مرايا –
كلما استحوذت صورة التقطها المصور الحر يوسف فلفل (23عامًا) على إعجابه قام بطباعتها وتعليقها على جدار غرفته، سواء كانت شخصية له أو لأحد العامة خلال جلسة تصوير؛ حتى أضحت رُكامًا وأثرًا بعد عين؛ جراء القصف الإسرائيلي.
لكن لم يدُم جمال غرفة المصور فلفل التي امتلأت جدرانها بالصور الشخصية والمُبهجة أكثر من ثلاثة أشهر، حتى بددت الطائرات الإسرائيلية بقصفها لحي سكني مُكتظ وسط رفح الحُلم، وانهار كل شيء في لحظات دامسة من ليالي العدوان الإسرائيلي الصعبة.
ولم يقتصر القصف على تدمير غرف فلفل وعلى فقدانه لكاميرته وأرشيفه وصوره، بل على تدمير منزلهم بشكل شبه كُلي، وإصابة والدته وبعض أفراد أسرته، واستشهاد وإصابة العشرات في محيط منزلهم، الواقع في مخيم الشعوت للاجئين الفلسطينيين جنوبي قطاع غزة.
وعاد فلفل في اليوم التالي للقصف لتفقد منزله، ليجد كافة مقتنياته وصوره قد تمزقت وتكسرت وفقدها، ولم يجد بعد كاميرته أسفل الركام، التي لم يقم بسداد ثمنها كاملاً، بعد شرائها ومعدات أخرى للتصوير، بقرضٍ قدره 3 آلاف دولار قبل ثلاثة أشهر.
ويقول لمراسل “صفا”: “حُلمي انتهى، كل ما بنتيه خلال سنوات تحطم في ثوان، لا كاميرا ولا معدات ولا صور ولا أرشيف، حتى غرفتي التي لم أسكنها سوى ثلاثة أشهر في هذه المنطقة التي اشترينا فيها منزلاً من الإسبست لم يتبقى منها شيئًا، تحول كل شيء إلى ركام”.
ويعمل فلفل مصورًا حرً للمناسبات كحفلات الزفاف والتخرج وجلسات تصوير داخلية وخارجية، منذ سنوات، فكان يطمح أن يحول منزله إلى معرضٍ لأجمل ما التقطه كاميرته في حياته اليومية.
ويضيف “كنت أسعد الناس وأوثق لحظات الفرح والمرح وأجمل اللحظات في حياة بعض الناس؛ للأسف كل شيء انتهى وأصبح ماض وذكرى حزينة، لم أعد امتلاك صورًا أو معدات تبقى أشهر على سداد ثمنها كاملاً”.
ويتابع “دخلت منزلنا وبعد أقل من عشرة دقائق على دخولي وتجهيز نفسي للخروج، دوت انفجارات كبيرة، ولم أشعر بشيء، سوى سقف يسقط على رأسي، وحجارة، وتحول المكان لظلام دامس، لا أرى شيئًا، ولا أفهم بعد ما الذي حدث ومن الذي قُصِف وأين (..)”.
ويُشير إلى أنه بدأ يسمع صراخًا وأصوات مناداة “إسعاف.. إسعاف.. إسعاف..”، وعاد لمنزله بعد أن غادره للخارج للحظات ليدرك أن القصف لمنزل مجاور، ليضيء كشاف هاتفه بحثًا عن أفراد أسرته، ليجد أمه مُصابة في رأسها وشقيقه في قدميه وشقيقته كذلك، والبقية بجروح سطحية.
ويصف فلفل المشهد بـ”الكارثي والمُرعب”؛ قائلاً: “ركام هنا وهناك، وأشلاء شهداء ومفقودين ومصابين، وحالة رُعب وخوف لم أصدقها، فزع وذعر وصراخ فالكل يبحث عن أهله، كأن زلزالاً ضرب الحي المكتظ بالسكان والمنازل المتلاصقة”.
ويُعتبر مخيم الشعوت الواقع وسط رفح، أكثر مناطق المدينة اكتظاظًا بالسكان، ومُعظم منازله من الصفيح والأسبست، تقطنها عائلات فلسطينية لاجئة.
وارتقى في القصف 7 فلسطينيين، بينهم امرأة ونجلها وطفل وشاب وأصيب أكثر من 30 آخرين، فيما دمر منزلين بشكل كامل وأكثر من 10 بشكل بليغ.