مرايا – كتب : عمر كلاب – قبل سنتين ظهرت فتوى تمنع المرأة من مشاهدة مباريات كرة القدم نظرا لان لباس الرجال غير محتشم , يومها حاولت الاستثمار في الفتوى لغايات نكائية بحكم 3اختلاف مزاج التشجيع بيني وبين زوجتي , لكنني اليوم وامام فتوى دجاج الوطنية لصاحبها عمرو خالد , اجدني غير قادر على المجازفة , فالدجاج احد الاطباق المهمة على المائدة , بل وبت اخشى ان ترد زوجتي الصاع لي على محاولة تطبيق فتوى حظر كرة القدم , فهي لا تستسيغ الدجاج ابدا , ولكنها تقوم باعداده لي ولابنائي فقط لا غير , والخشية ان تؤكد بأنها لن تقوم باعداد اي طبق دون دجاج الداعية .
الفتوى المنسالة الآن برخاوة مثل انسيال الفضائيات على قمر النايل سات حملت معها دلائل مضافة على تراجع الامة وانحدار مستوى تفكيرها الى ما دون الركبة , بعد ان استمسكت لفترة طويلة بالمنطقة الواقعة بين السُرّة والرُكبة وأظهرت العقل العربي برمته وليس الاردني فقط بأنه عقل غرائزي مشغول بقضايا الجنس بنهم يفوق نهمه لواقع معاشي افضل وحياة سياسية كريمة , حتى باتت مقولة ان العربي عقله بين فخذيه اقرب الى النظرية الاجتماعية للحكم على الشخصية العربية منها الى المقولة العابرة .
قبول الفتوى او رفضها الآن محكوم بالموقف المصلحي منها , ففي الوقت الذي يهرب فيه رجال الدين عن مواجهة الواقع المعقد اقتصاديا وسياسيا ودينيا , يقبع شيوخ الفضائيات في مربع الفتوى العابرة للحدود والتي تغذّي ثقافة التهافت وتغري كثيرين بالمتابعة , وتبقى المرأة الاكثر شهوة للفتوى وللشيوخ بحكم عوامل نفسية شديدة التعقيد يعيشها شيوخ الفضائيات وشيوخ المجالس السلطانية , فهم غرائزيون بمجملهم ولا يجدون فسحة للتعبير عن تهويمهم الفكري وعقدهم الجنسوية الا الفتاوى المختصة بالمرأة بمحيطها الجسدي وليس بواقعها الانساني كمواطنة مهضومة الحقوق .
فالمصلحة من الفتوى هي جواز عبورها الى الناس وليس شرعيتها ومشروعيتها , فواقع المرأة يحتاج الى وقفة من رجال الدين يؤكدون فيه انحيازهم الى الشرع وليس الى المصلحة ويؤكدون فيها مشاركتهم في معركة التنوير وليس الى مطاردة الشعبوية الغرائزية وكيف هرب رجال الدين عن مواجهة المادة 308 , كذلك لا بد من استذكار صمت رجال الافتاء عن مخالفة الشرع في جرائم الشرف التي تخالف احكام النص القرآني , وهرب رجال السياسة في الاحزاب الدينية عن المشاركة في تظاهرة لوقف سفك دماء فتيات بعمر الورد لمجرد الشك , وكثيرا ما يتم قتلهن لامور لها علاقة بالميراث , كذلك هرب ساسة من العيار الثقيل عن مواجهة هذا الامر , مما يؤكد ان الفتوى تحصل على تأشيرة المرور اذا وافقت السائد الرسمي والاجتماعي وليس بحكم موافقتها للشرع والشريعة , وانشغل الافتاء بالقشور وتلبية المصالح السلطانية للمجتمع الذكوري ولسلطان الحكومات حتى فقدت كثيرا من مهابتها , فاتحة المجال للتطرف كي ينمو ويزدهر .
الدين جزء رئيس من التكوين البشري ثقافيا واجتماعيا , وهو اول فضاء يتحرك فيه الانسان واصلاحه يقف على رأس اولويات الاصلاح , ورأينا كيف ان غياب الاصلاح الديني فتح المجال لتهافت المجتمعات وتناقضاتها بحيث بات المجتمع يعيش تناقضات هائلة وهو يرى سيل الفتاوى فيختار ما يلامس مصالحه ويحققها , فالارهابي القاتل بات مسلّحا بفتوى تبيح له ارهاب الناس وترويعهم وكذلك التاجر والسياسي وباقي مفاصل الحياة العامة باتت محكومة بنصوص تيّسر المصلحة الفردية وتشرعن الافتئات على حقوق البلاد والعباد .
omarkallab@yahoo.com