مرايا – كتب : عمر كلاب – لا شك ان خروج ” قرمية ” سياسية بحجم فايز الطراونة من رئاسة الديوان الملكي , وجلوس المهني المنضبط يوسف العيسوي مكانه , ليس حدثا عاديا او تغييرا بحكم الظرف الصحي لرئيس الديوان السابق فايز الطراونة , ولا يمكن قراءته ايضا على محمل الطيبة المهنية التي يتمتع بها العيسوي كتكريم لنهاية خدمته الطويلة في الدولة الاردنية وان كان فيها بعض من ذلك والرجل يستحق التكريم على مجهودات خدمية قدمها في كل المواقع التي عمل بها , فالرسالة فيها الكثير من الابعاد وواجبة القراءة في هذا الظرف الحساس .
من الواضح ان عقلية العسكري المحترف وتحديدا خبرة القوات الخاصة , عكست نفسها على قرارات الملك الاخيرة , بإقالة هاني الملقي ومن بعده فايز الطراونة , بعد ان خرج الاول من اجتماع مجلس السياسات بإنطباع البقاء بدليل ضربه على الطاولة في لقائه مع مجلس النقباء الشهير , واظن وليس كل الظن اثما ان الطراونة عاش هذا الاحساس , قبل ان تصدر الارادة السامية بقبول استقالة الرجلين في تعبير سياسي يحمل اخلاق الهاشميين ونبلهم , فالحديث عن خروج الطراونة متصل منذ زمن والغضب الملكي والشعبي على حكومة الملقي كان اكثر من واضح وخصوصا في اللقاءين الملكيين الاخيرين مع مجلس السياسات ورؤساء التحرير .
دخول العيسوي الي رئاسة الديوان كان مباغتة وليس مفاجأة فقط , فهذا المنصب السياسي بإمتياز , يشغله الآن شخص لم يعرف عنه الاشتغال بالسياسة لا من قريب او من بعيد , وسيرته المهنية والذاتية حافلة بالانضباط الوظيفي , مما يعني ان الملك اراد منح فرصة للحكومة الجديدة بمعزل عن مراكز القوى المعهودة بعد ان بدأت الصالونات تتناقل تدخلات الديوان ابان الوزير جعفر حسان الذي بقي يتحدث ويتصرف بموقعه السابق حتى وهو في الحكومة وثمة من يقول ان هذا السلوك والايحاء هو الذي منح الملقي العناد والتمترس خلف الخطأ , ولم يسلم الدكتور فايز الطراونة فكلاهما طالهما الحديث عن تورطهما في القرارات الحكومية الاخيرة , التي اثارت غضب الملك والشارع .
الحكومة اليوم لا يمكنها ان تشتكي من تدخلات رجال الديوان , فالرئيس الجديد للديوان مهني منضبط ومدير المكتب الخاص شاب يعرف قراءة الرسائل الواضحة والمشفرة , فرغم حداثة عمر منار الدباس الا ان خبرته العملية في الحكومة والديوان والخارجية تمنحه كهولة في الخبرة على شبابه العُمري , ولا يمكن التقليل بانه ابرز المستفيدين ايضا من رحيل الطراونة الذي حرص على ربط الديوان وكادره بشخصه , يضاف الى ذلك قدوم شاب بلا اطماع سياسية الى التشريفات , مما يعني ان الملك اعاد رجالات الديوان الى مربعهم المهني , وافسح المجال لحكومة الرزاز كي تعمل دون قلق , واذا استثمر الدكتور الرزاز هذه اللحظة بالارتباط مباشرة بالملك , فهذا سيمنحه نسبة لم تتوفر لسابقيه من الولاية العامة , هذا المصطلح الذي يتعامل معه الاردنيون بضبابية ومبالغة , فالدستور يقول ان الملك هو رئيس السلطة التنفيذية ويمارس اعمالها من خلال وزرائه , اي ان ارتباط الرئيس يجب ان يكون بالملك مباشرة بدون فواصل من رجال الديوان سواء المكتب الخاص او رئيس الديوان .
الفرصة اليوم بيد رئيس الحكومة نفسه , وعليه استثمارها بالمزيد من الجرأة في القرار السياسي اولا وثانيا وبعدها توظيف الاقتصادي برؤيا سياسية وليس العكس , رغم ان مؤتمره الصحفي الاول لم يُشر الى ذلك// .
omarkallab@yahoo.com