مرايا – شهدت محافظة المفرق أمس حفل إشهار اول فيلم وثائقي متلفز يحكي قصة التواجد المسيحي في المفرق بعنوان ” مسيحيي المفرق” برعاية وزيرالداخلية السبق ، العين حسين المجالي .

ويعد الفيلم التلفزيوني الذي استغرق اعداده حتى إخراجه أزيد من عام ونصف العام إنتاجا متفردا من إنتاج وإشراف الزميل الصحفي فيصل بصبوص يسرد عبر تسلسل تاريخي رحلة حياة وتواجد الطوائف المسيحية بالمفرق .

وتناول الفيلم التواجد المسيحي في الأردن كأقدم المجتمعات المسيحية في العالم و انتشر المسيحيّون فيه في بدايات القرن الأول.

وأظهر الفيلم خاصية خاصة ،والنصيب الاوفر في احتضان المؤمنين المسيحيين عندما كانت الدعوة سرية خوفا من بطش الرومان ويدلل على ذلك الاكتشافات الاثرية التي بينت وجود اقدم كنسية في العالم في رحاب ويعود تاريخها للقرن الاول الميلادي في موقع يضم العديد من الكنائس القديمة وتقريبا الى الفترة ما بين 33 و70 من القرن الاول الميلادي،

وتضم المفرق وقراها كنائس تاريخية مهمة تعود للقرن الاول الميلادي كقرية حيان المشرف واكتشف فيها كنيستين اثريتين تعودان للعصرين الثاني والسادس الميلادي ، وقرى ام النعام وام السرب وصبحة وصبحية وسما السرحان وحمامة وام القطين وام الجمال والفدين وقرية خطلة وغيرها الكثير مما يدلل على تواجد الديانة المسيحية منذ البدايات الاولى .

و تناول الفيلم العهد الحديث للمسيحين حيث ساهموا بانشاء النواة الاولى لمدينة المفرق مع باقي العشائر الموجودة فيها كبني حسن والشوام والمعانية منذ عشرينات القرن الماضي بهدف التجارة نظرا لوجود سكة الحديد الحجازي بالمفرق ثم للعمل في شركة بترول العراق I.B.C والطريق البري لها .

وظهرت الحاجة لبناء الكنائيس في المفرق مع ازدياد اعداد المسيحين فيها بعدما كان راعي كنيسة الحصن يقدم الرعاية الكنسية .

واليوم يوجد اربعة طوائف وهي اللاتين والروم الارثوذكس والروم الكاثوليك والطائفة الانجيلية ، ويمارس المسيحيون طقوسهم وعباداتهم وتجارتهم وحياتهم بكل حرية.

ويساهم مسيحيو المفرق يدا بيدا كنسيج اجتماعي عربي اصيل مع باقي ابناء المفرق كما ساهمو باثراء الحركة التعليمية من خلال انشاء المدارس الخاصة واقاموا الجمعيات والدواوين لعشائرهم لمزيد من التواصل وخدمة المفرق بالحملات التطوعية في المناسبات المختلفة.

وتطرق الفيلم إلى بناء اول كنيسة بالمفرق بالتعاون مع الجنود الانجليز المعسكرين في المفرق انذاك لتقديم الرعاية الكنسية للجنود والعمال في شركة نفط العراق وتم تدشينها في 20 / 4 / 1944 ثم بنى الاب فؤاد حجازين الكنيسة الحالية عام 1949 وتم تحويل الاولى الى مدرسة للذكور .

واكد الزميل بصبوص ان إنتاج الفيلم جاء بدعم من وزارة الثقافة على هامش اختيار المفرق مدينة الثقافة الاردنية في العام ٢٠١٧ بهدف توثيق التواجد المسيحي في المفرق عبر فيلم وثائقي مرجعي يقوم على تسلسل تاريخي يقوم على ذاكرة المكان والزمان والمرجعية العلمية .

وسرد بصبوص بعض القصص الواقعية للتواجد المسيحي والتلاحم المجتمعي بين أبناء الطوائف المسيحية والمسلمين من أبناء المفرق على اختلاف عشائرهم حيث جسد ذلك قيام الأب يوسف صوالحه خوري كنسية اللاتين آنذاك بإصلاح جهاز الصوت والسماعات في مسجد المفرق الكبير عند تعطلها ثم بادله امام المسجد الشيخ العربي وعدد من أبناء المفرق بتبرعهم بالدم للاب صوالحه عندما احتاج ذلك بسبب مرض الم به .

وبين بصبوص ان الاردن رغم الظروف الراهنة والمحيط الملتهب يعد أنموذجا العيش الإسلامي المسيحي داعيا العالم للاطلاع على حالة الانسجام والتلاحم والوئام التي يعيشها أبناء الاردن مسلمون ومسيحيون التي أسأسها قيادة هامشية حكيمة ومجتمع اردني واعي متماسك .

وعلى هامش حفل الاشهار انعقدت جلسة حوارية تناولت العيش الإسلامي المسيحي في الاردن تحت عنوان ” الاردن انموذجا” أدارها الزميل مجحم العدوان ضمت العين حسين المجالي والأب نبيل حداد الرئيس التنفيذي لمركز التعايش الإسلامي المسيحي والنائب السابق جميل النمري ومدير آثار المفرق الدكتور اسماعيل بني ملحم

تحدثوا فيها عن تميز الاردن عبر العالم والوئام والعيش السلمي بين جميع ابناءه .

وأكد المتحدثون على ضرورة وضع الأماكن التراثية على المسارات السياحية ودورها في تنمية المجتمعات وخلق فرص عمل لأبناء المنطقة .

وشكل الفيلم حالة من الافتخار والاعتزاز بين أبناء المفرق وشعور بالرضا والسعادة مطالبين ضرورة توثيق المعلومات التي تناولها الفيلم ونشرها في الخارج وتشجيع السياحة الأماكن الدينية الاسلامية والمسيحية.

وعبر مسيحيو المفرق عن تقديرهم وأفتخارهم بهذا الجهد التوثيقي الذي يعرض لمرحلة من تاريخ حياتهم بالمفرق كتجربة فريدة اولى من نوعها على مستوى العالم تجسد عمق وحسن العلاقة بين المسيحين والمسلمين في المفرق بشكل خاص وعلى مستوى الاردن بشكل عام .

وانتهى حفل الاشهار الذي حضره نواب وأعيان ورئيس مجلس المحافظة وجمع غفير من ابناء المجتمع المحلي بمعزوفات ومقاطع فلكلورية ووصلات غنائية وطنية قدمها فرقة كشافة كنيسة الروم الأرثوذكسي نالت رضا وإعجاب الحضور.