مرايا – كتب : عمر كلاب – لا تحتمل اللحظة المحلية رحيل الحكومة ولا تحتمل الإجهاز على ما تبقى من هيبة مجلس النواب, فجاءت نتيجة التصويت على الثقة بحكومة الدكتور هاني الملقي حافظة للتوازنات, فالمجلس نجح في وضع الحكومة تحت ضغط الرقابة النيابية, فمعظم مانحي الثقة كان هاجسهم المرور السياسي الآمن في هذه اللحظة الصعبة ولم ينكروا تحفظاتهم على الحكومة وسلوكها, وبعض آخر رفض ان يمنح كتلة الاصلاح النيابية صك غفران او براءة من تمريرها الموازنة بالهروب من تحت القبة بذريعة عدم الالتزام بوثيقة ال 105 نواب في قاعة عاكف الفايز, فآثر منح الحكومة الثقة حتى لا تستقوي الكتلة والجماعة الاخوانية من خلفها على اللحظة السياسية.
سيناريو الجلسة كان مشغولا بعناية فائقة وربما اختصره نائب رئيس الوزراء ممدوح العبادي بمداعبته للنائب سعود ابو محفوظ في نهاية الجلسة حين شكره لاعادة الثقة بالحكومة, ودون شك كان العبادي لاعبا استراتيجيا في هذه الجلسة وربما كان اساسها, فهو سياسي محترف ويعرف دهاليز الدولة العميقة وكان أسرّ قبل الجلسة بضرورة ان تحصل الحكومة على النصف زائد واحد من الاصوات المانحة للثقة وكان رئيس مجلس النواب ايضا حاضرا باستدعائه نواب التوازن السبعة الذين وقفوا على باب القبة بانتظار اكمال المهمة بالوصول الى ثقة على الحافة تخدم الجميع .
الحكومة ولحظة اجتيازها عقبة الثقة اعلنت عن برنامجها القادم وهو الاستمرار في نهجها السابق الذي هو حصيلة الضرورة الوطنية كما قال رئيسها بعدم تاجيل القرارات الصعبة وعدم السعي الى الشعبوية, الذي ابقى على انفتاحه على المجلس النيابي, رغم شكوى المجلس من عدم انتاجية هذا الانفتاح, فالحكومة لم تستمع الى البدائل المقترحة حسب رأي المجلس ولكنها اشارة ايجابية بعد تغير الظروف داخل المجلس واشارة الثقة على الحافة التي تعني ان على الحكومة تجويد الاداء والسعي بسرعة لترتيب اوراقها الداخلية اذا ما ارادت ان تعبر المنعطفات الحرجة وهي دلالة يمكن الاستناد عليها لانتاج التعديل المتوقع على الحكومة, فالفريق الحالي يحتاج الى جراحة سريعة بإدخال اسماء اقتصادية تسند النهج المالي والى وزراء سياسيون قادرون على اتخاذ قرارات جريئة باعلاء المساهمة الشعبية والانفتاح على المكونات السياسية والاجتماعية .
ما يستوجب التوقف عنده في جلسة الثقة هو موضوع الدولة العميقة التي نجحت في اخراج السيناريو الاصعب بمهارة فائقة وان كانت متوقعة, فلماذا لا يكون هذا العقل دائم الحضور ودائم الاثر في الحياة العامة ؟ ولماذا يبتعد هذا العقل عن المشهد ولا نراه الا في لحظات الضيق الشديد , , فخلية الازمة التي ادارت المشهد الاخير يجب ان تبقى منعقدة وحاضرة لرسم خطوات الايام القادمة بالمهارة نفسها التي اجتازت بها عقبة الثقة لإنهاء نظام الفزعة الذي احبط البلاد والعباد .
Omarkallabyahoo.com