مرايا – عمر كُلّاب 

ان تحتاج الحكومة الى تقديم كشف اجابات على كل عابر سبيل على مواقع التواصل الاجتماعي , شأن فيه تقليل من هيبة الحكومة وهيبة المؤسسات الرسمية , تحديدا وأن الاجابات احيانا تكون معروفة ومحكومة بمبدأ قانوني عام , فمثلا الجميع يعلم ان المحاكمات علنية ما لم يُصدر القاضي امرا بسرية الجلسة , وكذلك التحقيق سرّي ما لم يصدر المحقق امرا بالافصاح او النشر , وللاسف كلا القاعدتين الفقهيتين غير مستقرات  في الاردن , فكل التحقيقات منشورة وكل المحاكمات لا تجد من يتابعها , بل والاخطر ان التحقيقات مكشوفة وهناك من يطالب بكشفها واعلانها على الملأ رغم مخالفتها لاحكام القانون في مجتمع يطالب بدولة المؤسسات والقانون .

يعتب كثير من النشطاء على الاعلام وعلى فئة الكتاب حصرا , لعدم الانتصار لمطالبهم ومواقفهم , ولا يقبلون اي نقد لهذه المواقف والمطالب , فكيف يقبل كاتب يحترم نفسه ان ينتصر لقضية مخالفة للقانون وتتعارض مع مبدأ فقهي سائد ومستقر في كل اصقاع الدنيا , وكيف سيستطيع الكاتب ان ينتقد الحكومات ويشبعها تقريعا لمخالفتها القانون وهو ينتصر لقضية غير قانونية , بل وتعتدي على حق لصيق للانسان , بان يحظى بمحاكمة عادلة وتكفل انسانيته , فحتى المجرم له حقوق قانونية ودستورية والتشهير به قبل الحكم القطعي عمل مدان وأظن صورة المتهم عوني مطيع وقبلها صورة خالد شاهين فيها الكثير من الادانة للحكومة , بل وفيها استسهال لكلفة هكذا عمل غير قانوني , فكليهما لا ينتمي لقبيلة او عشيرة يُخشى ردة فعلها .

صحيح ان الفساد لا دين له ولا مسقط رأس , فالفاسد فاسد ويستحق اقسى عقوبة , لكن السلوك العام اصبح انتقائيا جدا واصبح خاضعا لمنظومة شعبوية ترفع صوتها ضد كل مخالف لرأيها والاحكام جاهزة والتهم معلبة وطازجة , فخلف كل فاسد شبكة فساد حمته ورعته طوال فترة عمله , واستغرب كيف يتم الاعلان عن تحويل قضايا بالملايين من هيئة مكافحة الفساد وهيئة النزاهة الوطنية ولا نرى صورة ولا نعرف اسما ولا نرى سوى اشارات وترميزاتبالاحرف الاولى في احسن الاحوال , مما يعني اننا امام حالة ” خيار وفقوس ” وللأسف تجد هكذا ازدواجية دعما شعبيا بل وسياسي ايضا من طبقة يفترض انها نخبة .

قبل فترة رأينا الخجل الشعبي والرسمي في مواجهة ظاهرة حرق الاطارات واغلاق الشوارع لمجرد محاولة القبض على مطلوب , وقبلها رأينا كيف تقام الصواوين احتفالا بتكفيل متهم بالفساد او خروجه بكفالة رغم الخلل الواضح في سلوكه الاداري طوال خدمته الرسمية وكأن الفساد بات مقرونا بمكون ديمغرافي , دون غيره او للدقة التشهير والصور محسومة لاشخاص ليس لهم ظهر عشائري او قَبلي , وثمة منهجة لهذه الاعمال والافعال وتحظى بدعم من اشخاص رسميون حتى لا اقول تحظى بدعم رسمي .

اليوم ونحن نرى ملمح حراك وطني ونمو هوية وطنية جامعة , نستطيع ان نتحدث عن هذا الاختلال بوضوح وجرأة , فثمة امراض اجتماعية كثيرة تخلق بيئة للفاسدين والمفسدين وثمة مسلكيات يتحدث بها كثيرون تخلق بيئة طاردة للهوية الوطنية الجامعة وثمة خلايا نائمة تصحو لاشعال الفتنة وتنام على وعد الصحو بفتنة قادمة .

الفساد ينهب جيوب الجميع , والفاسد يجب ملاحقته ومحاكمته بصرف النظر عن مسقط رأسه وجنسيته ودينه ولونه , لأن الفساد كما قلت لا دين له ولا جنسية ولا مسقط رأس , والفاسد لا يمثل الا نفسه ولكن ما يجري من مسلكيات يحتاج الى القاء الضوء حتى لا يبقى هناك سند للفاسد او تكون هناك حجة لاي مجموعة او جماعة كي تختبئ خلف ضرورة جلب فاسد قبل ان يتم محاكمة فاسدها .