قانون الضريبة على الدورة العادية القادمة
مسار عادل بين الضريبة وتحسين الخدمات
خشية ان ينفذ الفقراء اجندة الاغنياء في اعتراضهم على القانون الجديد

مرايا – عمر كلاب – في اللحظة التي يجلس فيها احد اثرياء العاصمة على مقعده الوثير نافثا دخان سيجاره الفاخر , معترضا على قانون الضريبة , كان فريق حكومي يتعرض للقصف الشعبي في محافظة فقيرة لا يخضع سكانها الى قانون ضريبة الدخل موضوع النقاش الوطني الحاد اليوم , وهذه مفارقة عجائبية تحدث في الاردن مسجلة عجائبية جديدة في مسلسل العجائب المتصلة , وكأن أليس بطلة القصة الشهيرة تقطن في الاردن وليس في دولة اوروبية , وحسب مصدر شبه رسمي فإن دائرة ضريبة الدخل ليس لها فرع في المحافظة الجنوبية .
قانون الضريبة واجهته الفعاليات الشعبية التي لا تخضع للقانون اساسا برفض شديد ,كاشفة مدى الهوة بين الحكومة وبين الشارع الشعبي الجاهز لرفض اي قرار حكومي حتى لو كان لا يؤثر عليه , وتقول النائب صفاء المومني في تصريح يكشف مدى الفجوة وقلة الثقة ” سيطال القانون كل من يصل دخله الى الثلاثمائة دينار شهريا ” قبل ان تدلف الى مكتب وزير الاشغال العامة والاسكان , وقبلها كان مواطن من محافظة الزرقاء يشتم القانون الذي سيأخذ من لحمه الحي رغم ان راتبه الشهري لا يخضع للضريبة اساسا .
الحكومة فتحت حوارا شعبيا في المحافظات لشرح القانون الغامض لقطاعات واسعة من الشارع الاردني الذي سارع الى رفض القانون دون الاطلاع عليه , مكتفية تلك القطاعات بملاحظات نثرتها مواقع التواصل الاجتماعي في الفضاء الالكتروني وسرعان ما شكلت مزاجا شعبيا , رغم ان المزاج الاردني بالعادة لا يحمل كثير ود للاثرياء , ومع ذلك يتصدى الفقراء للدفاع عنهم نكاية في الحكومة فقط بعد ان نجحت هذه الطبقة في الاستثمار بقلة الثقة بين المواطن والحكومة .
وزير الشؤون السياسية والبرلمانية بدوره لا ينكر صعوبة الحوار الوطني الشامل في ظل غياب منظومة سياسية حزبية , ويتحدث الرجل بمرارة عن اضاعة فرصة انتاج نخبة سياسية ممثلة للشارع الاردني بدل الجولات المكوكية للوزراء في المحافظات التي يجب ان تزورها الطواقم الحكومية لنقاش الاوضاع العامة في المحافظة وليس لشرح قانون من المفترض ان يكون نقاشه شاملا في الاطار السياسي والنيابي لكن ضعف التمثيل السياسي انتج هذه الحالة التي يجب ان تتجاوزها اللحظة الوطنية بسرعة وفق برنامج سياسي شامل , وكان الوزير يستمع الى حالة غضب نقلها نقيب مقاولي الانشاءات الاردنيين المهندس احمد اليعقوب على القانون وعلى عدم اجراء حوار قطاعي قبل الدفع به الى العلن .
بدوره لا ينكر رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز صعوبة الحالة الوطنية التي تواجه حكومته في بواكيرها , حيث المطلوب منها اليوم تمرير قانون اشكالي بطبعه وتكوينه بدل ان تقوم حكومته بمناقشة تطوير الخدمة وتحسينها ورفع مستوى المعيشة , وفي تصريحات خاصة للانباط قال الدكتور الرزاز انه لا يتمنى ان تكون هذه بداية حكومته لكنه لن يقبل ترحيل الازمات او الالتفاف عليها لشراء الوقت , فالمرحلة تتطلب مكاشفة الناس بكل الظروف وهو يعلن ان القانون يجب ان يبدأ العمل به منذ العام القادم – 2019 – وعكس ذلك فإن التصنيف الائتماني للمملكة سوف ينخفض الى مستويات تصبح فوائد الاقتراض عالية جدا وتصل الى حدود 8-9% بالمقابل الاسراع في اقرار القانون سيبقي الفائدة في حدود ال3% مما يوفر للحكومة هامشا ماليا لتحسين الخدمات العامة وقال للانباط ان هذه الفوارق ستصرفها الحكومة على الخدمات وعلى تحسين مستوى معيشة المواطن .
الرزاز اكد للانباط ان الحكومة ستدفع بالقانون الى مجلس النواب في الدورة العادية القادمة كأبعد حد , آملة ان يحظى القانون بموافقة مجلس الامة بغرفتيه النواب والاعيان وان يتفهم المواطن القانون من خلال الاطلاع عليه وقراءته قراءة دقيقة , ولا ينكر الرزاز ان القانون سيكون مقدمة لاجراءات حكومية ستخفف الاعباء على المواطن من خلال مراجعة الوعاء الضريبي كله بما في ذلك الرسوم والبدلات والفروقات التي ارهقت كاهل المواطن الاردني .
حتى اللحظة القانون في دائرة الحوار الوطني وما زالت الحكومة تلتقط الرسائل المجتمعية القادمة لها دون انكار لملاحظات المنهجية والمهنية , وقد سجل خبراء ملاحظات جديرة بالمتابعة على القانون ابرزها غياب حصة الصحة والتعليم والسكن عن جدول الاعفاءات وتراجع مستوى الخدمات العامة التي تتطلب اموالا ايضا كما يقول الرزاز لتحسينها خاتما تصريحاته للانباط بمن نبدأ بالخدمة وتجويدها ام بالضريبة وتمرير قانونها حاسما الجدل بانه سيبدأ بالخدمة الجيدة والقانون معا .
الرزاز لا ينفي تأخر العقل الرسمي عن نشر ثقافة الضريبة وضرورة تكريس هذه الثقافة لتعميق مفهوم المواطنة لكنه عازم على السير في هذه الدرب وصولا الى حق دافع الضرائب في خدمة محترمة وحق الدولة في تحصيل ضريبة دخل عادلة تراعي التصاعدية في الضريبة وحماية الطبقتين الوسطى والفقيرة .//