مرايا – باصرار لافت, قال رئيس الورزاء بالوكالة إن اعوام 2018 و2019 سيحملان شعار التطوير الاداري وتعظيم هيبة الدولة، ولا نقول استردادها وكذلك كانت الحال مع وزير الشؤون السياسية والبرلمانية, فالاداء الاداري مسكون بالرعب والارتجاف والترهل رغم حصول اكثر من 85% من موظفي الدولة على تقديرات سنوية تتخطى حاجز الجيد جدا, في اشارة واضحة الى منسوب الاختلال الاداري الرسمي مع اعتراف صريح لرئيس الوزراء بالوكالة خلال برنامج مواجهة التلفزيوني بأن ثلاث دوائر تعيش حالة تراجع واختلال “ الاراضي والجمارك والضريبة “ , مشيدا الرجل بكفاءة الاحوال المدنية والدفاع المدني وهما تابعان الى الحكومة والى وزارة الداخلية على وجه الحصر.
ابرز اشتراطات استرداد الهيبة والاصلاح السياسي هي المكاشفة وشرح الاسباب الموجبة لاي قرار كتعبير واقعي عن حق الجمهور بالمعرفة, فكل التعيينات والتعديلات تخلو من شرح الاسباب الموجبة ولربما اختزل الوزير موسى المعايطة المعادلة في اجابته عن سؤال لكاتب المقال, بتعليق الاسباب على المشجب الاجتماعي الذي يرفض الاساءة الى زميل في الحكومة حسب قوله او كشف السبب الحقيقي حرصا على الجانب الاجتماعي رغم ما في ذلك من انتكاسة للواقع السياسي ومعادلة الثواب والعقاب, تلك المعادلة التي تمنح المجتهد حقه وتمنح المقصر عقابه, وهذا ما افضى الى الترهل الاداري وانعدام الابداع الوظيفي؛ لانه لا يدخل في الاعتبار للترقي او للثواب .
سؤال الهيبة مرتبط عضويا بارتقاء الثقة في القرار الرسمي الذي يمعن في مخافلة الاشتراطات اللازمة للتطوير, فخلال عقود سابقة كانت ابرز معضلة تواجه التطوير الاداري ظاهرة الهبوط بالبراشوت على المواقع الرئيسة او اختيار الوزراء على قاعدة اجتماعية من شاكلة النسب والقرابة والصداقة الاقتصادية, فرحل المجتهدون عن المواقع القيادية ووصلنا الى ابرز اختلال تعانيه الوظيفة الرسمية وهي القيادات الوسيطة او المتوسطة التي شابها الارتجاف وقلة الخبرة وتحقيق المنفعة للداعم في الوصول الى المنصب, ودفعنا ثمن ذلك انهيار في منظومة الادارة العامة والخدمة العامة ايضا .
الوظيفة العامة يجري تأميمها اليوم بقرار وزاري دون الخضوع للامتحانات اللازمة والتنافسية الكريمة الخالية من شبهة الواسطة والمحسوبية, وتحمل ايضا عوامل احباط لموظفي القطاع العام المحبطون اصلا والذين يعانون من تراجع في التدريب والتاهيل واساليب الترقية الوظيفية الآمنة وكل ذلك يجعلنا نشكك بقدرة الحوكمة على تحقيق الهدف المنشود بالتطوير الاداري , ولعل الواجب اليوم يقتضي تشكيل لجنة وطنية عليا “ ملكية “ للتطوير الاداري باتت واجبة وضرورية وثمة خبرات ادارية واسعة تستطيع ان تضع معايير دقيقة لتطوير الادارة العامة بعد ان عجزت وزارة تطوير القطاع العام عن التطوير بل زادت الاعباء على الخزينة العامة وعلى الموظفين وحافظت على امتيازات المؤسسات المستقلة التي هي بيت الداء .
التطوير الاداري ليس ترفا فهو اساس التطوير في الدولة بعد ان خسرنا من قرارات ادارية فاشلة اموالا تكفي لسداد عجز موازنات كثيرة وليس موازنة سنة واحدة, والعجيب ان كل الحكومات تعترف بالخلل الاداري وتعترف بكلفته العالية على الدولة ولكن دون اجراء جراحي واحد لمعالجة هذا الخلل .