مرايا – تصادف اليوم، الرابع عشر من حزيران، الذكرى الـ12 لانقلاب “حماس” الأسود على الشرعية الفلسطينية في قطاع غزة.

في ذلك التاريخ سيء الذكر في مشوار شعبنا النضالي الطويل نحو الحرية وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، انقلبت حركة “حماس” على الشرعية الفلسطينية، وسيطرت بالقوة العسكرية على قطاع غزة، وبعد 12 عاماً، ما تزال المؤامرة مستمرة، بهدف فصل القطاع عن الضفة الغربية والقدس، وإقامة دويلة مزعومة فيه، وتصفية قضية اللاجئين، والقدس، وكل القضايا الوطنية التي يناضل من أجلها شعبنا.

وتواصل “حماس” اختطاف أهالي القطاع رهينة لأجنداتها الحزبية الضيقة، الأمر الذي فاقم معاناتهم وزاد من نسبة الفقر بينهم، كيف لا وهي تستولي على المساعدات المقدمة لشعبنا هناك وتوزعها على عناصرها ومسؤوليها، وآخرها الاستيلاء على 25 ألف ذبيحة أرسلتها الحكومة إلى القطاع بتعليمات من الرئيس محمود عباس عبر معبر رفح، مقدمة من المملكة العربية السعودية للفقراء والمحتاجين خلال شهر رمضان الفضيل.

كذلك، أمعنت “حماس” في تدمير المؤسسات وقمع الحريات، ففرضت بقوة السلاح إجراءات تعسفية على كل من خالفها الرأي أو خرج مطالبا بتحسين أوضاعه المعيشية والحياتية، وحراك “بدنا نعيش” خير شاهد على ذلك.

وما زالت “حماس” تدير ظهرها لكل المساعي الهادفة إلى رأب الصدع وإعادة الوحدة الوطنية والعدول عن انقلابها، رغم توقيع قيادتها على العديد من الوثائق والاتفاقات، إلا أنها نكثت بالتزاماتها وواصلت انقلابها الأسود، وكلما بادرت القيادة الفلسطينية الشرعية بخطوة لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، قابلتها “حماس” بخطوة معاكسة تماما، فحاولت اغتيال رئيس حكومة الوفاق الوطني رامي الحمد الله، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، في الثالث عشر من شهر آذار العام الماضي، وطردت الوزراء ومنعتهم من ممارسة عملهم، وهاجمت مقر تلفزيون فلسطين في القطاع ودمرت محتوياته ومنعت صحيفة “الحياة الجديدة” من دخول القطاع، في الوقت الذي أطلقت فيه العنان لإعلامها لتكريس خطاب الفرقة والتشرذم في سياق تجنيها على الإعلام الرسمي، ومناهضتها للخطاب الوطني الفلسطيني.

وتتزامن ذكرى الانقلاب الأسود هذا العام مع ظروف خطيرة ودقيقة تمر بها القضية الفلسطينية، تتطلب من الكل الفلسطيني التوحد خلف رأس الشرعية الرئيس محمود عباس وقيادتنا الفلسطينية، لمواجهة ما تسمى ب”صفقة القرن” الأميركية، ومختلف المؤامرات التي تستهدف هويتنا الوطنية، إلا أن “حماس” باستمرارها في انقلابها ما زالت تضع نفسها خارج الصف الوطني الفلسطيني وهي ماضية نحو الانفصال في تماه منقطع النظير مع الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأميركية لتمرير “صفقة القرن”.

وفي هذا الصدد، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف، إن مواجهة “صفقة القرن” وورشة العمل المزمع عقدها في العاصمة البحرينية المنامة، يتطلب تنفيذ استراتيجية فورية لمواجهة كل هذه التحديات وفي أولوياتها إنهاء الانقسام الفلسطيني.

وأكد، في حديث لـ”وفا”، أن الانقسام الذي حصل قبل 12 عاما شكل ضررا فادحا في القضية الفلسطينية، حيث بات من المطلوب العمل على إنهائه واستعادة الوحدة الوطنية.

ورأى أبو يوسف أن إنهاء الانقسام لا يحتاج إلى اجتهادات كثيرة، بل إلى تنفيذ ما تم التوقيع عليه من اتفاقات بإرادة صادقة، ولمعرفة مدى المخاطر والتحديات التي يمر بها شعبنا من أجل رصّ الصفوف لمواجهة الاحتلال بصف موحد كذلك سياسة الولايات المتحدة الأميركية المعادية لشعبنا وحقوقه، وإفشال كل ما يتربص به أو المساس بالثواب والحقوق الفلسطينية، والحفاظ على تضحيات مئات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، والتأكيد على صمود شعبنا وكفاحه على الأرض، “فكل ذلك يتطلب إنهاء الانقسام”.

وتابع أنه بات المطلوب من حركة “حماس” أن تكون على مستوى هذه المسؤولية، وتنفيذ اتفاقي 2011 و2017 بدقة، وعدم المراوغة على صعيد التهرب من الاستحقاقات الأساسية في هذا الأمر، مضيفا أنه لا بد من إنهاء هذا الانقسام الذي تحدث عنه نتنياهو قبل أشهر بأنه كان مصلحة استراتيجية للاحتلال لإبقائه وللوصول إلى الانفصال من أجل ضرب المشروع الوطني.

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي عبد المجيد سويلم، إن “حركة حماس لا تؤمن بإنهاء الانقسام، وهذه المسألة لم تعد بحاجة إلى دلائل، لأن الشارع الفلسطيني بدأ يشعر شيئا فشيئا أن مسألة الانقسام بالنسبة لحركة حماس هي مسألة وجودية، لأنه لولا هذا الانقسام لما ظهرت حماس بهذه الأهمية، والانقسام هو سر حياة ووجود وبقاء حركة حماس”.

وأضاف، لـ”وفا”، أن “الناس بدأت تدرك هذه الحقيقة، حركة حماس عندما تذهب إلى تفاهمات مع الإسرائيليين أو مع أطراف إقليمية وكل شيء قابل للتفاهم إلا مع السلطة الشرعية ومع قيادة منظمة التحرير. لماذا؟ لأن قيادة منظمة التحرير والشرعية الفلسطينية تريد إنهاء الانقسام فعليا وتريد وضع حد نهائي له وتريد أن تعبر بالمجتمع الفلسطيني إلى الديمقراطية، وإلى انتخابات، وإلى إعادة بناء النظام السياسي، وإلى شراكة وطنية حقيقية قائمة على أسس سياسية واضحة المعالم، وهي القبول ببرنامج منظمة التحرير والتزاماتها وقراراتها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا”.