مرايا – يترقب قانونيون وخبراء إقرار مجلس النواب، خلال جلسة يعقدها اليوم، مشروع القانون المعدل لقانون التحكيم الأردني للعام 2017، وذلك بعد أن أنهت اللجنة القانونية النيابية مناقشته.
ورأى هؤلاء خلال حديثهم أن من شأن “معدل التحكيم” في حال إقراره أن “يحقق نقلة نوعية في مجال التحكيم، وقد يمهد لإنشاء مركز تحكيم إقليمي في الأردن على غرار ما هو عليه في القاهرة ودبي”.
ومن أبرز التعديلات على قانون التحكيم رقم 31 للعام 2001: “سحب بعض الصلاحيات الممنوحة لمحكمة الاستئناف وتحويلها إلى رئيس محكمة التمييز، وذلك في العديد من الاختصاصات والقرارات، ومنها مثلا إنهاء مهمة المحكم بناء على طلب أحد الأطراف، إلى جانب تعديل يسمح بتطبيق أحكام قانون التحكيم الأردني ليشتمل على أي تحكيم يجري خارج المملكة في حال تم الاتفاق فيما بين الأطراف المتنازعة على ذلك، واعتبار أسلوب التراسل والتخاطب الإلكتروني وسيلة يصح فيها التبليغ وتترتب عليه آثار قانونية”.
كما تشمل التعديلات “منح صلاحية تعيين المحكم في حال عدم الاتفاق على تعيينه أو تعيين رئيس هيئة التحكيم لرئيس محكمة التمييز وليس لمحكمة الاستئناف كما كان عليه القانون السابق، وجواز أن يمثل الشخص الطبيعي نفسه أمام هيئة التحكيم، كما ويجوز أن يمثل الشخص المعنوي شخص أو أكثر، أياً كانت جنسيته أو مهنته”.
وحول مدى توافق التعديلات مع قانون أصول المحاكمات المدنية، يرى الخبير القانوني الدكتور عمر الجازي أنه “بصفة عامة، أنه لا تعارض بينهما، حيث إن التحكيم وسيلة بديلة للقضاء العادي ويحوز خصائص تميزه، ويجوز لأطراف التحكيم الاتفاق على شكل يغاير القواعد المتبعة في قانون أصول المحاكمات المدنية من حيث المدد وإجراءات التحكيم، وهو بذلك يعتبر استحقاقا لعملية التحكيم كونه وسيلة بديلة لفض النزاعات”.
ويضيف: “كما يجوز لهيئة التحكيم تطبيق أي قواعد واردة من حيث الإجراءات في أي قانون آخر في حال موافقة الأطراف على ذلك، كما يجوز اتباع القواعد الواردة في أي مركز تحكيم، سواء أكان داخل المملكة أم خارجها، في حال اتفقت الأطراف على ذلك، ما يعني أن عملية تطبيق القواعد الإجرائية على عملية التحكيم مشروطة باتفاق الأطراف”.
ويستدرك: “إلا أن عملية التحكيم لا تمنع أيا من الأطراف من اللجوء الى قاضي الأمور المستعجلة، سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها، واتخاذ أي إجراء وقتي أو تحفظي وفقاً للأحكام المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات المدنية”.
وفيما يتعلق بضرورة وجود المحامي في جلسات التحكيم، بين الجازي أن “مشروع القانون جاء ليعدل من وجوب تمثيل المحامين لأطراف التحكيم، وفقا لاشتراط قانون نقابة المحامين النظاميين بموجب المادة (41) منه، وفي إطار كون عملية التحكيم مسارا خاصا يمكن أن يؤول الى اختصاصات ومجالات مهنية محددة، مثل القطاع الهندسي أو الصناعي أو التأمين أو أي قطاعات مهنية أخرى تقتضي تواجد أصحاب الاختصاص للبت في موضوع النزاع التحكيمي، ولم يتم وضع أي قيود على أعضاء هيئة التحكيم”.
وحول التمهيد لإنشاء مركز تحكيم في الأردن، قال الجازي إن مشروع القانون “لم يشر إلى إنشاء مركز للتحكيم في الأردن، وإنما يعتبر المشروع بصفته العصرية حافزاً لاستقطاب أطراف النزاعات إلى المملكة لتسوية نزاعاتهم، بحيث يصبح الأردن مركزا وطنياً ويتطور ليصبح إقليميا”.
بدوره، بين نقيب المحامين مازن ارشيدات أن مشروع القانون الذي أقرته “قانونية النواب” يتعارض مع المشروع الذي قدمته الحكومة، مبينا أن الصورة التي خرجت بها اللجنة “أفضل”.
وبين أن أهم نقطة شملتها التعديلات أن “تصبح محكمة التمييز هي المختصة بكل ما يتعلق بالتحكيم وليس محكمة الاستئناف، من حيث تعيين محكم ورد محكم أو تصديق حكم تحكيم أو إبطاله، وهذه خطوة تعد متقدمة”، مستبعدا أن “يمهد مشروع القانون لإنشاء مركز تحكيم إقليمي في الأردن على الأقل في هذه الفترة”.
وبحسب عضو لجنة صياغة مشروع القانون المحامي ثائر النجداوي: “ارتأينا كلجنة أنه من غير المقبول تقييد قضايا التحكيم فقط على المحامين، وذلك لتسويق الأردن كمركز للتحكيم على مستوى الإقليم، الأمر الذي يسهل من توكيل محكمين أجانب بصرف النظر عن جنسيتهم ومهنتهم”.
وأضاف: “انا مدرك أننا لا نفهم بالقانون الفرنسي مثلا؛ لذا من حقنا استدعاء محكم فرنسي في القضايا المتعلقة بالقوانين الفرنسية، وهذا لا يعتبر تحجيما للمحامين الأردنيين”.
ورحب المحامي تامر خريس بخطوة مشروع القانون، معتبرا أن “التحكيم وسيلة بديلة لحل النزاعات، وهو تشريع موجود في كل دول العالم التي أوجبت مؤسسات لغايات التحكيم”، مشيرا إلى أن هناك مؤسسات لا تفضل إخضاع قضاياها للمحاكم، فضلا عن سرعة التحكيم في الفصل.
وأضاف: “ناهيك عن الخبرة، لأن المحكم قد يكون صاحب خبرة واختصاص أكثر مما هو في المحاكم”، معتبرا أن مشروع القانون “وضع لمواكبة التطور التشريعي وسد النواقص في القانون القديم، الذي من سلبياته ارتفاع أجور المحكمين، لعدم وجود تشريع يغطي الحد الأدنى لأجور المحكمين”.
من جهته، يرى الخبير القانوني محمد النسور أن “مشروع القانون ينسجم مع الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية واشنطن لتسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى واتفاقية الرياض للتحكيم، الأمر الذي يبرز أهمية أن يكون الأردن مركزا إقليميا للتحكيم”.
وأضاف أن “هذه الخطوة تنسجم مع رؤية اللجنة الملكية لتطوير القضاء، في تخفيف عبء القضايا على المحاكم، والتي تستغرق وقتا طويلا للفصل فيها، فالتحكيم يعتبر وسيلة حتى لو كان مكلفا”.
ونوه إلى أنها “ليست المرة الأولى التي يطبق فيها الأردن وسائل بديلة لفض النزاعات، فهناك قانون الحماية من العنف الأسري الذي أدخل الوساطة داخل الأسرة لحل النزاعات ذات الجنح البسيطة”.