مرايا – استشهد الأسير سامي أبو دياك، اليوم الثلاثاء، في سجون الاحتلال الإسرائيلي، متأثرًا بإصابته بمرض السرطان وبإجراءات الاحتلال ضده عبر الخطأ الطبي والإهمال المتعمد

سامي عاهد عبد الله مصلح أبو دياك، ولد في 26 نيسان 1983، (36 عامًا)، في بلدة سيلة الظهر قضاء جنين، لم يتسنى له الزواج نظرًا لاعتقاله المبكر وطول محكوميته.

اعتقل أبو دياك في السابع عشر من تموز 2002، أي في عمر التاسعة عشر، وحكم بالسجن 3 مؤبدات و30 عامًا، وبدأت معاناته الصحية منذ نحو 4 أعوام تقريبًا، حتى إصابته بمرض السرطان الذي أصابه في الأمعاء، ومن فشل كلوي وقصور في الرئة.

اعتقلته قوات الاحتلال، بعد مطاردة، حاولت قبلها اعتقاله إلا أن محاولة الاعتقال فشلت، حيث أصيب سامي في حينها في ساقه ولكنه تمكّن من الهرب، وفي المرة الثانية اقتحمت قوات الاحتلال الخاصة قريته سيلة الظهر لاعتقاله وأصيب بيده وبرأسه كما اصيب شخص آخر معه، واستشهد أثناء اعتقاله اثنين من رفاقه.

بعد اعتقاله خضع للتحقيق المكثّف لمدة 75 يومًا في مركز تحقيق الجلمة، تعرض خلالها لشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي، حيث نقل أثناء فترة التحقيق للمشفى ثلاث مرات، نتيجة للتعذيب الذي تعرض له، وكانت قوات الاحتلال تعيده من المشفى إلى غرف التحقيق مباشرة.

حكمت محكمة الاحتلال العسكرية على الأسير أبو دياك بالسجن ثلاثة مؤبدات وثلاثين عاماً، أمضى منها 17 عاماً، تنقّل خلالها في معظم السجون، وتعرضّ لقمع الوحدات الخاصة ككافة الأسرى، وجرى في عدّة مرات عزله انفرادياً كعقوبة لأشهر عديدة.

في أول فترة اعتقاله منع والديه من زيارته، وحتى اللحظة ما زال أخويه ممنوعين من زيارته، أما أخيه سامر، فقد اعتقلته قوات الاحتلال بعد ثلاث سنوات من اعتقال سامي، وحكم عليه بالمؤبد و25 سنة، لتبدأ معاناة الأخوين مع الأسر من جهة، ومع المرض والإهمال الطبي من جهة أخرى.

إهمال وزنزانة

في عام 2015، بدأ يعاني الأسير سامي أبو دياك من ألم في البطن وكان حينها يقبع في سجن ريمون، ومرّ أسبوعان وهو يأخذ المسكنات من عيادة السجن دون تشخيص حالته، وبعد أسبوعين فقد سامي الوعي ليتم نقله لمشفى “سوروكا”.

وفي المشفى أجروا له عملية وأبلغوا أخاه سامر الذي كان يقبع حينها في سجن هداريم أنها عملية الزائدة الدودية. بعد يومين من إجراء العملية نُقل سامي “لعيادة سجن الرملة” حيث أفاد الطبيب أن وضعه غير طبيعي وأوجاعه مستمرة فتم نقله مرة أخرى للمشفى سوروكا، وعاينه الطبيب الذي أجرى له العملية وقال إنه لا يعاني من أي مشكلة.

وخلال 48 ساعة تنقل الأسير سامي 5 مرات ما بين “عيادة سجن الرملة” ومشفى “سوروكا” دون أن يتم تشخيص حالته ومعرفة المشكلة التي يعاني منها والتي تسبب له الأوجاع المستمرة، حتى تم نقله في المرة السادسة لمشفى “أساف هروفيه”. وعند دخوله للمشفى أجروا له عملية واستأصلوا 30 سم من أمعاءه بعد أن تبين أنه يعاني من مرض السرطان.

وخلال وجوده في مشفى “أساف هروفيه”، أجريت له أربع عمليات جراحية ومكث فيه لمدة أربعة أشهر، دخل خلالها في غيبوبة لمدة 34 يومًا، نتيجة لوضعه الصحي الحرج الذي تفاقم نتيجة لخطأ طبي تعرّض له الأسير بعد إجرائه عملية الزائدة الدودية في مشفى “سوروكا”. وذلك بحسب ما أفادت الطبيبة التي أجرت عملية استئصال الأمعاء بأساف هروفيه لشقيقه سامر.

حيث قامت إدارة سجن “هداريم” باستدعاء شقيقه الأسير سامر وأبلغته أن سامي دخل في غيبوبة ووضعه حرج ويريدون منه إلقاء نظرة الوداع عليه.

نُقل سامر لمشفى أساف هروفيه ليجد شقيقه في وضع حرج ومع ذلك مقيّد من رجليه ويده على الرغم من أنه غائب عن الوعي. التقى سامر بالطبيبة التي أجرت عملية استئصال الأمعاء لسامي وأبلغته أن الخطأ الطبي الذي حصل في مشفى سوروكا لا تتحمل مسؤوليته، وأبلغته بحالة شقيقه الصحية والتدخلات الطبية التي أجريت له.

وفي اليوم التالي أحضرت سلطات الاحتلال عائلة الأسير سامي لإلقاء نظرة الوداع عليه باعتبار أن حالته ميؤوس منها وسوف يزيلون الأجهزة الطبية عنه. إلا أنه في اللحظات الأخيرة قام سامي بتحريك أصابعه وفتح إحدى عينيه وبالتالي قرروا عدم إزالة الأجهزة.

بدأ سامي مرحلة العلاج الكيماوي بعد نقله “لعيادة سجن الرملة” واستمر العلاج لمدة 8 أشهر، ومن ثم نقل لسجن “ريمون”. عاد سامي ليشعر بالألم في عام 2017، ونقل إلى “عيادة سجن الرملة” وبعد إجراء الفحوصات تبين أن هناك كتلة سرطانية في أعلى بطنه وبناءً عليه عاد للعلاج الكيماوي في مشفى “أساف هروفيه” واستمر علاجه لمدة 12 شهر.

وفي بداية علاجه للمرة الثانية تحدث الطبيب مع الأسير سامر شقيق سامي وأبلغه أن المرض منتشر في الأمعاء والدواء لا يعطي نتيجة. ومنذ أواخر عام 2017 انتقل الأسير سامر “لعيادة سجن الرملة” كمساعد لشقيقه المريض.

ومنذ أن بدأت معاناة سامي مع المرض، لا زال يأخذ الأدوية والمسكنات لتخفيف آلامه، حيث أن معاناة سامي وأوجاعه تجعله لا يستطيع النوم أو الأكل بشكل طبيعي، ولا يقوى على الحركة إلا على كرسي متحرك، ويحتاج لرعاية خاصة ومستمرة لممارسة حياته اليومية، “والحديث عنا عن شقيقه سامر”.

قتلوه كل يوم!

أكّدت المادة (76) من اتفاقية جنيف الرابعة على وجوب تقديم الرعاية الطبية التي تتطلبها حالة الأسير الصحية، ونظراً لأن حالة الأسير سامي خطيرة، فإنه كان يتوجب أن يتم توفير الرعاية الصحية المناسبة لوضعه الدقيق، وكانت إعادة الأسير سامي بعد يومين من إجراء عملية جراحية “لعيادة سجن الرملة” منافية لكل ما كفلته المواثيق الدولية التي توجب تقديم رعاية صحية مناسبة لا تتواجد في “عيادة سجن الرملة”.

كما ونصت القاعدة (27) من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء على أنه: “تَكفل جميع السجون إمكانية الحصول الفوري على الرعاية الطبية في الحالات العاجلة. أمَّا السجناء الذين تتطلَّب حالاتهم عنايةً متخصِّصة أو جراحة فينقلون إلى مؤسسات متخصِّصة أو إلى مستشفيات مدنية. ومن الواجب، حين تتوفَّر في السجن دائرة خدمات طبِّية خاصة به تشتمل على مرافق مستشفى، أن تكون مزوَّدةً بما يكفي من الموظفين والمعدات لتوفير خدمات العلاج والرعاية المناسبة للسجناء المُحالين إليها”.

وفي حالة الأسير سامي أبو دياك لم يحصل على الرعاية الطبية الفورية، كما ولم يمكث في المستشفيات المدنية المؤهلة مدة كافية تتناسب مع وضعه الصحي الخطر حيث كان ينقل بشكل دوري ما بين المستشفيات المدنية و”عيادة سجن الرملة” التي لا تشتمل على مرافق المشفى وهي غير مزودة لا بالموظفين المختصين ولا بخدمات العلاج المناسبة، وهذا التنقل يزيد من معاناة الأسير المريض ويفاقم حالته وقد يصل إلى تخلّي المريض عن حقه في العلاج والرعاية الصحية نتيجة لرحلة المعاناة التي يخوضها أثناء التنقل.

كما وأن الحاجة لوجود الأسير سامر وغيره من الأسرى الذين يعتنون بالأسرى المرضى في “عيادة سجن الرملة” يظهر تنصل سلطات الاحتلال من التزاماتها في توفير أطباء وممرضين مختصين لمرافقة الأسرى المرضى وتوفير احتياجاتهم الصحية والشخصية التي تتناسب مع وضعهم الصحي.

لم تكتفِ سلطات الاحتلال بالتنكيل بالأسير سامي من خلال نقله المستمر بين السجون والمستشفيات، بل وأبقت على الأسير مقيّداً بسرير المشفى حتى وهو غائب عن الوعي ولا يحرك ساكناً.

ورفضت لجنة الإفراج المبكر التابعة لإدارة سجون الاحتلال النظر في الطلب المقدم من الأسير للإفراج المبكر عنه، وجاء قرار الرفض بعد تطبيق اللجنة “قانون مكافحة الإرهاب لعام 2016 وتعديلاته” والذي ينص على أن الأسرى الذين وجهت إليهم تهمة القتل العمد ومساعدة القتل، بموجب “قانون مكافحة الإرهاب” لن يتم منحهم الفرصة لتقصير مدة عقوبتهم.

في يوم الثلاثاء 26/11/2019، استشهد الأسير سامي أبو دياك في “عيادة سجن الرملة” التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة الإنسانية، وتفتقد للتجهيزات والمعدات اللازمة. قبل استشهاد الأسير سامي بأسبوعين، تفاقم وضعه الصحي وجرى نقله لمشفى “أساف هاروفيه” المدني، ليتم إعادته مجدداً إلى “عيادة سجن الرملة” حيث استشهد.

وبذلك يكون الأسير سامي أبو دياك شاهداً على انتهاكات وممارسات الاحتلال التي تنتهك الحقوق الأساسية للأسرى من خلال عدم الاستجابة الفورية للحالات المرضية والمماطلة في تشخيص الأمراض بالإضافة إلى الانتهاكات التي تمارس بحق الأسير المريض من نقل مستمر وإهمال طبي.