مرايا – شؤون محلية – يعكس إعلان وزارة الصحة خطة إصلاح القطاع الصحي، توجهاتها نحو إعادة ترتيب بيتها الداخلي عبر سلسلة إجراءات أعلن عنها وزير الصحة الدكتور محمود الشياب بمؤتمر صحفي اخيرا، كشف فيه أبرز التحديات والملفات التي تواجه الوزارة، والآفاق المستقبلية لآلية عملها التي تنحو نحو اللامركزية.
الشياب أكد صراحة أن إدارة وزارة الصحة مغرقة بالبيروقراطية ومركزية القرار، ما من شأنه أن يؤثر على تأخر الخدمة الصحية المقدمة للمواطنين، فضلا عن تأكيداته على السعي لعدالة التوزيع في المعالجات بين المواطنين من خلال خريطة صحية جديدة ستعمل على إعادة توزيع المراكز الصحية ودمج بعضها، بهدف تقديم خدمة مثلى، وإنشاء مستشفيات جديدة وذاتية الادارة لمستشفيات، مثل مستشفيات الزرقاء والسلط الجديد والبشير.
وتؤكد وزارة الصحة أن رفد المستشفيات والمراكز الصحية بأطباء متخصصين واجهزة حديثة، هو هاجسها واكبر تحدياتها، ما يتزامن مع حديث رسمي متصاعد عن تردي الخدمة، على الرغم من ان الانفاق السنوي على القطاعات الصحية يتجاوز مليارا و400 مليون دينار، هو رقم ضخم، لدى مقارنته بضعف الخدمة الصحية التي يقدمها القطاع الحكومي.
وفق الوزير الشياب، فان البداية ستكون باعادة هيكلة الوزارة وتوزيع الصلاحيات، اذ ستدار الوزارة من خلال الوزير والامين العام، وعدد من المساعدين، أحدهم فني وآخر إداري وسواهما، فضلا عن دمج الادارات متشابهة التخصصات، ومنح صلاحيات واسعة لمدراء الصحة في المستشفيات والمراكز التابعة لنطاق اختصاصهم.
والوزارة على ما يؤكد مسؤولوها، ستتجه للتفرغ لملف تأمين التخصصات الطبية، والتدريب وتأمين الاجهزة والادوية والمطاعيم وعمليات الرصد الوبائي، وانشاء المباني الخاصة بالمراكز والمستشفيات، ضمن خطة تعتمد تصنيف الخدمة فيها والارتقاء بعملها.
وتعمل الوزارة حاليا على تفعيل الرقابة على المستشفيات والمراكز والعيادات والمختبرات الخاصة ومراكز التجميل من خلال تعديل التشريعات الناظمة، بمسعى لتحسين ادائها وتنظيم عملها، استجابة لقانون الصحة العامة.
وفي سياق معالجة ازدواجية التأمين الصحي، تعكف وزارة الصحة حاليا، بالتعاون مع عدد من الجهات المهنية على اعداد قاعدة بيانات للمؤمن عليهم صحيا في مختلف القطاعات الحكومية والعسكرية والجامعات والقطاع الخاص والضمان الاجتماعي وشبكة الأمان الاجتماعي.
مصادر مطلعة في الوزارة قالت : 

ان قاعدة البيانات التي تنفذها شركة دولية، سيكون مركز البيانات فيها محميا بصفة خاصة، وستحدد جميع المؤمن عليهم بمختلف اشكال التأمينات، وستسعى لمنع ازدواجية التأمين الصحي، فضلا عن اجراء دراسات اجتماعية تبين الملاءة المالية لطالبي الاعفاءات والتأمين الصحي، من خلال قواعد بيانات حكومية موثقة.
والراجح ان وزارة الصحة ستنسحب تدريجيا من ملف ادارة التأمين الصحي، وستكتفي بدور الجهة التنفيذية لعمليات المعالجة بمستشفياتها ومراكزها، اذ ستمنح هذه الادارة صفة هيئة حكومية تتبع غالبا للمجلس الصحي العالي، وتنسق اتفاقياتها وانظمتها بمعزل عن الوزارة.
ويتوقع حال الانتهاء من تجهيز قاعدة البيانات، ان تصل نسبة المؤمن عليهم الى 90%، بعد كشف الحاصلين على تأمين غير حكومي، فضلا عن خفض الفاتورة الحكومية من الاعفاءات الرسمية لطالبي التأمين بعد تصنيف التأمين، ووضع حد للمعالجات وتحديد السقف الأعلى والأدنى للخدمة التأمينية.
مصدر طبي خبير يؤكد أن الخطة الحكومية التي أعدت بالشراكة مع مختلف القطاعات، صعبة التطبيق، نظرا لان تطبيقها يحتاج لمبالغ مالية كبيرة لا تتوفر حاليا، فيما يمكن الحديث عن نجاح الخطة نظريا في تطبيق منظومة التشريعات والقرارات التي قد تسرع باخراج القطاع الطبي الحكومي من عنق الزجاجة.
ورأى الخبير أن أول القرارات المهمة كان السماح للجنسيات المقيدة بالدخول للمعالجة، مما يفتح آفاقا كبيرة للسياحة العلاجية، ويخفف من أزمة القطاع الطبي الخاص.
أما ثاني القرارات التي بدأت الوزارة بتنفيذها، فهو الاعتراف بفشل فكرة التأمين الصحي الشامل دفعة واحدة، وتأكيد الوزارة على تأمين المشتركين على مراحل، حال توفر التمويل المالي اللازم لكل مرحلة، إذ تستعد الوزارة حاليا لدراسة تأمين طلبة المدارس الحكومية، والتأكيد على أهمية تأمين طلبة القطاع الخاص عبر مدارسهم من خلال عقود تأمينية تنظمها المدارس الخاصة مع اطباء وعيادات في القطاع الخاص.
وستعكف الوزارة قريبا على اطلاق الاستراتيجية الوطنية للصحة المدرسية، التي قال عنها وزير الصحة، انها لن تكون حبرا على ورق كسابقاتها من الخطط، وانها ستكون على اجندة الوزارة قيد التنفيذ بالتعاون مع وزارة التربية. وفي هذا السياق يؤكد مدير الصحة المدرسية خالد الخرابشة،  أن الخطة جاهزة وتنتظر اجراءات التنفيذ قريبا حيث سلمت لوزارة التربية بالشراكة مع مختلف الجهات الرسمية.
وزير الصحة، كان شدد على تشكيل وحدة لإدارة المشاريع بوزارة الصحة تتبع للوزير مباشرة، وتتولى متابعة تنفيذ الخطة بالمؤشرات، ووفقا للجداول الزمنية المحددة والانفاق المالي.
وتتناول الخطة الحكومية سبعة محاور رئيسة، هي الرعاية الصحية الاولية، الرعاية الصحية الثانوية، التأمين الصحي، القطاع الدوائي، السياحة العلاجية، الاعتمادية وضبط الجودة، والصحة الالكترونية.
وتتضمن الخطة 131 مشروعا ومبادرة بتكلفة تبلغ 602 مليون و118 الف دينار تغطى من موازنات الوزارات والمؤسسات المعنية والمنح والقروض.
اليوم، تقف وزارة الصحة على مفترق طرق، لتخطي بيروقراطية القرار، وتأمين الكوادر الطبية، خصوصا اطباء الاختصاص، عبر الابتعاث والتعاقد واستقطاب الخبرات الطبية في القطاع الحكومي، وإعادة توزيع الخبرات الطبية على المراكز والمستشفيات ذات الحاجة الماسّة.