بين الوثائق التي تضمنتها الدعاوى المرفوعة ضد الإمارات، رسائل بريد إلكتروني، أرسلها مسؤولون إماراتيون إلى الشركة يستفسرون فيها عن إمكانية “تسجيل مكالمات أمير قطر وأمير سعودي متنفذ يقود الحرس الوطني السعودي، ورئيس تحرير صحيفة عربية تصدر في لندن”.