مرايا – كتب : عمر كلاب
سرعان ما ردّ الوزير سعد جابر حامل ملف الصحة الضربة الى وزير آخر ، في مرحلة السريالية التي تعيشها حكومة النهضة ، فقد اعلن معتمد الصحة ان حامل ملف العمل هو المسؤول عن الاختلال في مستشفى البشير والذي اسفر عن استقالة مدير المستشفى مساء قبل العودة عنها صباحا ، بعد ان قام ديوان الخدمة المدنية بتعيين كوادر تمريضية من المحافظات البعيدة عن العاصمة بدل الاستعانة بالاقربين ، مما اسفر عن استنكاف المعينيين ، بشكل لم يسمح لكوادر البشير القليلة عددا بالاصل من تشغيل مستشفى الطوارئ الجديد بشكل لائق ، وكانت النتيجة ضحية بعمر الورد لم تجد قضيتها حقها في المتابعة والملاحقة ولم تجد من يطالب بدمها اسوة برفاقها شهداء البحر الميت .
لعبة التلاوم وتبادل الاخطاء والشكاوى ليست جديدة على اعضاء حكومة النهضة ، من جيل السيرلاك في العمل العام ، فوزير التقانة الرقمية يشكو من وزير المالية ، ووزير المالية يشكو من وزير الصناعة والتجارة ووزير الزراعة يشكو من وزير العمل وهكذا الحبل على الغارب ، وقبل ذلك شكى وزير النقل من مجلس الوزراء كله ، الذي لا يستمع اليه ، بعد ان نسي وزير النقل ميكرفون اجتماع الزوم مفتوحا – والقصة حقيقية وليست لغاية الطرافة – وقبل كل ذلك يشكو وزراء الخدمات من وزيرة ( الطائة ) التي تمتنع عن السير في اجراءات تخفيض كلف الطاقة على القطاعات المتعددة رغم جريان الاف الكيلوات من الكهرباء في التربة .
ما يجري اليوم في اروقة الحكومة اقرب الى غرفة صفية طازجة ، يتلاوم الاطفال فيها ويشكون فيها بعضهم بعضا الى معلم الصف ، ونتذكر جميعا ما جرى معنا في ايامنا الاولى من الدراسة وحجم الشكاوى البريئة التي نقلناها الى المعلم – استاذ محمد أخذ برايتي ، استاذ محمد اخذ مسطرتي وهكذا – ولأن مجلس الوزراء يخلو من براءة رغم طفولة اعضائه فلا نستبعد ان نسمع شكوى غدا من وزير يشكو زميله للرئيس – دولتك نضال أخذ كمامتي او خالد أخذ الهايجين بتاعي – .
في حكومة تواجه استحقاقات كبرى على المستوى الداخلي ، انتخابات عامة ، وباء شرس يفتك بالاقتصاد والصحة ، ويفرض اسلوبه على انماط الحياة كافة ليس في بلدنا فقط بل في العالم اجمع ، نحتاج الى فريق محترف ، فريق قادر على الاستجابة الموضوعية لكل فجاءات الفيروس ، فالمعالجة لهذا الفيروس جديدة وتعتمد على منهجية الصح والخطأ او التجربة الجديدة التي تحتاج الى جرأة ووقار في اعلان الخطأ او الاستمرار ، مع انتاج بدائل سريعة حال خطأ المحاولة ، ولكن ليس باعتماد نفس الادوات كما تفعل الحكومة النهضوية لفظا الطفولية سلوكا .
اليوم لا تجلس مع وزير الا وتسمع منه مرّ الشكوى سواء من زميل او اكثر ومن شكل ادارة الرئيس للفريق ، حتى اولئك المقربين من رئيس الحكومة يشكون من عدم الحسم والحزم – طبعا على طريقتهم – ، ويشكو الجميع من الجميع ، مما يؤشر بجلاء ان الحكومة فقدت القدرة على العمل الجاد رغم شهوة الرغبة المتنامية لدى وزراء الصدفة للبقاء في المنصب ، شهوة غرائزية ضخمة للبقاء على الكرسي حتى لو احترق المجتمع بمجمله ، وخابت كل محاولات مواجهة هذا البلاء بسب قرارات فوقية جاهلة يتخذها مراهقون في العمل العام برتبة وزراء .
طبعا لا نتحدث ولن اتحدث عن المواجهات الاقليمية ودور الحكومة في الاستجابة لها فهذا ملف صعب يتولاه الملك ، ولكنه بحاجة الى ضبط الايقاع الداخلي وتقوية المناعة الوطنية لمواجهة فيرسات سياسية قادمة أشد فتكا من فيروس كوفيد ١٩ المعروف بفيروس كورونا ، واجزم ان هذا الفريق غير قادر على ذلك ولن أدخل في دائرة الظن انه غير راغب بذلك اصلا .