مرايا – كتب:عمر كلاب – “ في كل معركة شيء من سابقتها “ ولعل هذا الشيء هو الذي يمنح المعركة اسباب هزيمتها او ملمح تحقيق اهدافها , رغم ان ما يدور في بعض المحافظات ليس معركة , فهو تعبير صادق عن اوجاع شعبية ساهمت عوامل متعددة في رفع منسوبها وازدياد الوجع الاقتصادي على حساب الوجع السياسي الذي اعتدناه ربما , ومن هنا لا بد من قراءة شكل وواقع المعركة السابقة اثناء ما كان يُعرف بالربيع العربي , حيث كانت المطالب الاصلاحية وتعظيم المشاركة الشعبية في القرار السياسي هي ابرز المطالب , تليها الاصلاحات الاقتصادية واليوم الصورة معكوسة حيث مطلوب اصلاح اقتصادي جذري مترافق مع اصلاحات سياسية ترعى لقمة العيش والاحوال المعيشية وتراعيها .
هذا الاختلاف الجوهري يتطلب تحديد وتنويع الادوات وعدم الالتفات الى الادوات, وبملاحظة سريعة نعترف بنجاح ساكني الصفوف الاولى في الحراك السابق بتحقيق اهدافهم, ان كانت مناصب رسمية او مقاعد برلمانية واقلهم حصل على عضوية لجان في وزارات نافذة, وأخشى ان يتصدى فلول الحراك السابق الى التسلق على اكتاف الاواجع الشعبية وعلى الاحتجاجات الصادقة , لتحقيق ما عجزوا عن تحقيقه في السابق , وهناك بوادر لذلك حيث بدأت فيديوهات قديمة بالظهور ورسائل الكترونية تدّب فيها الحياة مجددا لمقاصد مشكوك فيها وكان ثمة تجربة يجب البقاء في عوالمها وعدم السماح لجيل جديد بالنفاذ والتعبير عن اوجاعه بطريقة حضارية تكشف حجم الحرص على المنجز الوطني والممتلكات الوطنية .
الاحتجاجت الاخيرة على الظروف المعيشية الصعبة , أخذت شكلا متميزا , من حيث المطالب وادوات التعبير عنها , وظهر بوضوح حجم الاستفادة من التجارب السابقة وعدم الانزلاق الى التعابير الخشنة والصدامات مع الاجهزة الشُرطية والامنية , وهذا ازعج محترفي الحراك السابقين الذين ساءهم خروجهم من المشهد وبروز قادة مجتمع من جيل شاب يدرك بالضبط ما يريد ويسعى الى ارادته بوعي وانضباط وطني , فلجات اصوات تنتمي الى الماضي وادواته وتمويله لتعكير هذه الاواجاع الصادقة والدس عليها وفيها من اجل استعادة الحضور .
لا اقوم بدور الناصح , بل بدور الذي يلقي الضوء فقط , وعلى الناشطين رؤية المشهد فيقبلون او يرفضون , فانا لست متيقنا من قدرة جيلنا على احداث التغيير المنشود او القدرة على مواجهة الادوات الجديدة , فنحن جيل الهزائم والعجز وقلة الحيلة , واحلم بأن ارى هذا الجيل الجديد قادر ومتمكن من ادواته ومستقبله, واخشى ان ينجح مستثمرو الحرائق في ركوب موجتهم والانقضاض على نشاطهم لحرفه عن مقاصده, فالامل الا يتشيطن الوجع الشعبي والمعبرون عنه على ايدي من قايضوا علينا وعلى اوجاعنا وحافظوا على اجندتهم الخاصة .
omarkallab@yahoo.com