مرايا – كتب : عمر كلاب – لغايات ايجاد عدو افتراضي او هروب من ادانة التطرف الديني، يلجأ رجال دين الى صب جام غضبهم على التيار المدني او التيار العلماني حسب تصريحاتهم على منابر رسمية وشبه رسمية دامجين في حربهم انصار الديمقراطية والقومية والعلمانية في سلة واحدة , كما قال احد رجال الدين على اذاعة جامعة مرموقة خلال برنامج ديني يفترض به نشر التسامح الديني .

رجل الدين الذي يحمل شهادة الدكتوراه حسب تقديم المذيع ويشغل منصباً لافتا في دائرة الافتاء، هاجم التيار العلماني والقومي بوصفهما احد ادوات تغذية التطرف أولا , واحد ابرز انصار تقزيم المنجزات الوطنية في حماية الدين الحنيف وحماية المقدسات الاسلامية في الحرم القدسي الشريف ثانيا , وبحكم متابعاتي فإنني لم اسمع او اقرأ الا عن تعظيم الدور الوطني في حماية المقدسات ونصرة الاقصى والمرابطين داخل اسواره ، فكيف واين ومتى قرأ الرجل ذلك او سمعه دون بقية الاردنيين؟

المصطلحات التي استخدمها رجل الدين على الاذاعة هي نفسها التي تتردد على مواقع رجال الدين السلفيين وعلى بعض منابر مساجدنا وخلال المقابلات التي نسمعها على الاذاعات والشاشات الرسمية والخاصة وتحديدا البرامج التي يعكف على تقديمها واعدادها رجال دين او من هم على حوافهم وكذلك المستثمرون في قطاع الاعلام الديني والبرامج الدينية بعد ان ارتفعت نسبة الاستثمار في الاعلام الديني والمتاجرة بالعواطف الدينية عند البسطاء وثمة منابر اعلامية تمسك عن دفع حقوق العاملين فيها ولكنها تقدم نفسها بوجه ديني .

انشغال الدولة بالهم الاقتصادي وغياب الاجهزة الحكومية غير المفهوم وغير المبرر عن الواقع اليومي ، فتح الباب لعودة خطاب الكراهية الكامن في صدور كثير من رجال الدين الذين صمتوا عن مواجهة الارهاب والتطرف الديني في معركة الدولة مع الارهاب ولولا مهابة المجتمع الاردني الذي جرح الارهاب قلبه في مواقف كثيرة لكان لسانهم لاهجا بدعم التطرف والارهاب وتغذية التفرقة على اسس مذهبية كما كان سابقا .

شيطنة التيار العلماني دون وعي وفهم لمعنى العلمانية التي توفر وتؤمن خدمة للدولة وخدمة للدين الحنيف ، هي محاولة هروب من استحقاق مواجهة الارهاب وحرف الحرب عليه الى جهات غير جهاته ، وهي تحمل رسالة تحريضية ضد تيار فكري واسع ساهم في الحرب على الارهاب بضراوة وطاله بعض الشوائب المتطرفة مثلما طال التطرف معظم التكوينات الفكرية والسياسية، فثمة تطرف حتى داخل اركان السلطة وفي الشارع وفي الملاعب .

عودة خطاب الكراهية والتحريض يدلل على ان التطرف كامن في صدور كثيرة ربما اجبرتها اللحظة الوطنية وصلابة الدولة في حربها على الارهاب في تغيير جلدها وليس في تغيير مضمونها وفهمها الفكري ولحظة انشغال الدولة باشتعالات الاقليم وتقليل الاضرار على اللحظة الوطنية عادت تلك الاصوات الى التحريض والى ايجاد عدو افتراضي جديد .

الحرب على خطاب الكراهية والتحريض يبدأ من تجفيف منابعه وروافده اولا قبل مجابهة انصاره ومنظريه وفتح الباب لخطاب الكراهية والتحريض تحت لافتات جميلة مثل البرامج الدينية التنويرية لا يجمّل الصورة فالمضمون هو الأهم وعلينا جميعا واجب محاربة هذا الخطاب وليس فتح الابواب لظهوره , وثمة وعي كامن في دوائر الاوقاف والافتاء بالحرب على العلمانية وتشويه صورتها وصورة المؤمنين بها وتحت اعين الوزارة والاعلام الرسمي الذي يفتح الباب لخطاب الكراهية .//