مرايا – عمر كُلّاب – تكتسب زيارة الملك عبد الله الثاني الى الشقيقة السعودية دلالة خاصة في هذه اللحظة حصرا , فهي ليست دليلا على عمق العلاقات او الترابط العضوي بين الاردن والشقيقة السعودية , بل هي دليل على المصير الواحد والمشترك للبلدين , ودليل اعمق على حجم العلاقة بين الملك عبد الله وشقيقه الملك سلمان , وحجم الترابط بين العائلتين الملكيتين , اللتين تواجهان مصيرا واحدا واستحقاقات اقليمية وقومية متصاعدة , بحكم الظرف الخاص الذي تعيشه القضية الفلسطينية ومحاولات شرهة لاستثمار حادثة مقتل الصحفي جمال الخاشقجي .

الزيارة ليست طارئة او خارج سياق المألوف , بل تعبير حيوي عن خصوصية العلاقة الشعبية والرسمية وواجب لا يتأخر الاردن وقيادته عن الوفاء به لشقيقة طالما بقيت السند والداعم للاردن وشعبه وقيادته في احلك الظروف وفي اوقات الرخاء , لتعميق هذه العلاقة وتعزيز صمود الدولتين في مواجهة مخاطر الاقليم وتداعياته ومحاولة ايقاع السعودية في شراك تناقضات الاقليم وتصفية الحسابات معها ومع الاردن لوقف التصدي لمشاريع دفن القضية الفلسطينية , بعد ان قدم الاردن رسالة قوية وصادمة لكثيرين راهنوا بأن الاردن وفي هذه الظروف الصعبة اقتصاديا , ستلين قناته وستضعف شكيمته .

الزيارة التي جاءت لدعم الاشقاء في السعودية وتعزيز العلاقة الثنائية , تخللتها لقاءات ذات دلالة سياسية واضحة المعالم والتفاصيل على هامش اعمال مبادرة المستقبل , فالمستقبل يعني التعاضد التام بين الاشقاء بين نهاية الاقليم النفطي وبداية الاقليم البشري , كرسالة بالغة الدلالة عن تحالف الموارد البشرية الاردنية مع القوة الاقتصادية السعودية التي تسعى دول في الاقليم الى تحويل مسارها عن خدمة الثروة البشرية في البلدين وحرف المستقبل نحو عوالم مجهولة .

اللقاء الاردني السعودي ضرورة دائمة , فالاردن لن يتوانى عن دعم الشقيقة السعودية في كل الظروف , كما قال الملك , ومهما كانت النتائج , لأن ما بين البلدين اعمق من التكاتف الجغرافي , فثمة علاقات شعبية وبنيان سياسي , تم تشييده عبر عقود من العمل المشترك واستثمار هذه العلاقة في كل المحافل الدولية لخدمة القضايا القومية الكبرى ولخدمة مشروع النهضة الكبير , لمواجهة حالات المد والجزر التي يعيشها الاقليم , من صعود لاطراف اقليمية تسعى لحرف المسار وتوجيه العجلة الى غير مقاصدها .

زيارة تكشف معدن الاردن الاصيل وتكشف عمق العلاقة مع الشقيقة السعودية التي خطت نحو تحديث مجتمعها وتطوير بنيتها الوطنية بما يكفل الديمومة والاستمرار في مسيرة البناء ونهج الانفتاح على العالم , بأدوات عصرية , ازعجت اطرافا اقليمية , حاولت وتحاول تعكير العلاقات الثنائية بين البلدين , عبر الاحاديث الموتورة عن فتور العلاقة او التنافس على الدور الاقليمي , رافضة تلك العيون النظر الى عمق العلاقة واستراتيجيتها , لانها علاقات قائمة على بنيان متين , عماده التوافق السياسي والترابط الشعبي والتكاتف الجغرافي .

السعودية عمق الاردن والاردن عمق السعودية وهذه نظرة مشتركة بين القيادتين تؤكدها كل مرة عواصف الاقليم ومفاجآته , ولكن العلاقة تخرج في كل مرة اكثر صلابة واكثر متانة , فما بين الاردن والسعودية تاريخ عميق وفهم مشترك لظروف اللحظة , لرسم مستقبل اكثر مناعة للعلاقة الثنائية لخدمة القضايا القومية والوطنية .