مرايا – كتب عمر كلاب – كانت الفاجعة ربما التي تلقاها معظم مؤيدي الدكتور الرزاز في بقاء 15 وزيرا من الحكومة الراحلة بغضب شعبي , حتى ان كثيرون اعتبروها تعديلا على رئيس الحكومة وليس تغييرا وزاريا , وثمة من رأى ان الاستجابة للمطالب الشعبية برحيل حكومة الملقي جاءت محدودة وبما يؤشر بأن الرأي العام ليس وحده اللاعب الرئيس في المعادلة السياسية , فهناك مراكز صناعة قرار لها ثقل فاعل ومؤثر بأعلى من الرأي العام وهدير الحناجر الغاضبة , لكن سرعة استجابة الرزاز بسحب قانون الضريبة ومحاورته الاسرع للمجمع النقابي الذي قاد الحراك الرمضاني , قلصت حجم الغضب ومنحت الشارع راحة مسنودة بتراجع مفاعيل التصعيد بعد ارضاء النقابات المهنية .
باستثناء الاسماء التي قدمت من خارج العلبة التقليدية والمحسوبة على الرئيس شخصيا لم يحمل فريق الرزاز اية مفاجأة ولم يمنح اشارات تطمين او رضى , وهذا تطلب تعديلات على الحكومة بلغت ثلاثة تعديلات في اقل من عام وشملت وزارات سيادية وخدمية ثقيلة , مما يؤشر على ان الرئيس خاب أمله في القادمين الجدد اضافة الى عدم قدرته على احداث التناغم والانسجام داخل فريقه , ناهيك عن خضوعه لتعديل اجباري طال عضوين بارزين في حكومته وربما من الاكثر انتاجية في الفريق بعد حادثة البحر الميت او فاجعته , وطالت مفصلين اساسيين , مفصل السياحة الذي احدث تقدما ملموسا ومفصل التربية والتعليم الذي كان رهان الرئيس الاول .
استقر الرئيس على فريقه الحالي وفق خلطة عجيبة لا يمكن قراءة شيفرتها الا بوصفها حصيلة توافقات ضمنية بين الرئيس ومراكز صنع القرار , فالعناصر الشابة في الفريق الوزاري ممزقة بين ولائين , فريق محسوب بقوة على النائب رجائي المعشر وفريق محسوب على الرئيس , ومن المؤكد ان الرزاز حقق توازنا مهما في مراكز القوى داخل الفريق الحكومي باستعانته بخبرة ثقيلة في وزارة الداخلية من خلال الوزير المزمن سلامة حماد , الذي يعمل وفق اجندة مهنية لا تقبل التبعية لاي فريق , وكذلك الاستعانة بقيمة تربوية بحجم وليد المعاني لوقف زحف فريق المعشر , بحيث بات الفريق الوزاري مسنودا بأثقال مهنية تحسم الكتلة الحرجة داخل مجلس الوزراء وبقاء هذه الكتلة ضمن مقاعد العمل المؤسسي الوزاري دون الحاجة الى لعبة الاستقطاب .
الفريق الوزاري بات اكثر هدوء , بعد التعديل الاخير , مما منح الرئيس فرصة العمل الميداني والاداري , لكنه ما زال في اطاره المحدود , خاصة مع غياب اي ملمح سياسي في الحكومة وهذا خلل يجب ان يعالجه الرئيس بسرعة , دون الارتكان على بعض حركات اكروباتية من وزير الشباب والثقافة, وركود فيزيائي مربك من وزير الشؤون السياسية , فهدوء الاجواء داخل مجلس الوزراء لا يعني بالضرورة ان الانسجام قد حصل , فما زالت التصريحات المرتبكة كثيرة والمتضاربة احيانا تكشف حجم الاختلال المعرفي والادائي داخل المجلس والفريق , مما يسمح بين الفينة والاخرى للحديث عن عمر الحكومة ويسمح اكثر بحدوث اختراقات تكسر افاق الامل بعمل تراكمي , ولعل الرئيس مسؤول لوحده عن قراءة هذه النقطة بعد ان اختار التوافقات السياسية مع مراكز صنع القرار بدل التشاركية في برنامج عمل وطني تم التمهيد له بإزاخات في مواقع رئيسة وحساسة , فالتوافقات فيها ارضائية على عكس التشاركية التي تفضي الى برنامج عمل تكاملي وادوار مرسومة ومحددة , واذا لم يعالج الرئيس هذا الخرق في فريقه وطريقة ادارته فسيبقى الاداء دون الحد الادنى المقبول من شخصية بحضور عمر الرزاز .
omarkallab@yahoo.com