مرايا – تستمر حركة النزوح من مناطق درعا في الجنوب السوري، التي بدأت مطلع الأسبوع مع خرق النظام الهدنة المستمرة هناك منذ شهر يوليو (تموز) الماضي بإطار اتفاق – أميركي – أردني – روسي، يسري في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء. ويتخوف سكان المنطقة هناك من تمهيد يقوم به النظام بقصفه المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بالطيران الحربي، لشن معركة كبيرة تتزامن مع المعركة التي يشنها على الغوطة الشرقية أو تليها مباشرة.
وتحدثت مصادر ميدانية من درعا لـ«الشرق الأوسط»، عن «تعاظم مخاوف سكان المنطقة من حملة عسكرية يشنها النظام بعد أشهر من الهدوء، ما دفع قسماً كبيراً منهم للنزوح إلى مناطق أخرى»، فيما كشفت معلومات عن «استدعاء قادة الفصائل العاملة في الجنوب السوري إلى عمان»، بعيد دعوة وزارة الخارجية الأميركية يوم الاثنين الماضي إلى «اجتماع عاجل» في الأردن، «لضمان الحفاظ على منطقة خفض التصعيد».
ويُجمع قادة الفصائل في الجنوب على أن تمهيد النظام لمعركة في درعا، أمر متوقع، ويرجح قائد «جيش مغاوير الثورة»، مهند الطلاع، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تشن القوات النظامية وحفاؤها معركة في الجنوب بعد الانتهاء من معركة الغوطة الشرقية، «لذلك نضع الضربات التي تنفذها الطائرات الحربية في خانة «الضربات التمهيدية».
من جهته، يؤكد عضو المجلس العسكري في «الجيش الحر» أبو أحمد العاصمي عدم صحة «ما يروج له النظام عن استعداد فصائل الجنوب لشن عمل ضده للتخفيف عن أهالي الغوطة»، معتبراً أن النظام «يتحجج بذلك لقصف المنطقة التي تخضع منذ يوليو (تموز) الماضي، لما هو أشبه بالحظر الجوي تمهيداً لعملية عسكرية قد يشنها قريباً حتى قبل حسم المعركة في الغوطة التي قسمها إلى 3 أقسام». وقال العاصمي لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نترقب اجتماعاً يُعقد في عمان دعت إليه واشنطن على أن يضم الدول الـ11 التي كانت ممثلة في غرفة الموك، ونرجح إعادة تفعيل هذه الغرفة».
ونقلت وكالة «الأناضول» التركية في وقت سابق عن مصادر خاصة، وصول قرابة 200 ضابط وجندي من القوات الأميركية إلى قاعدة التنف قرب الحدود السورية – الأردنية – العراقية، بالإضافة لوصول عدد آخر من الضباط البريطانيين إلى الحدود السورية – الأردنية. ورجحت المصادر، بأن تخوض الولايات المتحدة الأميركية والجيش البريطاني، بالتعاون مع الجبهة الجنوبية «الجيش الحر»، معركة تتمحور حول ضرب الميليشيات الشيعية التي تديرها إيران، شمال درعا، والقنيطرة، مع احتمالية تمدد العمليات نحو البادية السورية، وسط البلاد.
واعتبر الخبير العسكري الأردني اللواء الطيار المتقاعد مأمون أبو نوّار، أن «الأميركيين سيقومون بكل ما يلزم كي يبقى الوضع في الجنوب السوري على ما هو عليه، لجهة استمرار اتفاق خفض التصعيد حماية لبوابة منطقة نفوذهم الواقعة شرق الفرات، حيث يوجد 2500 جندي مارينز، وتمتد من قاعدة التنف إلى الحدود التركية على مساحة 1300 كلم»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «النظام الذي لا يسيطر على الحدود، لا في الشمال أو الشرق أو في الجنوب، يسعى بالمقابل لاستعادة سيادته بالسيطرة على الحدود الأردنية – السورية من خلال فتح المعبر هناك، سعياً وراء بعض الشرعية، ما يجعل الأمور مفتوحة على أكثر من احتمال جنوباً».
وفيما ظل المشهد في درعا ضبابياً، أعلنت فصائل «الجيش السوري الحر» الأربعاء، السيطرة على عدد من القرى والتلال في ريف حماة وسط سوريا. وقال قائد عسكري في «جيش العزة» لوكالة الأنباء الألمانية: «أطلقت فصائل المعارضة معركة (الغضب لغوطة دمشق) وسيطرت على بلدة الحماميات وقرية المغير وتلة كرناز وصومعة الحبوب في ريف حماة الشمالي الغربي». وأكد القائد أن «العشرات من عناصر القوات الحكومية سقطوا قتلى وجرحى وأسرى»، لافتاً إلى أن «فصائل (الثوار) تتابع التقدم باتجاه مواقع القوات الحكومية».
وأعلنت فصائل المعارضة، أمس، إطلاق معركة «الغضب للغوطة» بمشاركة 10 فصائل أبرزها «جيش العزة» و«جيش الأحرار» و«جبهة تحرير سوريا» و«لواء الحمزة» و«جبهة الإنقاذ المقاتلة». وقالت الفصائل المشاركة في المعركة، في بيان: «أخوتنا في غوطة دمشق جراحكم تؤلمنا وعدوكم عدونا، وها هي حصون العدو تتهاوى تحت ضربات إخوانكم وجثث الميليشيات الأجنبية والمرتزقة تملأ الأرض». وأضاف: «إخوتنا في الغوطة نعلم معاناتكم من الحصار والقصف والتدمير وسعي العدوان الروسي والأسدي لإيقاعكم بفخ التهجير».
من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع عمليات قصف جوي وصاروخي تنفذها قوات النظام، بالتزامن مع اندلاع معارك عنيفة على محاور عدة بريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي، لافتاً إلى أن فصائل المعارضة تواصل هجومها على مواقع قوات النظام والمسلحين الموالين لها ضمن المعركة المسماة «الغضب للغوطة». ورصد «المرصد» سيطرة الفصائل على بلدة كرناز وقرية حماميات بشكل كامل، بالإضافة لتقدمها داخل قرية المغير وسيطرتها على أجزاء منها ومن تل الحماميات. ووثق مقتل «ما لا يقل عن 12 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، مقابل 6 على الأقل من الفصائل والأوزبك بينهم قائد عسكري».