مرايا – رغم حالة الخوف التي رسمت حول سعاد قدور، إلا أن دعم والدها وزوجها كان الحافز الأقوى الذي انتصر في النهاية، لتذهب بكل جرأة وشجاعة إلى غرفة العمليات برفقة شقيقتها سمية؛ لتهب جزءا من جسدها لشقيقتها.
سعاد التي قدمت كليتها لأختها تقول “ان قرار التبرع بجزء من أعضاء جسمك جاء بعد ان شاهدت معاناة شقيقتي جراء اصابتها بالفشل الكلوي”.
وتقول سمية قدور، عن معاناتها مع الفشل الكلوي الذي اصابها قبل نحو عامين، إنه حتم عليها الاستمرار بعمليات غسيل الكلى، بعد ان تطابقت نتائج الفحوصات مع شقيقتها.
وأشارت إلى أنها اصرّت أن لا يكون هناك أي خطر على شقيقتها وهذا ما اكده الاطباء.
التبرع بالأعضاء ورغم انها من اسمى صور الإنسانية، إلا أنها ظاهرة خجولة في المجتمع الأردني، فبحسب إحصائية صادرة عن وزارة الصحة فإن أعداد المرضى الذين أجري لهم عمليات زراعة أعضاء بالقطاعين العام والخاص حسب صلة ودرجة القرابة خلال الأعوام الثلاثة الماضية بلغ 648 حالة.
وأظهرت الاحصائية أن صلة القرابة من الدرجة الثانية سجلت أعلى نسبة خلال السنوات الثلاث الماضية بـ 296 حالة، وحالات التبرع للوفاة الدماغية كانت النسبة الأضعف بثلاث حالات فقط.
وأجريت خلال السنوات السبع الماضية في مستشفيات القطاعين العام والخاص 1532 عملية زراعة أعضاء منها 1433 عملية زراعة كلى و99 عملية زراعة كبد.
رئيس المركز الاردني للتبرع بالأعضاء الدكتور عبد الهادي البريزات قال لوكالة الأنباء الاردنية (بترا)، إن المركز الذي استحدث عام 2010 ، تماشيا مع متطلبات منظمة الصحة العالمية لتشجيع زراعة ونقل الاعضاء سواء من الاحياء او المتوفين دماغيا، يقوم بالإشراف على جميع برامج زراعة الاعضاء والتبرع بها ضمن التشريعات والقوانين الناظمة ووجهة نظر الشرع.
وأشار الى ان اول عملية زراعة كلى في المنطقة تمت في عام 1972 في الاردن، وفي عام 1985 أجريت اول عملية زراعة قلب أيضا في مدينة الحسين الطبية، وفي عام 1997 أجريت أول عملية زراعة رئتين وقلب في الاردن، وفي العام 2004 اجريت اول عملية زراعة الكبد.
ونوه الدكتور البريزات إلى ان المتبرعين الاحياء لا يغطون الا نسبة 10% ممن هم بحاجة الى نقل أعضاء.
وأكد أهمية تفعيل البرنامج الوطني للتبرع بالأعضاء من الاشخاص المتوفين دماغيا لتغطية النقص الحاصل.
وحول ضعف التوجه العام الى التبرع بالأعضاء في حالات الوفاة الدماغية، أكد البريزات ان المركز قام بتدريب الكوادر من مختلف مستشفيات القاطعين العام والخاص ليكونوا ضباط ارتباط للمركز، الا ان اغلب هذه المستشفيات لا تقوم بتبليغ المركز عن حالات الموت الدماغي ليتسنى للمركز مخاطبة الاهل للتبرع.
وأكد أهمية تفعيل البرنامج الوطني للحد من عمليات تجارة الاعضاء خاصة وان هناك شبكات غير قانونية حول العالم تسعى لتطوير هذه الظاهرة.
وحول حالات الوفاة الدماغية اكد انه ليس كل من يوافق على التبرع يمكن الاستفادة من اعضاءه، لأنه ربما تكون الاعضاء غير صالحة.
وأشار الى انه خلال العام الماضي وافقت 9 عائلات على التبرع لكن المركز استفاد من متبرع واحد فقط، كما أن هناك ما يقارب 580 شخصا من الاردنيين اوصوا بالتبرع بالأعضاء.
يشار الى ان الأردن من الدول السّباقة في تنظيم هذا النوع من العمليات ففي عام 1956 صدر “قانون الانتفاع بعيون الموتى لأغراض طبية”، كما صدر “قانون الانتفاع بجسم الانسان” في عام 1977 والذي اشترط على الالتزام بالفتاوى الصادرة عن مجلس الافتاء الاردني في هذا الشأن خاصة ما يتعلق بحالات الموت الدماغي، وان يتم النقل في مستشفى تتوافر فيه الشروط والمتطلبات الفنية اللازمة لنقل الأعضاء وزراعتها، اضافة الى اجراء جميع الفحوصات والتحاليل المخبرية اللازمة ،وأن لا يقع النقل على عضو أساسي للحياة إذا كان هذا النقل يؤدي لوفاة المتبرع ولو كان ذلك بموافقته، وأن تقوم لجنة مؤلفة من 3 أطباء اختصاصيين بفحص المتبرع وأن يوافق المتبرع خطيا.
وأكد بريزات ان قرنية العين، من مكونات الصورة في عين الانسان، يفتقدها اناس كثيرون لا يستطيعون ان يبصروا، وهم ينتظرون من يتخذ قرارا بالتبرع بها بعد وفاته دماغيا، وهناك ايضا من ينتظرون ان يأتي أحد المتبرعين بكليته أو كبده او حتى قلبه.