مرايا – شؤون اقتصادية – اصدر مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية ورقة سياسات تفصيلية تحت عنوان «البرامج التنموية الوطنية بين التخطيط والتنفيذ»تناولت العديد من المواضيع ابرزها رؤية الاردن 2025 وغيرها من المواضيع الاقتصادية والخطط الموضوعة للسنوات المقبلة .
وسلطت ورقة السياسات الصادرة حديثا عن المركز ، الضوء على البرامج والخطط التنموية التي قدمتها الحكومة الأردنية في السنوات الماضية من أجل معالجة التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني، وتحفيز النمو الاقتصادي والبرامج والخطط»رؤية الأردن 2025»؛ والبرنامج التنفيذي التنموي 2016-2018 المنبثق عن الرؤية؛ وخطة تحفيز النمو الاقتصادي 2018-2022، وتعزيز مستويات النمو الاقتصادي في ظل التحديات الاقتصادية التي يشهدها الاقتصاد في الوقت الراهن، إضافة إلى تحقيق الاستقرار المالي، والحدّ من الهدر في الموارد المالية؛ والوصول الى مستويات آمنة من الدين العام، وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار، ورفع مستوى تنافيستها لتصبح جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتعزيز دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في ايجاد فرص العمل للشباب من خلال تشجيع روح الريادة والابتكار، وتشجيع دخول المرأة الى سوق العمل .
وأشارت الدراسة الى أن رؤية 2025 حددت الإطار العام المتكامل الذي سيحكم السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة على إتاحة الفرص للجميع. ومن مبادئها الأساسية تعزيز سيادة القانون، وتكافؤ الفرص، وزيادة التشاركية في صياغة السياسات، وتحقيق الاستدامة المالية وتقوية المؤسسات. ولكي يتحقق ذلك، لا بد من رفع مستوى البنية التحتية، ورفع سوية التعليم والصحة، بالإضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني للمساهمة في العملية التنموية وانطلاقا من هذه المبادئ، اقترحت الرؤية خارطة طريق للمستقبل تستلزم توافقاً من فئات عريضة في المجتمع حول معالم الطريق والأدوار المنوطة بمختلف الجهات المعنية وأصحاب المصالح في الاقتصاد، وفي مقدمتهم القطاع الخاص الذي يجب أن يلعب دورا بارزا في تحقيق الأهداف المنشودة.
وقالت الدراسة انه وقد انبثق عن هذه الرؤية البرنامج التنفيذي التنموي للأعوام (2018-2016) الذي يهدف إلى اتباع العديد من الإصلاحات الهيكلية في مجال ضبط المالية العامة وتحفيز النمو الشمولي وذلك للحفاظ على الاستقرار الاقتصاد الكلي ورفع تنافسية الاقتصاد الوطني وقدرته على خلق الوظائف ، ونظراً لاستمرارية تبأطو معدلات النمو الاقتصادي في المملكة، فقد تم وضع خطة لتحفيز النمو الاقتصادي للفترة (2022-2018) بهدف استعادة زخم النمو الاقتصادي الأردني واستغلال الإمكانات الواعدة والكامنة للتنمية في المملكة.
وخلصت الدراسة الى العديد من الاستنتاجات المهمة حول الرؤية والبرنامج التنفيذي لها وخطة التحفيز الاقتصادي اردفتها بالعديد من التوصيات الرامية الى تجاوز الاخطاء والتحديات والمعيقات التي وقفت امام تنفيذ تلك الخطط وربما تفشل عمل الرؤية لعام 2025.
ومن ابرز الاستنتاجات التي خلصت اليها الدراسة أن هناك ترحيلا للمشاريع من خطة إلى أخرى دون وجود مساءلة حول نسب الإنجاز، فالعديد من الأهداف الموضوعة ضمن هذه الخطط غير قابلة للقياس، حتى على المستوى القطاعي ، وكمايلاحظ خلال السنوات الماضية اقتصار الإصلاحات الحكومية، ومنذ بداية العام 2016، على رفع الرسوم والضرائب لتنفيذ التزامات المملكة أمام «الصندوق» وتراخي الحكومة عن الإصلاح في الجانب التشريعي، وفي الأطر الحاكمة للنشاط الاقتصادي في المملكة.
وأضافت الدراسة إن العديد من الإجراءات والسياسات المقترحة ضمن «رؤية الأردن 2025» ليست جديدة فقد كانت موجودة في الخطط والاستراتيجيات السابقة التي طوّرتها الحكومة والقطاع الخاص، مثل الأجندة الوطنية؛ واستراتيجية الحدّ من الفقر؛ وبعض الاستراتيجيات القطاعية الأخرى إلا أنها لم ترى طريقها إلى التنفيذ ، مشيرة الى ان هنالك تشابها في البرامج والخطط المعلنة من قبل الحكومة للإصلاح وتحفيز معدلات النمو الاقتصادي في المملكة خلال الأعوام من (2016 – 2025)، كما يلاحظ وجود بعض التضارب في المرتكزات الأساسية لهذه البرامج مع بعضها بعضاً.
وقالت الدراسة ان هنالك تبايناً في نسب النمو المستهدفة في البرامج الوطنية التي وضعتها الحكومة، وبنيت على أساس «رؤية الأردن 2025»، ما يدلل على أن الأهداف القطاعية في هذه البرامج تختلف عن بعضها بعضاً، ويوحي بوجود تضارب أحياناً في الأهداف القطاعية، أو أن نسب النمو المستهدفة هي نسب تأشيرية، ولم يتم عكس الأهداف القطاعية في جميع هذه الخطط على النسب الكلية المستهدفة.
وأشارت الدراسة الى ان الحكومة استمرت بالاعتماد على المساعدات الخارجية خلال السنوات الماضية لسدّ العجز في الموازنة، وسياسات فرض الضرائب ورفع معدلاتها دون التخفيف من عجز الموازنة، إلا أنه كان له انعكاس سلبي على الاقتصاد، إذ ارتفعت أسعار العديد من السلع والخدمات مع بقاء معدلات دخل الأفراد ثابتة، ما ساهم في تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي، وزيادة التضخم في المملكة خلال الآونة الأخيرة.
وقالت الدراسة انه وخلال الدراسة تبين بان بعض المشاريع ضمن البرنامج التنفيذي التنموي للأعوام من (2016-2018) وردت بوصفها مشاريع مستمرة وقيد التنفيذ مع تكاليف كلية مخصصة لها ضمن الموازنة العامة بحجم أعلى من الكلفة الكلية المرصودة لها ضمن المنحة الخليجية، فهنالك عملية ترحيل لهذه المشاريع والخطط في الأعوام المقبلة. ويدل هذا الأمر على ضعف الشفافية، وغياب النهج التشاركي اللذين نصت عليهما الرؤية الملكية.
وأشارت الدراسة الى أن هنالك اختلافات في التوجهات والرؤى والأرقام المستهدفة للدين العام في هذه الخطط، فقد أكدت «رؤية الأردن 2025» على ضرورة تخفيض الدين العام ليصل إلى حوالي 47% من الناتج المحلي الإجمالي دون التطرق إلى أي شق من الدين الذي سوف يتم تخفيضه (الدين الداخلي، أم الخارجي). أما في البرنامج التنفيذي التنموي للأعوام من (2018-2016) فقد ورد ضمن الإطار الكمي للمالية العامة ضرورة العمل على تخفيض الدين الخارجي بمختلف السُبل من خلال شراء الديون خصوصاً ذات الفائدة المرتفعة، إلى جانب الاستمرار في العمل على مبادلة الديون واستغلال الاتفاقيات المبرمة في هذا المجال.
وبينت الدراسة ارتفاع معدلات البطالة في الأردن خلال العامين 2015 و2016، ولم تتوافق مع أهداف «رؤية الأردن 2025»، كما استمرت بالارتفاع خلال عام 2017، علماً بأن الخطة كانت تتوقع تخفيض معدلات البطالة إلى 11.56%.
وخلصت الدراسة الى أن جزءاً كبيراً من التضخم في المملكة هو تضخم مستورد؛ نتيجة اعتماد الاقتصاد كثيراً على الاستيراد، وبخاصة النفط الخام والسلع الغذائية والاستهلاكية الأخرى. وقد شهدت هذه المعدلات ارتفاعاً خلال العام 2017، إذ بلغت حوالي 3.32%، حيث جاءت هذه النسب أعلى مما كان واردا في الخطط، حيث بلغت القيمة المتوقعة في الخطط حوالي 2.40%.
وبينت الدراسة أن مؤشرات التنافسية وأنشطة الأعمال للمملكة شهدت تراجعاً في العام 2016 ولم تتحقق أهداف البرنامج التنفيذي التنموي التي تم رسمها لتقدم ترتيب المملكة في هذه المؤشرات، الإ أنه طرأت تحسنات واضحة في هذه المؤشرات خلال العام 2017، وتم تحقيق الأهداف المرجوة في البرنامج بشكل أفضل من العام السابق.
وقالت الدراسة ان ترحيل عدد من الإجراءات التشريعية والقانونية من البرنامج التنفيذي التنموي للأعوام (2018-2016) إلى خطة تحفيز نمو الاقتصاد الأردني للأعوام (2022-2018)، مثل إقرار قانون الأموال المنقولة؛ وقانون المساءلة الطبية ، مشيرة الى أن المنحة الخليجية لم تساهم في تحفيز النمو الاقتصادي الذي قد يعود لأوجه إنفاق هذه المنحة التي خلت من مشاريع كبيرة ذات قيمة مضاعفة لعناصر النمو الاقتصادي.
وخرجت الدراسة بالعديد من التوصيات حول ملخص ورقة السياسات التي اصدرتها ومن ابرزها التزام الحكومة بتنفيذ البرامج والمشاريع الوارده بالخطط في الإطار الزمني المرسوم لها تفادياً لترحيل المشاريع من عام لأخر والعمل على دمج الخطط والبرامج الحالية في برنامج واحد متسق الأهداف وواضح المعالم، يحتوي على مؤشرات قابلة للقياس: قطاعياً وكلياً، ضمن خطة زمنية محددة مع رصد للموارد المالية اللازمة لتنفيذها.
وكما اوصت الدراسة بعدم ربط الأصلاحات بالتمويل الخارجي الإ اذا كان متاحاً او مضموناً عند وضع هذه الخطط والبرامج الاقتصادية وتنسيق السياسات التجارية التي تتبعها الحكومة، ولا بد من ربط هذه السياسات مع السياسات الداعمة للقطاعين: التصديري والاستثماري ، وتشكيل وحدة خاصة في رئاسة الوزراء مسؤولة عن وضع الخطط والاستراتيجيات للوزارات والدوائر وبرامج التنمية الاقتصادية لضمان اتساقها وعدم تضارب أهدافها وزيادة الشفافية والمساءلة للحكومة، وبخاصة فيما يتعلق بالمشاريع ضمن المنح بشكل عام والمنحة الخليجية بشكل خاص.
ومن بين التوصيات التي اوصت بها الدراسة عدم ترحيل أجزاء من الخطط التنموية والإصلاحية من برنامج إلى آخر ومن عام لأخر ، وان على مجلس النواب القيام بدوره الرقابي على الحكومة فيما يتعلق بتنفيذ الاصلاحات ضمن الخطط الوطنية المقره متابعتها وتقييمها ، بالاضافة الى تفعيل قانون الشراكة مع القطاع الخاص وتوسيع مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ الخطط التنموية والمشاركة في المشاريع الاستراتيجية.