مرايا – عمر كُلّاب

ساعات قليلة فقط , فصلت بين قرار حكومي رشيد بسحب قانون الجرائم الالكترونية , والاعتذار عنه بالعودة الى استفزاز المشاعر الدينية من خلال تعميم صادر عن وزير الاوقاف يطالب المساجد بالتوقف عن بث خطبة الجمعة واذان اقامة الصلاة من على مكبرات الصوت في المساجد والاكتفاء بمكبرات الصوت الداخلية , فكانت النتيجة طمس حسنة سحب قانون الجرائم الالكترونية وتثوير المشاعر الدينية عند كثيرين مما يفتح باب الاستثمار السياسي لكل راغب .

قبلها كانت وسيلة اعلامية الكترونية قد نشرت صورة سمجة بكل معاني السماجة والصفاقة , للشيف التركي مع لوحة العشاء الاخير ذات المكانة المهمة والمقدرة لدى شركاء الوطن والروح من اتباع عيسى بن مريم عليه السلام , وفي اتون استعداد ابناء النصرانية للاحتفال باعيادهم المجيدة , مما يعني ان دوائر العبث ما زالت فاعلة وتحظى بدعم من غرف سوداء او فرق نشر الحرائق السياسية المنتشرة على طول البلاد وعرضها .

قولا واحدا , ثمة من يعبث بأمن البلاد والعباد , من خلال الاستثمار باوجاعهم الاقتصادية والسياسية وثوابتهم الدينية , فلماذا نستذكر لوحة العشاء الاخير في هذا التوقيت بالذات , وما الفائدة المرجوة من نشر صورة مركبة بصفاقة وسماجة , سوى اثارة البلبلة ومحاولة استعادة المقارنة بين الاعتداء الآثم على ناهض حتر رحمه الله ورد فعل الجهات الرسمية على نشر هذه الصورة المسيئة , طالما ان النشر المسيئ طال ثوابت اتباع الديانتين ؟

سؤال سيكون مشروعا دون شك ويمتلك كل موجبات الاجابة , تماما مثل نشر تعميم وزير الاوقاف الاخير الصادر في 5- 12 – 2018 , حسب ما وصلني وممهور بختم اوقاف عمان في التاسع من الشهر ذاته , بعد ان هدات الاحوال نسبيا بعد سحب قانون الجرائم الالكترونية , وكان هناك من يقول , لن نسمح بالتهدوء في شوارع العاصمة والمحافظات , وسنسعى الى استفزاز مشاعر الاردنيين جميعا من خلال الثابت الديني والثابت الوطني , وحتى لا ننسى ثمة من حاول زرع الفتنة الاقليمية على الدوار الرابع .

مسلسل من العبث المستمر وشلال من الاستهتار بثوابت المواطنين , ونجاح في اختيار المواقيت الحرجة والمؤثرة , فشهر كانون الاول يحفل بالمناسبات الدينية لاتباع عيسى بن مريم والاذان واشهار الصلاة وخطبة الجمعة اقدس اقداس اتباع محمد بن عبد الله , فهل هذه مصادفة , ام انها انتاج مختبر محترف في اثارة القلاقل ؟ وثمرة جهد عقل محترف في الاجرام والاعتداء على ثوابت الناس , لاستنهاض كل موجبات خراب الاقطار والاوطان .

لست محكوما بنظرية المؤامرة ولا استانس بها في التحليل , لكنني اجدني اليوم اقرب الى الفهم بأن ثمة مؤامرة مركبة على البلاد والعباد ومحاولة للاجهاز على حكومة الدكتور عمر الرزاز القادمة من خارج رحم التكوينات التقليدية وما زالت تملك الفرصة بالنجاح في جهدها الوطني رغم تراجع الحماس الشعبي بفعل كثير من الاسباب ابرزها فريق الدكتور الرزاز الحكومي , ونشاط محموم لفرق التفجير وجماعة الحرائق السياسية , الذين يتحركون اليوم في كل المجالات , ومسنودين للاسف بقرارات حكومية تفرزها الجهالة او الخيانة لا فرق .

نعلم ان الاحتراب السياسي والتجنح داخل مؤسسات السلطة على أشدها وسبق لنا ان شاهدنا حروبا طاحنة بين الاجنحة , لكن الملفت اليوم حجم الخسّة في هذه الحروب ومدى تراجع الفروسية في الخصومة , ومدى الجراة على ذبح الوطن كله من اجل مقعد او منصب .