مرايا – كتب : عمر كلاب – شحيحة هي المبادرات السياسية المطروحة على المائدة الوطنية للحوار او للترفيع كبرنامج عمل ، وهذا سبب رئيس في غياب الحوار الوطني المُنتج وركن في فقدان البوصلة السياسية ، رغم محاولات خجولة لمبادرات ، ومنذ بزوغها تحت قبة البرلمان الماضي ، وكتلة مبادرة تسعى الى وضع بصمة لها في الاداء النيابي البرامجي ، نختلف مع بنود ونتفق مع بنود ، لكنها حافظت على رزانة في السلوك والاهم حافظت على استمرارية الحضور ، وتلك نقطة تسجّل لهذه الكتلة التي خسرت رموزا تحت القبة لكنها حافظت على سيرورتها السياسية ووجودها بل قامت مؤخرا بتثقيف برنامجها طارحة مشروعا جديرا بالملاحظة والمثاقفة الفكرية والسياسية دون انحيازات مسبقة ودون تصفيات ايضا .
تسع نقاط طرحتها الكتلة في مؤتمر صحفي عقدته رئيسة الكتلة كاسرة ابتداء ظاهرة ذكورة الرئاسة رغم تأنيث الرئاسة ذاتها ، ولعل هذا السلوك الرشيد من الكتلة يمنحها تأشيرة القبول في المنحى الاداري والهيكل التنظيمي ، فليس سهلا في مجتمع ذكوري وعقل جمعي لا يحمل ودا لتاء التأنيث ، السماح لسيدة بالرئاسة حتى لو كانت جمعية خيرية مختلطة ، وما طرحته الكتلة من نقاط يحتاج الى مراجعة ومناقشة مستفيضة ، تحديدا في باب التشابك والتوافق مع الحكومة في المرحلة القادمة وإن كان الاجدر ان يكون التوافق مربوطا بالتشارك بعد الاشتباك والتشابك ، فالقرار التوافقي يعني ان يتحمل كل طرف وزر رأيه وبرنامجه ، فهل الحكومة جاهزة للاستماع والتشابك والتشارك بعد التوافق ، سؤال تبدو الاجابة عليه بوابة لبناء منهج جديد في العلاقة بين البرلمان والحكومة تمهيدا لتغيير النهج السياسي في انتخاب مجلس النواب واختيار رئيس الوزراء .
الكتلة في برنامج عملها قفزت واظنها بوعي عن مفصل اختيار رئيس الوزراء بحكم انها تتحدث عن المنهج الذي سيحكم عملها ، ولا تتحدث عن النهج لغاية في نفس يعقوبها ، لكن ذلك لن يُعفيها من الدخول في هذا المضمار برأي واضح كي يتمكن المراقب والمواطن من تحديد مسافة الاقتراب او الابتعاد عن الكتلة والتفاعل معها ، فهي كما طرحت فكرة الاشتباك الايجابي مع الحكومة عليها ان تمنهج الاشتباك مع المواطن ، وهذا بيت القصيد في كتلة اجتازت حاجز النقلتين في الحياة البرلمانية فهي بدأت في البرلمان السابع عشر وهي الان في البرلمان الثامن عشر ، والمعروف ان اللحن والنصر يحتاجان الى نغمتين او نقلتين متصلتين لاكتساب شهادة المنشأ والاعتمادية الشعبية والرسمية وحتى اللحظة هي نجحت في الاعتمادية الرسمية لأن اشتراطات الاعتمادية الشعبية تحتاج الى النقلة الثالثة وهي الحزب السياسي .
المبادرة ما زالت تتحرك بمراحل داخل الطور الاول او الطور الواحد وهذا لا يكفي ، وعليها ان تنتقل من طور الاداء البرلماني الى طور الاداء الحزبي ، لاكمال شهادة المنشأ والاعتمادية ، خاصة وان فكرة الاشتباك الايجابي القائمة على برامجية واضحة مفقودة في الحياة الجمعية ، ويعيش انصار هذا النهج حالة تشرذم واضحة ولولا خشية لقلت انهم يعيشون كفلول داخل المجتمع ، يحاولون قدر المستطاع إسماع صوتهم ويخشون خوض اي مواجهة او اشتباك ، بحكم تماسك الخصوم وجهوزية التهم لكل من يحاول تغيير النهج القائم ، بعد ان افرز نخبة متمسكة بالمواقع وممسكة على عنق الحالة الوطنية واي تغيير يعني خسارتها لمواقعها او على الاقل الدخول في منافسة شرسة مع انصار النهج الجديد .
النقاط التسع التي طرحتها كتلة المبادرة توافقية الى حد كبير ، لكن اختبارها الحقيقي مرهون بالاداء تحت القبة وطبيعة وشكل الاشتباك مع الحكومة والاهم انتقالها الى الطور الثاني اي الطور الحزبي وعكس ذلك فهي تحمل بذور فنائها كأي فكرة فوقية او تجمّع نخبوي يشترط الوصول الى القبة للحصول على العضوية ، وهذا مرفوض من المبادرة ومن الحريصين عليها .
omarkallab@yahoo.com