مرايا – فيما تواجه غابات في الطفيلة خطر الجفاف المرتبط بتراجع معدلات الهطل المطري خلال السنوات الماضية، والذي أحال الأشجار الحرجية إلى أشجار يابسة، تؤكد “زراعة الطفيلة” استحالة إنقاذها اصطناعيا لأن بقائها مرتبط بالظروف المناخية.
ويدق مهتمون بالبيئة ناقوس خطر الجفاف الذي لحق بغابات عديدة في الطفيلة والتي تتميز بأنها كانت من أهم الغابات وأكثرها كثافة بالأشجار، بعد التخلص من الأشجار التي جفت وتحويلها إلى حطب من قبل مديرية الزراعة لتباع للمواطنين على شكل حطب للتدفئة.
وشددوا على خطورة الوضع الناجم عن ترك مساحات وبقاع فارغة في الغابات دونما إعادة زراعة لها، أو إعادة تأهيلها، في المناطق التي باتت عراء بعد قطع الأشجار الجافة منها بما سيؤدي إلى تفكك سطح التربة وانجرافها كون المناطق التي توجد فيها الغابات مناطق منحدرة.
وأشار مدير البيئة في الطفيلة المهندس هشام الخلفات إلى أن التحولات المناخية في السنوات القليلة الماضية أدت إلى تراجع كميات الأمطار التي تعتبر عماد الثروة الحرجية، وتعتمد عليها بشكل كلي كمصدر وحيد لريها، ما جعل أعداد كبيرة منها مهددة بالجفاف التام، بل وإلى التخلص مما جف منها لما تشكله من مصدر لتكاثر الحشرات والأحياء المختلفة التي تسهم في تردي الغابة زيادة عما تعانيه.
ولفت الخلفات أن بعض الغابات في الطفيلة فقدت جزءا من الأشجار فيها بسبب الجفاف، فيما الأشجار الموجودة فيها حاليا تهددها أخطار الجفاف، نتيجة عوامل المناخ المتمثلة في تراجع معدلات الأمطار عاما بعد آخر.
وأشار إلى أن مديرية البيئة تسعى مع الجهات المعنية إلى التنبيه بالأخطار المحدقة بالغابات خاصة فيما يتعلق بالجفاف الذي يضرب المنطقة جراء تراجع معدلات الأمطار، كما العوامل البشرية الأخرى، الكامنة وراء الأوضاع الاقتصادية التي تدفع البعض أحيانا إلى أن تكون الأشجار مصدرا للحطب بسبب ارتفاع أسعار المحروقات.
وقال الناشط البيئي عضو جمعية الحفاظ على الطيور البرية حسين الشباطات إن الغابات التي تعتبر موائل للعديد من الطيور البرية تشهد تراجعا ملحوظا، والمطلوب خطة شاملة للحفاظ على وقف جفاف تلك الثروة الوطنية والتي تنعكس آثارها على مجمل أشكال البيئة الحيوية، سواء للحيوانات أو الطيور التي تعيش فيها.
وأكد الشباطات أن على الجهات ذات العلاقة أن تضع إستراتيجية تسهم في وقف التراجع الذي يطرأ على الغابات في المنطقة والمنتشرة في كافة مناطق الطفيلة، كغابة ارويم وغابة الرشادية والمحالة وعابل والطفيلة الصناعية وتلك الأخرى الطبيعية كغابة لحظة والبرة في ضانا.
وبين أن الاعتداءات على الغابات تشكل سببا آخر في تراجع أعداد الأشجار في تلك الغابات، كما الرعي خصوصا على جوانب الطرق، والتي جب أن تراقب بشك لدقيق وفاعل، كما أهمية تغليظ العقوبات على المعتدين عليها.
من جانبه قال مدير زراعة الطفيلة المهندس حسين القطامين إن مديرية الزراعة تولي اهتمام كبيرا بالغابات الصناعية والطبيعية الموجودة في الطفيلة، والتي تكثر فيها أشجار السرو والصنوبر والبلوط واللزاب، من خلال الرقابة من قبل فريق من الطوافين وحراس الغابات.
وأكد القطامين تراجع حجم الاعتداءات على الغابات بشكل لافت بسبب العقوبات المغلظة بحق المعتدين، مشيرا إلى دور كبير ومهم للظروف المناخية التي تراجعت فيها كميات الأمطار بشكل تدريجي ومتواصل منذ نحو عقدين، حيث أن معدلات الأمطار في الطفيلة كانت تتراوح بين 300 – 400 ملم، والتي تراجعت لتسجل في العام الماضي أقل من 200 ملم.
وبين أن تراجع معدلات الأمطار كان له الأثر الواضح والمهم في تراجع نمو الغابات الصناعية والطبيعية على حد سواء، بحيث تعرضت مساحات منها للجفاف التام وتراوحت نسبة الجفاف فيها بين 30 % – 35 %، بما ساهم في فقدان أعداد من الأشجار الحرجية في العديد من الغابات بسبب الجفاف.
وبين القطامين أن استحالة عملية إعادة زراعة المساحات التي تعرضت أشجارها للجفاف بسبب تبدل الأحوال المناخية، حيث أن بعض الغابات الصناعية تمت زراعتها قبل أكثر من 50 عاما، وكانت حينها الظروف المناخية أفضل مما هي عليه حاليا كما ارتباط ذلك بمعدلات درجات الحرارة والتي بمجملها تشكل الظروف المناخية اللازمة لنمو تلك الأشجار.
ولفت إلى أن الانتشار الجذري تحت سطح التربة للغابات التي جفت فيها أعداد من الأشجار الحرجية تحول دون زراعة أشجار جديدة، إضافة إلى استنزاف التربة من المواد الغذائية اللازمة لنموها.
وأكد أن أي طريقة صناعية لإنقاذ الأشجار التي جفت هي طريقة شبه مستحيلة، بسبب تبدل الظروف المناخية الملائمة، وهي العامل الأساس في نمو الغابات والتي لا تتوفر حاليا خاصة فيما يتعلق بمعدلات الأمطار التي تراجعت بشكل لافت، ولم تسجل إلا كميات محدودة لا تزيد على 200 ملم. وأشار القطامين إلى أنه تم التخلص من الأشجار التي تعرضت للجفاف نتيجة سوء الأحوال المناخية بواسطة قطعها، وبيعها كحطب للمواطنين وفق الأصول المالية المتبعة وبإشراف من قبل مديرية الزراعة.
وبين القطامين أن التخلص من الأشجار الجافة من الغابات أفضل من الإبقاء عليها، والتي في حال ظلت في الغابة فإنها ستشكل بيئة خصبة للحشرات والأمراض الزراعية التي تنتقل لبقية الأشجار الحرجية فيها وتقضي على ما تبقى منها.