مرايا – توقع المجلس الأعلى للسكان، أن تتضاعف أعداد اللاجئين السوريين في المملكة من 1.2 مليون إلى 2.757 مليون نسمة خلال العام 2040 وبزيادة نسبتها 130 %، وذلك في حال عدم عودة اللاجئين إلى بلادهم وثبات نسب النمو السكاني.
وبحسب وثيقة صدرت عن المجلس، فإن هذه الفرضية تأتي ضمن 6 فرضيات تتعلق باللاجئين السوريين، وتصفها الوثيقة بـ”التنبيهية”، وهي أن عدد اللاجئين سوف يصل إلى هذا المستوى في حال استقر معدل النمو السكاني للسوريين عند 2.9 % خلال السنوات الـ22 المقبلة و”استمرار الأوضاع الحالية”.
كما توقعت الوثيقة أن يبلغ عدد السوريين في الأردن 2.6 مليون نسمة بعد 20 عاما، وهي الفرضية نفسها التي يطرحها “الأعلى للسكان” ضمن سيناريوهات تحول النمو السكاني في المملكة الى “فرصة سكانية” العام 2040.
وفي سياق الفرضية ذاتها (عدم العودة)، سيكون عدد اللاجئين وفق وثيقة الفرصة السكانية العام 2050 حوالي 3.4 ملايين لاجئ.
ويرى خبراء، أن تحقق هذا السيناريو سوف يعيق الاستفادة من الفرصة السكانية التي تتيح خفض نسب الإعالة في المجتمع من خلال تغير التركيبة العمرية للسكان، بحيث تكون أعمار ممن هم في سن الإنتاج أكبر من أعمار المعالين من كبار السن والأطفال.
وأما الفرضيات الأخرى ضمن الوثيقة، فستكون هناك عودة طوعية للسوريين بأعداد منتظمة ليصل العدد الى ما كانوا عليه قبل اللجوء، وهذه الفرضية تقدر أعداد اللاجئين في 2040 بحوالي 740 ألف لاجئ، أما الفرضية الأخرى فهي تتوقع يكون العدد حوالي 767 ألفا.
وهناك فرضية تقترح انخفاض أعداد السوريين حتى العام 2030 بنسبة 40 % وعودة الثلث بين 2030 و2050 وهي تتوقع أن يصل عدد السوريين في 2040 إلى حوالي 615 ألفا، أما الفرضية التي تفترض عودة نصف السوريين قبل 2030 وعودة الثلث خلال 2030 و2050 فهي تفترض أن يصل عدد السوريين الى 519 ألف لاجئ، وأخيرا الفرضية التي تقول بثبات معدل النمو والبالغ 1.9 % خلال الفترة بين 2015 و2025 وانخفاضه بين 2025 و2030 وبدء عودتهم بعد 2030 بأعداد منتظمة فهي تتوقع أن يصل السوريون الى 1.1 مليون لاجئ.
وتعرف الفرصة السكانية أنها “فرصة الاستفادة من التغير في التركيبة العمرية للسكان بحيث يكون أعمار ممن هم في سن الإنتاج أكبر من أعمار المعالين من كبار السن والأطفال”، وقد حدد المجلس الأعلى للسكان ذروة الفرصة السكانية العام 2040، بحيث يكون فيه نسبة السكان في أعمار القوى البشرية (15-64) أعلى قيمة لها، فيما أن نسبة الإعالة العمرية أدنى قيمة لها، وهذا يتحقق بشكل أساسي مع تخفيض معدلات الإنجاب الكلي.
أمين عام المجلس الأعلى للسكان، ميسون الزعبي، أكدت أن تأثيرات اللجوء السوري على الفرصة السكانية ستكون “سلبية” في جميع الحالات، وستؤخر الفرصة السكانية في أفضل “الفرضيات” حوالي 16 عاما.
وبينت الزعبي، أنّ نسبة النمو السكاني لدى السوريين عالية جدا، خصوصا مع الخصوبة العالية وتزايد ظاهرة زواج القاصرات لديهم، وهذا سيشكل عبئا على الاقتصاد الأردني، خصوصا أن الفرصة السكانية لا تتحقق إلا بتخفيض معدلات المواليد.
وأكدت الزعبي ضرورة وضع السياسات والخطط التي من شأنها أن تخفف من تأثير السوريين على “الفرصة السكانية”.
وتقدر تكلفة اللاجئين السوريين اليوم على الاقتصاد الأردني بحوالي 2.5 مليار دولار سنويا؛ حيث كان موقع منصة خطة الاستجابة (jrpsc) قدر تكلفة اللجوء خلال الأعوام الثلاثة المقبلة (2018-2020) بحوالي بـ7.5 مليارات دولار.
وتشمل هذه التكلفة 13 قطاعا هي التعليم والصحة والطاقة والبيئة والعدالة والأمن الغذائي وسبل العيش والبلديات والمأوى والأمن الاجتماعي والنقل والمياه والصرف الصحي والإدارة، كما أن هناك بندا يشمل الدعم والأمن وخسارة الدخل واستهلاك البنية التحتية.
ووفقا لخطة الاستجابة 2018-2020، فإن “الأردن يستضيف حاليا أكثر من 1.3 مليون سوري، منهم 655 ألف لاجئ مسجل في الأمم المتحدة، وهم يواجهون مزيدا من الضعف في مدخراتهم ومواردهم”، فيما أنّ “اللجوء أثر بشكل كبير على المالية الأردنية والقدرة على تقديم خدمات ذات جودة للجميع (السوريين والأردنيين)”.
خبيران اقتصاديان اتفقا مع الزعبي، حول أن اللجوء السوري سيؤخر الفرصة السكانية وسيؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني في المستقبل، خصوصا اذا ما ترافق ذلك مع عدم وجود تخطيط استراتيجي ممنهج في الاقتصاد.
ويرى الخبير الاقتصادي، زيان زوانة “أنّ الوجود السوري سيكون عائقا في تحقيق الفرصة السكانية”.
وبين زوانة، أنّ هذا سيضيع الفرصة السكانية التي ستشكل ضغوطات على الموارد الأردنية وبنية المجتمع كاملا في المستقبل، خصوصا أنّ القرار الدولي تجاه القضة السورية هو التعامل مع استمراريتها وليس نهايتها.
وأكد زوانة، أن الاقتصاد لو كانت تتم إدارته بالشكل الصحيح لكانت هذه الإضافة السكانية “الماهرة” ستشكل عنصرا إيجابيا في الاقتصاد الوطني.
وبين “أن الاقتصاد يدار بمنهجية خاطئة أوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم من مشاكل، ومع استمرار هذه المنهجية، فإنّ الاقتصاد لن يتحسن وسيزيد سوء مع وجود اللاجئين السوريين وتكاثرهم”.
أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، د.قاسم الحموري، أكد أنّ النمو السكاني الذي حصل في الأردن مؤخرا لم يكن طبيعيا بسبب هجرة اللاجئين السوريين الى المملكة، وأشار الى أنّ استطاعة الأردن في تحمل أعباء اللاجئين مستقبلا خصوصا مع تزايد أعدادهم “أمر مشكوك فيه”، خصوصا أنّ الأردن فقير في موارده وما يزال المجتمع الدولي متقاعسا في الوقوف الى جانبه في مواجهة أعباء اللجوء.
وأكد الحموري، أنّه من الصعب التنبؤ بمستقبل اللاجئين في الأردن، خصوصا مع التقلبات السياسية المستمرة منذ سنوات؛ حيث إنّ هناك الكثير من السيناريوهات المتداولة اليوم بخصوص الأزمة السورية، إلا أن اللجوء حتما في حال توطنهم في الأردن سيكون له أثر سلبي كبير على الدولة الأردنية.