مرايا – بهدوء :عمر كلاب – يكشف البيان الصحفي الصادر عن مكتب رئيسة صندوق النقد الدولي , عن نجاح رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز في مفاوضاته , رغم النصائح الكثيرة التي تلقاها الرجل بعدم الدخول في المفاوضات بل في عدم زيارة واشنطن من الأساس , لكنه ثابر وقاد مفاوضات ربما هي الاولى التي يقودها رئيس وزراء اردني مع صندوق النقد الدولي كرئيس للوفد طبعا , وربما منحت الرزاز تجربته السابقة مع الصندوق دَفعة نجاح بحكم المعرفة والخبرة , لكن الاكيد ان الرئيس نجح في استثمار الجهد الملكي وربما يُسجل له انه اول رئيس وزراء نجح في ذلك , فقد درجت العادة ان يختبئ الرؤساء خلف الملك , بدل حصاد ثمار زياراته .
النجاح الذي حققه الرزاز ازعج بالضرورة وحسب المألوف الاردني , المتربصين والحرس التقليدي من السياسيين والتيار المحافظ من الاقتصاديين الذين لم يحققوا طوال عملهم الرسمي والخاص اي نجاح يذكر , فبدا الحديث عن رفع المديونية العامة للبلاد , رغم ان القرض سيساهم في سداد ديون سابقة وسيسمح للاردن في جدولة ديون كما يفتح له الفرصة للاقتراض بشروط ميسرة لسداد ديون بفوائد عالية بحكم تراجع تصنيف الاردن الائتماني في السنوات السابقة , لكن الاهم من ذلك كله , خطوة الرئيس القادمة وكيفية استثمار انفكاك الرقبة الاردنية من ضغوطات صندوق النقد الدولي ؟ فالقرض الضخم والاشادة بالنهج الاقتصادي والالتفات الى الاعباء التي تحملها الاردن من اللجوء واغلاق الحدود , ستمنح الحكومة فرصة لالتقاط الانفاس والمرور الآمن اجتماعيا , عبر اعادة قراءة العبء الضريبي على المواطن , والانطلاق نحو مشاريع رأسمالية تخلق فرص عمل وتجذب الاستثمارات للاردن , فخطوة الصندوق تأتي متزامنة مع رفع الكونجرس الامريكي المساعدات للاردن لتصل الى ثلاثة مليارات دولار سنويا , وانفتاح من الاشقاء السوريين تمثّل في اعتماد معبر نصيب او جابر للبضائع القادمة من اسيا الى سوريا , مما يعني انتعاش النقل البري وميناء العقبة .

كذلك انفرجت العلاقات الاردنية العراقية بطريقة ملفتة , ومن المنتظر ان يكون هناك لقاء عراقي اردني على مستوى رؤساء الوزراء في شباط القادم , وقبلها اثمرت العلاقات الاردنية العراقية عن اتفاقيات ايجابية على صعيد النفط والمقاولات , فأصبح المقاول الاردني له معاملة المثل مع المقاول العراقي في خطوة لافتة لبلد مقبل على مشاريع عملاقة , وهنا يجدر الثناء على السفيرة العراقية في الاردن وعلى نقابتي المقاولين في الاردن والعراق , اللتين نجحتا في تكسير عوائق كثيرة بسند حكومي من حكومتي البلدين .
كل المؤشرات الخارجية تبدو ايجابية , ويبقى المؤشر الداخلي , حتى يشعر المواطن بالتحسن والانفراج وهنا بيت القصيد الذي ظل الملك يوجه الحكومات وكل المسؤولين من اجله , فالازمة الاقتصادية انهكت الوطن والمواطن , والجهد الملكي الدؤوب ظل بحاجة الى فرق سياسية واقتصادية كي تلتقط محصوله وتعكسه على الارض , وعلى الدكتور الرزاز الاسراع في تنفيذ ذلك كله , عبر مشاريع حقيقية وعبر فريق حكومي رشيق وقادر على العمل والابداع , فالظروف كلها تبعث على التفاؤل باستثناء الاداء الداخلي الذي يعاني من خلل اداري واضح ومن غياب برنامج عمل منهجي تقوده عقول واعية وصاحبة قرار حازم .
في مقالة سابقة , قلنا ان الاقليم يبتسم لحكومة الرزاز , ولكن العالم يبدو انه ابتسم للحكومة , وبقي ان تبتسم الحكومة في وجه الشعب وترفع من مستوى تفاؤله بالمستقبل , فقد وفر الملك كل سبل النجاح وآن له ان يرى حكومته تقوم بعملها على اكمل وجه من خلال اسعاد شعبه .