مرايا – بهدوء :عمر كلاب – ذات ثورة طلابية تتناسب والعقل الشبابي في النصف الاول من ثمانينيات القرن الماضي , اطلقنا شعارا يحمل الكثير من التمرد على الواقع , وإن كان مسكونا بكتابات مهدي عامل وحسين مروة تحديدا , كان يقول ” اسماعليون سنبقى حتى يُعيد القرامطة ميلادهم ” , كنا يساريين ثوريين , ولنا ملاحظات كثيرة على الاحزاب اليسارية خصوصا في جانب علاقة احزاب اليسار بالاتحاد السوفييتي الذي يقود اليسار على ارضية الشمسية المعروفة – اذا امطرت في موسكو فإن الشيوعيون العرب يحملون مظلات الشتاء – وانتقاد أشد ضد علاقة هذه الاحزاب بنظامي البعث في العراق وسورية وتحديدا مع سورية .
كنا نقرأ القرامطة بعيون حسين مروة وبأنهم ثورة وكذلك الحركة الاسماعيلية , وتفتح ادراكنا اكثر , بعد الصدام المذهبي في العراق ولبنان , وكيف اسهم تيار سياسي طغت شيعيته على شيوعيته في وصول حزب الله الى ما وصل اليه وكيف نجح هذا الحزب في اغتيال كل المفكرين اليساريين اللبنانيين وتحديدا اتباع المذهب الشيعي حسب تصنيفات المذهبية هناك , وكأن الرسالة تقول لا يجوز ان يحمل لواء الثورة سوى حزب الله كعنوان للمقاومة رغم المرجعية الدينية الطاغية في الحزب , وربما ساهمنا , نحن كيسار اردني وعربي في هذا التضليل , دون تأسيس نظري ان معركة التحرر الوطني تحتاج الى تحالفات حتى مع الحركات الدينية , لكن تلك الحركات الغت الجميع كدأبها , فخرجت حركات التحرر القومي واليساري من المشهد لصالح التيارات الدينية سواء من اتباع المذهب السني – حماس – او الشيعي – حزب الله – .
سقت هذه المقدمة للتأسيس لمقاربة جديدة تطغى على اساليب الاتصال والتواصل في العمل الرسمي , وهي اجهاض كل اساليب وادوات الاتصال والتواصل لصالح عالم الافتراض ومواقعه المتعددة , فبعد ” الفيس بوك ” بتنا اقرب الى ” تويتر ” في الاتصال والآن ثمة هجرة الى ” الانستغرام ” بوصفه اكثر تمثيلا للطبقة الراقية من الفيس بك الذي بات للطبقات الاقل , وكأن الشعار بات يقول ” تويتريون نحن الى ان يُعيد الانستغراميون ميلادهم ” وخلال هذه الهجرات والتغريدات نسينا العامل البشري في الاتصال والتواصل , فوعنا اسرى الافتراض وعوالمه وأخشى ان تكون نهايتنا كمجتمع وحكومة مثل نهاية الحركات القومية واليسارية , مجرد خيال لتاريخ مجيد .
انقل الخشية , لأن التيارات الدينية تسيطر بكفائة وثقافة على هذه العوالم الافتراضية , ويمكن لا تحليل لمحتوى الرسائل على مواقع التواصل الاجتماعي ان يصل الى نتيجة مفادها ان الرسائل الدينية تحتل المرتبة الاولى دون منافس وبحجم يصل الى 80% من المحتوى الافتراضي , فكل المجموعات الافتراضية سرعان ما تتحول الى الوعظ والارشاد , وتصبح الرسائل المتبادلة ادعية وباقات ورد ممهور فوقها دعاء او حديث دون سند , وسرعان ما تتحول هذه الوداعة في الرسائل الى هجوم شرس على كل من يقع بقصد او دون قصد في ملف ديني , واتحدث عن تجارب كثيرة ودراسات طويلة .
اليوم وقع الجميع اسير التواصل الافتراضي , مع اغفال كبير لامراض هذه المواقع , التي باتت فرصة لكل رخيص او قليل حيلة ووعي للتعبير عن احقاده , بل ان مستوى الكراهية والتعصب والتطرف بلغت مداها في هذا العالم الافتراضي الذي ساوى بين الجاهل والعاقل كما ساوى المسدس بين الجبان والشجاع , وبتنا نرى نكرات واشباه رجال ممزوجون بالذل والخيانة حتى اعلى رؤوسهم يتنمرون على الدولة والمجتمع , فهل فقدت الدولة والمجتمع اعصابه الحساسة لصالح هذه المواقع البلهاء ؟ وما هي ارتدادات غياب التواصل الانساني على الدولة والمجتمع ؟ اسئلة بحاجة الى قراءة قبل الاجابة .