هدوء نمو ، فزعة المقاولين ، دعم شبيلات ونكاية بني ارشيد ..احكمت الكمين
سمارة نجح في رسم الكتلة ومسعد اضافة بنكهة عمانية
المحافظات قالت ” لا ” غاضبة للاخوان والزرقاء صمتت
الاسلاميون خرجوا عن طورهم والفاظ نابية بحق الخصوم

مرايا – كتب : عمر كلاب – كان على جماعة الاخوان المسلمين قراءة انتخابات مجلس طلبة الجامعة الاردنية وكثير من المجالس الطلابية , واستلهام العبر منها قبل خوض انتخابات نقابة المهندسين , بهذه الجملة المفتاحية استهل اكاديمي بارز بوزن الدكتور اخليف الطراونة تحليله لانتخابات نقابة المهندسين , والرجل خبير بالموارد البشرية وادارتها , رغم جلوسه اليوم في المقاعد الخلفية سواء في مؤسسته العائلية التي تمارس كل صنوف الانتخابات او في عقل السلطة الذي يتجاهل عن قصد كفاءة الرجل ومهارته .
واستيقظ الاردن على زلزال بقوة سبع درجات على مقياس ريختر السياسي , بفوز قائمة ” نمو ” واكتساحها مقاعد نقابة المهندسين المعقل التاريخي لتيار الاسلام السياسي الاردني بنسخته التقليدية , الذي مُني بهزيمة نكراء , فقد فازت نمو بسبعة مقاعد من اصل سبعة تقدمت القائمة بها اي بنسبة نجاح بلغت 100% , مقابل اربعة مقاعد لتيار الاسلام السياسي، لم تنجح قائمة نمو لظروف انتخاب الشعب من التقدم بمرشحين على مقاعدها , لكن الاغلبية اليوم لقائمة نمو التي استهلت فوزها في هيئة المكاتب الهندسية بفوز مرشحها عبدالله غوشة برئاستها .
قراءة الانتخابات تنطوي على مغامرة سياسية , ليس بحكم النتائج الرقمية المعلنة , بل بحكم التفاعلات التي افرزت هذا الفوز , والتي اختلط بها السياسي مع المهني والاسلامي مع الليبرالي والعلماني , مما استوجب خروج الاسلاميين عن طورهم وكيل الاتهامات للجميع ووصفهم بعبارات غير لائقة مثل الملحدين والمثليين وابناء الطوائف , كما نشر النائب سعود ابو محفوظ على صفحته الشخصية في منشور غاضب وخارج عن المألوف السياسي المعروف , استوجب ان يتصدى له النائب الاسبق ليث شبيلات ويرد عليه بنهج سياسي ديني رفيع , وشبيلات نقيب سابق للمهندسين باغت الجميع بموقفه المعلن مع تيار نمو .

تحالفات لا تخلو من مهارة وغرابة ايضا ساهمت في حسم النتيجة الملفتة لتيار نمو , فقد دخل المقاولون على خط اانتخابات المهندسين بكثافة غير مألوفة او غير مستثمرة سابقا , حيث نجح النقابي العتيق احمد يوسف الطراونة في تحييد كل التأثيرات الرسمية عن المشهد لصالح ادارة الملف بمهنية انتخابية مسنودا بحليفه التاريخي احمد اليعقوب نقيب المقاولين الحالي , وراقبت الانباط حركة كثيفة لطاولة المقاولين يوم الاقتراع وشهدت تحركات سابقة ايضا لاعضاء مجلس نقابة المقاولين , اثمرت عن هذا الاختراق الكبير لقائمة نمو في المحافظات مستثمرة نقابة المقاولين مشاريعها المنتشرة في المحافظات البعيدة حصريا , فمحافظتا معان والطفيلة على سبيل المثال , تعيشان اليوم على ايقاع مشاريع الطاقة البديلة , وكذلك محافظات الشمال .
سلوك احمد سمارة الزعبي ونائبه فوزي مسعد الانتخابي كان لائقا ومحترفا , وكلاهما يملك مفاتيح مهمة بحكم التجربة والوظيفة , واختيار مسعد لقائمة نمو تعبير ذكي من سمارة الذي راهن على جذب عمان عبر احد ابنائها وابرز مهندس في امانتها ايضا , ويملك مسعد علاقات طيبة مع الجميع ولعل ذلك اسهم في استقطاب قامة نقابية من العيار الثقيل في نقابة المهندسين اسمها ليث شبيلات لدعم تيار نمو علنا ودون مواربة , ومن يقلل من تأثير شبيلات في الحياة النقابية والسياسية يجافي الحقيقة والواقع , ولعل وجود شبيلات على رأس داعمي ” نمو ” يلغي ما تتحدث به اصوات اخوانية عن دعم رسمي للقائمة .
التحالفات الذاتية والموضوعية التي نسجتها نمو بمهارة , استفادت كثيرا من سوء ادارة قائمة انجاز للعملية الانتخابية ومن خلفها جماعة الاخوان التقليدية التي لم تلتفت الى زلزال صندوق التقاعد الذي اقلق قطاعات هندسية وازنة , واستبدال ماجد الطباع النقيب السابق بالنقيب الاسبق عبدالله عبيدات لحسابات انتخابية نيابية سابقة , ودون مراعاة لحسابات النقابة ذاتها , فقامت الجماعة بشراء عداء , تيار نقابي اخواني واسع , كل ذلك تزامن مع شرخ اخواني بعد انتخابات حزب جبهة العمل الاسلامي , اسفر عن خسارة القيادي الاخواني القوي زكي بني ارشيد امانة الحزب لصالح محمد الزيود , مما انعكس على انتخابات المهندسين , حيث تؤكد مصادر اخوانية ان بني ارشيد رد الضربة لجماعته سريعا بحجب انصاره عن المشاركة والتصويت لعبيدات .
تيار نمو , الذي نجح في اكتساح معقل الجماعة الاخوانية استفاد كثيرا من هدوء نقيبه احمد سمارة الزعبي ونسج برنامج انتخابي قريب من الجيل الشاب في النقابة وهذا ما اكد عليه سمارة في كلمة الانتصار , لكن الثابت ان نمو استثمر جيدا اوضاع الجماعة الاخوانية المتشظية والمرتبكة بعد سلسلة خسائر تاريخية للجماعة في اكثر من عاصمة واكثر من موقع محلي , ولعل هذه الخسارة تثبت ان الاخوان بات عليهم مراجعة حساباتهم الداخلية والانتهاء من سلسلة القاء التهم بعد كل خسارة فعلاقتهم مع الحكومة مشدودة على وتر منذ سنوات نجحوا خلالها في حسم نقابة المهندسين ومقاعد نقابية كثيرة قبل اسابيع قليلة .
مشهد نقابة المهندسين يحتاج الى سلسلة قراءات , لكنه يكرس صورة الدولة الاردنية بشكل ايجابي في محيط ملتهب , والاهم انه يكرس ان ادوات حسم الخلاف في الاردن ما زالت ادوات ناعمة وغير خشنة رغم خشونة الشعارات والمسلكيات السياسية التي يقوم بها انصار التيار الاسلامي .//