مرايا – لم يكن هدم الاحتلال الإسرائيلي مؤخرًا، لعشرات الشقق السكنية في وادي الحمص ببلدة صور باهر، جنوب القدس المحتلة، الأول في المدينة، ولكنه الأكبر منذ عقود، كما يعادل إجمالي ما جرى هدمه في 10 سنوات في البلدة.

ففي غضون نحو 13 ساعة، هدمت قوات الاحتلال في صور باهر، الإثنين، باستخدام الجرافات والمتفجرات 10 مبان تضم 70 شقة سكنية، وهو ما يساوي تقريبا ما هدمته “إسرائيل” في آخر 10 سنوات بالبلدة.

ووفق خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية بالقدس، فإنه “خلال السنوات الماضية كانت إسرائيل تهدم ما معدله 125 مبنى في القدس الشرقية سنويا، ولكن عملية الهدم في وادي الحمص سترفع عدد عمليات الهدم بالقدس إلى مستوى غير مسبوق”.

وقال التفكجي إن “عملية الهدم في وادي الحمص هي الأكبر حجما في مدينة القدس الشرقية منذ هدم إسرائيل لحي المغاربة في البلدة القديمة من مدينة القدس فور احتلال إسرائيل للمدينة في العام 1967”.‎

واستنادا إلى معطيات تقرير صدر مؤخرا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “أوتشا”، فإن عمليات الهدم الإسرائيلية في بلدة صور باهر فاقت في هذا العام فقط ما تم هدمه على مدى 10 سنوات ماضية مجتمعة.

فمنذ بداية العام الجاري، تم هدم 12 مبنى بالبلدة (يضم المبنى فيها ما بين شقة أو اثنتين)، إضافة الى 10 مبان أخرى تضم 70 شقة سكنية، الإثنين الماضي، وفق إحصاءات المكاتب والهيئات المعنية.

لكن بحسب معطيات من جهات مختصة، فإن إسرائيل هدمت 7 مبان في البلدة خلال العام 2009، و6 في 2010، و3 في 2011، و4 في 2012، ومثلها في 2013، فضلا عن هدم 3 في 2014، و2 في 2015، إضافة إلى 16 في 2016، و2 في 2017، إضافة إلى 10 في 2018، ومعظم هذه المباني مكونة من شقة سكنية واحدة والباقي من اثنتين على الأكثر.

ويشير التفكجي إلى أن “السلطات الإسرائيلية استخدمت الأمن كمبرر لتدمير المباني الفلسطينية رغم أن الأمن لا علاقة له إطلاقا بالبناء الفلسطيني في المنطقة، وإنما هو محاولة لتبرير هذا الحجم الكبير من عملية التدمير”.

ولم تقبل دول العالم مبرر الأمن الذي ساقته إسرائيل من أجل تبرير عملية الهدم.

وباستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، التي حالت إدارتها دون صدور بيان وافقت عليه 14 من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي يدين عملية الهدم، فإن ما قامت به إسرائيل في وادي الحمص وجد إدانة دولية.

فإسرائيل استخدمت أمرًا عسكريًا أصدرته في العام 2011 من أجل تبرير عملية الهدم لعشرات الشقق السكنية.

وينص القرار العسكري الإسرائيلي على إقامة منطقة عازلة يتراوح مداها من 100 إلى 300 متر على كِلا جانبي الجدار في صور باهر، يمنع البناء فيها بداعي المخاوف الأمنية.

وقال مكتب”أوتشا” في تقريره: “تضمّ المنطقة العازلة ما يزيد عن 200 بناية، من بينها نحو 100 بناية شُيِّدت بعد صدور الأمر العسكري المذكور في عام 2011، وذلك في سياق القيود المشدّدة التي تكبّل قدرة الفلسطينيين على الحصول على رخص البناء في القدس الشرقية”.

وفي هذا الصدد، قال المركز الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، “بتسيلم”، في تقرير قبل أيام: “الأمن هو الذّريعة، أما الإستراتيجيّة فهي التفوّق الديمغرافيّ اليهوديّ”.

وتعود قضية مباني صور باهر إلى عام 2017، عندما أصدرت السلطات الإسرائيلية قرارا بهدم 100 بناية في المنطقة بداعي أنها أقيمت بعد القرار العسكري الإسرائيلي، ولكن السكان التمسوا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية ضد هذا القرار.

غير أن المحكمة العليا الإسرائيلية، أعلى هيئة قضائية في إسرائيل، رفضت يوم 11 يونيو/حزيران 2019 التماس السكان، ما اعتبرته السلطات الإسرائيلية ضوءا أخضر لتنفيذ عملية الهدم، فأنذرت السكان بهدم منازلهم ذاتيا في غضون فترة لا تزيد عن الشهر.

ورفض السكان القرار الإسرائيلي، وعادوا مجددا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية مطالبين بإلزام السلطات بوقف تنفيذ عملية الهدم، إلا أنها رفضت الالتماس في 21 يوليو/تموز 2019، وبعد 24 ساعة كانت عملية الهدم تجري على قدم وساق.

وإثر ذلك، اعترض صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، على عمليات الهدم، وذلك في رسائل وجهها إلى عدد من الدول الغربية، يوم 23 يوليو/تموز 2019.

وقال عريقات في رسائله: “أمرت قوات الاحتلال الإسرائيلية، بدعم من المحكمة العليا، بهدم هذه المباني باستخدام ذريعة أمنية، إلا أن عمليات الهدم في صور باهر تشكل مثالا آخر على سياسات إسرائيل وممارساتها غير القانونية الرامية إلى القضاء على الوجود الفلسطيني من القدس والدفاع عن وجود الاحتلال الإسرائيلي”.

وجرت عملية الهدم أساسا في المناطق المصنفة “أ” الخاضعة بموجب اتفاق أوسلو للسيطرة الفلسطينية الكاملة والمناطق “ب” الخاضعة للسيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية.

وعن ذلك، قال التفكجي إن “المباني التي هدمتها إسرائيل حاصلة على تراخيص بناء من السلطة الفلسطينية، وهي تقع ضمن المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية”.

كما كتب حسين الشيخ، عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، الوزير المسؤول عن هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، في تغريدة على حسابه في “تويتر”، يوم 22 يوليو/تموز قائلا: “جريمة كبرى ترتكب من قوات الاحتلال في وادي الحمص بهدم عشرات المنازل وتشريد أهلها، والجدير بالذكر أنها تقع في مناطق (أ) ومرخصة من الحكم المحلي الفلسطيني”.

وشهدت السنوات الماضية ارتفاعا ملحوظا في عدد عمليات الهدم الاسرائيلية للمنازل الفلسطينية في القدس الشرقية بداعي البناء غير المرخص.

واستنادا إلى تقرير “أوتشا”، فإن السلطات الإسرائيلية هدمت 1179 مبنى في القدس الشرقية في غضون السنوات الإحدى عشر الماضية، ما أدى إلى تهجير 2102 فلسطينيا، وهي كما يلي:

هدم 84 مبنى في 2009.

هدم 81 مبنى في 2010.

هدم 42 مبنى في 2011.

هدم 63 مبنى في 2012 .

هدم 98 مبنى في 2013.

هدم 97 مبنى في 2014.

هدم 79 مبنى في 2015.

هدم 190 مبنى في 2016.

هدم 142 مبنى في 2017.

هدم 177 مبنى في 2018.

هدم 126 مبنى في 2019 (لا تشمل المباني في وادي الحمص).

الاناضول