مرايا -كتب : عمر كلاب  – باغتنا وزير الشؤون السياسية بتصريح حارق خارق , مفاده ان مشاركة المرأة بالحياة السياسية احد مقاييس تقدم الشعوب , وللانصاف الى ما قبل تصريح الحزبي اليساري موسى المعايطة , فإنني كنت على قناعة راسخة بأن مشاركة المراة في الحياة السياسية مؤشر على ارتفاع مخزون المياه الجوفية في باطن الارض , واستغربت ان تقوم الناشطة منال كشت في بواكير نشاط مؤسستها الطازجة على دعوة وزير الشؤون السياسية للحديث عن يوم المرأة العالمي ودور المرأة في الحياة السياسية , بعد ان انجزت المراة الاردنية هذا الملف وانتقلت الى مرحلة غزو الفضاء وعسكرته .

صحيح انني شخصيا لم استسغ لغة الهجوم على تصريحات وزيرة الدولة لشؤون الاعلام من النائب انصاف الخوالدة , واعتبر تصريحات النائب وفاء بني مصطفى قاسية على وزيرة التخطيط لعدم شمولها البرلمانيات في التكريم بيوم المرأة , لكنني امام تصريحات المهندس موسى المعايطة حامل ملف التمكين السياسي وتخطيط الاحفوري لدور المرأة الاردنية , أجدني مع المطالبة بوقف التصريحات الحكومية الى حين تأهيل المجتمع الاردني للاستجابة لهكذا تصريحات خارقة حارقة , فنحن بحاجة الى اعادة مراجعة بعض الكراسات الحزبية والمؤلفات النظرية للوصول الى مرحلة الفهم لهذه التصريحات .

الشؤون السياسية ما زالت حائرة وتسير على المسرب الخاطئ كما الاعلام , فثمة جهات متعددة تتعامل مع ملف السياسة وتنميتها وشؤونها كما هو الاعلام , وبات من نافل القول ضرورة تشكيل خلايا عمل من كل الجهات الفاعلة والعاملة على هذه الملفات , وهناك اشارة ايجابية من وزيرة الدولة لشؤون الاعلام حيال توحيد المظلة الاعلامية وتوحيد الجهد الاعلامي , وننتظر مثل هذه الخطوة على المسار السياسي , فوزارة الشباب تقود حوارات سياسية مع الشباب برعاية مؤسسات اجنبية رغم وجود مؤسسة وطنية ومشروع وطني خالص للقيادات الشبابية ولكنها مفتونة بالتمويل الاجنبي والمرجعيات الغربية .

نحن لن نخترع العجلة فهي قائمة منذ قرون طويلة , والنماذج البشرية الصالحة للتطبيق موجودة وتحتاج فقط الى اردنتها ومواءمتها للحالة الاردنية , فنمط البناء السياسي معروف ولا يحتاج الا ارادة بالتفعيل والسير في المسرب الصحيح وليس المسرب الخاطئ الذي يعتمد على البديهيات والقوالب الممجوجة , والتي تجاوزها العصر والزمن , فالانباط قديما نجحوا في بناء منظومة سياسية ومنظومة خدمية ونحن حتى اللحظة نسير على غير هدى ونحاول اختراع العجلة مجددا .

في ادراج وزارة الشؤون السياسية عشرات المشاريع والافكار , وهناك تفريغ حقيقي لكل الموارد الموجودة في المحافظات والالوية وتحتاج الى اعادة تنظيف من الغبار ووضعها موضع التنفيذ , حتى الزيارات الميدانية والتغذية الراجعة من المواطنين في كل المناطق النائية والقريبة موجودة في ارشيف الوزارة وسبق ان قامت الوزارة في زمن الوزير صبري اربيحات بتمشيط كل المناطق والحصول على اسئلة الشارع السياسي والخدماتي وتحتاج فقط الى وضعها موضع التنفيذ والتحديث .

في احد الافلام المصرية شبه الحديثة , قال النجم احمد حلمي للممثلة ياسمين عبد العزيز وهي تمسك بهاتفها الخلوي وتتصل بأحد الاشخاص جملة فكاهية مفادها ” برد ومحدش برن ” وفعلا الشؤون السياسية تقوم بالرد على هواتف لا ترن , فهم يتحدثون مع انفسهم فقط , وهذه حالة تفضي الى الانسداد وانعدام المشاركة والتفاعل , حتى نبقى في دائرة الجمل التقليدية المكسورة من كثرة الاستخدام وتصلح للبحث عن احفوريات ثقافية وليس عن تنمية سياسية ومشاركة شعبية في صنع القرار .