مرايا – كتب : عمر كلاب – يعرف رئيس الوزراء اكثر من غيره اشكالية اللجوء واثقاله على البنية التحتية للدولة ويعرف كيف يمكن الاستفادة منهم كقيمة اضافية للسياسة والاقتصاد , ولعله اليوم وهو يسعى لاحداث فارق ان يلتفت الى ابناء قطاع غزة , فلا يُنتقص من الهوية الوطنية , اذا ما اتسعت مساحتها الانسانية , بل تصبح هوية مانعة واكثر صلابة , وتصبح الهوية عنوانا جامعا لكل المكونات المنضوية تحتها , والاهم انها تُقفل باب التصيد الخارجي او الطموح البشري الراغب بتحسين شروط حياته المعيشية المعلقة على شماعة الظرف الاقليمي وانتظار النهايات السعيدة لملفات شائكة وتسهم حكما بدفع عجلة الاصلاح وتطوير التشريعات دون انتظار نضوج الظرف الاقليمي .
ابرز الهويات إلتباسا هي الهوية الفلسطينية بحكم اللجوء والشتات بالمعنى القانوني رغم وضوحها القيَمي والانتمائي , فهي محمولة من ابناء فلسطين كهوية قانونية ونضالية, وهي هوية نضالية لكل شخص يسير مع عجلة الحق والتاريخ لاسترداد الوطن السليب , وتزداد قوتها ومنعتها كلما اتسع نطاق حامليها , عكس الهوية الوطنية للاقطار العربية , وبمعنى واضح فإن كل عربي فلسطيني والعكس ليس صحيحا طالما ان فلسطين الطبيعية محتلة او يجثم الاحتلال على جزء منها .
بحكم الجوار والتجاور والارتباط القانوني والاداري وقبل كل ذلك الارتباط النضالي والوطني والبشري , حملت الهوية الوطنية الاردنية تبعات القضية الفلسطينة بأعلى ما حملته الهوية الفلسطينية ربما , وبجزم دون لُبس , بأكثر مما حملته اية هوية وطنية عربية , مما فرّخ التباسات افقية وعمودية ومما جعل التصيد حلما قابل للتطبيق للكيان الصهيوني ولاحلافه الغربيين والداخليين على حد سواء , ومصاب بالعمى السياسي والوطني كل من تعجز عيناه عن رؤية ذلك .
وساهم التضييق السياسي والمعيشي الممنهج على حملة الجنسية الفلسطينية سواء ممن يحملون وثائق سفر دول اللجوء او الجوازات المؤقتة في سعي المواطن الفلسطيني الى الحصول على جنسية بلد اللجوء , مستندا الى الاستثناء الذي حصل عليه لاجئو فلسطين من الامم المتحدة , والقاضي بإستثناء اللاجئ الفلسطيني ممن يحمل بطاقة الاغاثة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين من إسقاط صفة اللجوء عنه اذا ما حصل على جنسية بلد اللجوء , بالتالي فهو قادر على تحسين شروطه المعيشية وحمل صفة اللاجئ الفلسطيني وهذا واقع الامر عندهم , فالجنسية المعاشية لم تُسقط الهوية الوطنية الفلسطينية .
جامعة الدول العربية وفي قراراها المانع لازدواجية الجنسية العربية حمت الفلسطيني من جهة وظلمته من جهة ثانية او جهات عديدة , فهي تعترف بفلسطين دولة ولكنها لاتعترف بأي وثيقة لهذه الدولة منذ منظمة التحرير وحتى السلطة الوطنية الفلسطينية – بشروط اقل قساوة – ويتفهم اللاجئ حساسية القرار الاول بحكم الفصائلية والهاجس الامني لكنه لا يتفهمها الآن , فالتضييق الممنهج على الجنسية الفلسطينية ما زال قائما وفي اكثر من بلد عربي بدرجات متفاوتة وتشهد على ذلك قاعات الترانزيت في المطارات وخطوط الطيران وظروف العمل والمعيشة ونقل الكفالة واستقدام الزوجة وتسجيل الابناء … الخ , وكلها ظروف جعلت من الحصول على جنسية بلد اللجوء او اية جنسية اخرى هدفا عند الفلسطيني لحياة كريمة .
القرار يمنح الهوية الوطنية الاردنية قيمة انسانية مُضافة على انسانيتها ويمنحها صلابة في اقفال باب التجنيس والتوطين الذي بات فزّاعة يهددنا بها كل صهيوني صغير او كبير وباتت تجد اذانا تسمعها وتتلقفها في الاردن بحق او بمبالغة , كما انها تغلق باب السؤال عند الفلسطيني وتفتح له ابواب الكرامة الوطنية والعيشة الفُضلى// .