إشهار ومناقشة كتاب “تطور القطاعات الاقتصادية الاستثمارية عبر تاريخ الأردن” للدكتور أكرم كرمول
د. كرمول: تطوير القوانين والأنظمة ساعد في تطور القطاع الصناعي وتنويعه خلال السنوات الماضية
د. كرمول: العمل العربي المشترك والترويج ورفع سوية البنية التحتية لجذب استثمارات القطاع السياحي
د. أبوصعيليك: الطاقة والمياه من القطاعات التي تؤدي دوراً هاماً في تعزيز المنظومة الاستثمارية
د. أبو صعيليك: بروز واضح لريادة الأعمال والتجارة الالكترونية في ظل انتشار منظومة الدفع الالكتروني
د. أبوحمور: الاقتصاد الأردني يشهد ركوداً تضخمياً ويتطلب إصلاحاً اقتصادياً شمولياً بالإضافة إلى تعزيز الاستقرار النقدي والمالي دون إرهاق المواطنين وتعزيز الأمن الغذائي والمائي ومكافحة الفساد والبطالة
مرايا – شؤون محلية – استضاف منتدى الفكر العربي حفل إشهار ومناقشة كتاب “تطور القطاعات الاقتصادية الاستثمارية عبر تاريخ الأردن” لمؤلفه د. أكرم كرمول المهندس الاقتصادي ورئيس الجمعية الوطنية الأردنية لحماية المستثمر، وأدار اللقاء وشارك فيه الأمين العام للمنتدى ووزير المالية الأسبق د. محمد أبوحمور، وقدم تعقيباً حول مضامين الكتاب النائب المهندس د. خير أبو صعيليك رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب.
وفي كلمته التقديمية أشار د. محمد أبوحمور إلى أن الاقتصاد الأردني عانى من أزمة خانقة بعد التراجع في معدلات النمو ومع بداية حالة الركود التي شهدها الاقتصاد العالمي والإقليمي. وقال د. أبوحمور: إن الأردن تأثر سلباً بأزمة حرب الخليج الثانية مما ساعد على ارتفاع معدلات البطالة والفقر، مؤكداً أهمية إحداث تحوُّل هيكلي لصالح قطاعات الإنتاج السلعي، والتركيز على تطوير الصناعات التحويلية التي تعتمد على المواد الخام المحلية، وتساهم في إحداث ترابط بينها وبين بقية القطاعات لمعالجة أحد أهم الاختلالات في الاقتصاد الأردني، كما يتطلب أيضاً دعم قطاع الخدمات الذي يشكل حوالي 69%من الناتج المحلي من جهة، وقدرة القطاعات السلعية على توليد الدخل وتوفير فرص العمل، وتحقيق التشابكات القطاعية، وإيجاد بيئة تشريعية وإجرائية تشجع استقطاب الاستثمارات، والمساهمة في تنويع القاعدة الإنتاجية وتوسعتها، لتجاوز أزمة تراجع تدفقات الاستثمار الخارجي وتزايد الاختلالات في الموازين الاقتصادية الخارجية جراء تراجع أو تباطؤ نمو الصادرات الوطنية وتزايد الواردات، ما أفضى إلى الانكشاف الاقتصادي؛ مشيراً إلى أن استمرار الظروف السياسية الإقليمية غير المستقرة، يؤثر سلباً على حجم التدفقات الاستثمارية القائمة التي أخذت في الهروب إلى الخارج بحثاً عن بيئات استثمارية جاذبة، كما أن عدم استقرار التشريعات الاقتصادية والنظام الضريبي سيؤدي إلى تراجع النشاط الاقتصادي، وتذبذب معدلات النمو كمؤشر على الانكماش، مما يتطلب تعزيز الاستقرار النقدي والمالي دون إرهاق المواطنين وتعزيز الأمن الغذائي والمائي ومكافحة الفساد والبطالة.
ووصف النائب المهندس د. خير أبو صعيليك رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب محتوى هذا الكتاب بأنه خلاصة خبرة تدل على تماس كبير مع القطاعات الاقتصادية، وخاصة أن المؤلف كان قد عمل في الأمم المتحدة ووزارة التخطيط ووزارة الصناعة ومؤسسة تشجيع الاستثمار، وقد وضع إصبعه على الجرح عندما لخص في مقدمته أسباب تدني الوضع الاستثماري بعاملين هما البيروقراطية وارتفاع تكاليف الإنتاج
وأضاف د. أبو صعيليك أن المؤلف بدأ بالحديث عن نسبة النمو واختار في هذا الصدد قطاعات: الصناعة والزراعة والسياحة والتجارة والاتصالات وتكنولوجبا المعلومات والنقل والمستشفيات والأدوية، نظراً لمساهمتها في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، ودور هذه القطاعات في جذب الاستثمارات، وتوفير النقد والعملات الاجنبية، وإن كان في نظرنا أنه يوجد المزيد من القطاعات التي تؤدي دوراً هاماً في تعزيز المنظومة الاستثمارية مثل قطاع الطاقة والمياه، وغيرها.
وقال د. أبو صعيليك: إن المؤلف أحسن بوضع فصل خاص بالتوصيات لكل قطاع، كما أن هذه القطاعات تبدو تقليدية في ظل بروز واضح لريادة الأعمال، وكنت آمل الحديث عن التجارة الالكترونية في ظل انتشار منظومة الدفع الالكتروني. لكن بشكل عام قدم د. كرمول سرداً دقيقأً لتطوير هذه القطاعات، وأحسن بوضع ملخص توصيات أعتقد من وجهة نظري أنها قابلة للتطبيق.
ومن جهته، أوضح المؤلف د. أكرم كرمول أنه توخى في كتابه مبدأ الشمولية (Conclusivity) في المعلومات والإستنتاج بهدف التوصل إلى التوصيات المجدية التي تساعد في تحقيق المستقبل المرجو لكل قطاع من القطاعات الاقتصادية الاستثمارية، وليصبح هذا الكتاب مرجعاً علمياً للباحثين وطلاب الجامعات.
وأضاف مستعرضاً التطورات في قطاع الصناعة على سبيل المثال أن القطاع العام كان يسيطر خلال فترة الخمسينات بشكل رئيسي على مُلكية المصانع والمشاريع الكبيرة في الأردن، مثل البوتاس والفوسفات ومصفاة البترول والإسمنت والزيوت النباتية، وذلك على أساس سياسة منح الامتيازات الاحتكارية طويلة المدى لهذه المشاريع لحمايتها وتشجيعها. وفي فترة الستينات والسبعينات تركز النمو والإنتاج الصناعي على المصانع الصغيرة والصناعات الإحلالية محل المستوردات. أما في الثمانينات فقد أصبح عدد المنشآت الصناعية أكثر من 15 ألف منشأة وعدد العاملين حوالي (75) الف عامل. وشهدت الصناعة تطوراً خلال فترة التسعينات وما بعدها، حيث تميزت هذه الفترة بإعادة النظر في كافة القوانين والأنظمة، والاهتمام بقطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وبلغت نسبة الصادرات الصناعية خلال هذه الفترة حوالي 82,6% من مجمل الصادرات الأردنية.
وفي إطار تصنيف القطاع الصناعي أشار المؤلف د. كرمول إلى الصناعات الإستخراجية التي تشمل بشكل رئيسي النشاط التعديني مثل الفوسفات والبوتاس والحجر الجيري والرمال وغيرها، والتي ساهمت بمجموعها بنسبة 1,65% من الناتج المحلي الإجمالي الأردني لعام 2014. ثم الصناعات التحويلية مثل الأدوية والملابس والأغذية والأثاث التي ساهمت بحوالي 16,5% من مجمل الناتج المحلي الإجمالي في نفس العام 2014؛ مبيناً التغيّرات التي طرات على نسب مساهمات كل من الصناعات الاستخراجية والصناعات التحويلية عبر السنوات 2011-2016، وكذلك كميات الإنتاج والقيمة المضافة وتوزيع القوى العاملة والعاملين في كل منها ونسب مساهماتها في إجمالي الصادرات والميزان التجاري والإنتاج السنوي والتسهيلات الإئتمائية، ثم نسب التوجُّه الإستثماري والتوزيع القطاعي للإستثمارات وعدد الشركات المسجلة في كل منها .
وتطرق في مجال وصف القطاع الصناعي إلى أهم القوانين والتشريعات ذات العلاقة بقطاع الصناعة وتطوراتها، مع التركيز بشكل خاص على الحوافز والأنظمة الواردة في قانوني تشجيع الاستثمار والاستثمار1995-2014 ومزايا النافذة الإستثمارية فيهما، وغير ذلك من قوانين أخرى، وتفاصيل البنية التحتية والخدمات المساندة للقطاع الصناعي والمعلوماتية وخاصة فيما يتعلق: بالمدن والمناطق الصناعية والمناطق المؤهلة والحرة وغيرها. كما تناول المؤلف التحديات والمشاكل التي تواجه القطاع الصناعي الأردني والقطاع الصناعي العربي، وآثار الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذا القطاع.
وحول القطاع الزراعي قال إن خصائص هذا القطاع التي تميزه بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية، تتمثل في دوره الرئيس في الاستقرار الداخلي، ومساهمته في الأمن الغذائي وفي الناتج المحلي ومشاركته مع القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل تشغيل العمالة وتزويد المدخلات الصناعية والخدماتيه وغيرها، وكذلك تحدث د. كرمول عن طبيعة المعيقات التي تعترض سبيل تقدمه مثل التكاليف الرأسمالية والتشغيلية، وموسمية الإنتاج ومخاطره المتوقعة، وصعوبة التسويق والتصدير وسط مناخ العولمة، وصغر الوحدات الإنتاجية وتجانس منتجاتها، وارتباط الإنتاج بالتنمية الريفية والفقر والبطالة، ومحدودية الموارد الأرضية والمائية والأمطار والتلوث والسياسات التنموية والظروف الاقتصادية المضطربه في المنطقة وفقدان الأسواق التقليدية.
وأشار إلى ارتفاع مديونية القطاع الزراعي التي جاوزت الـ 350 مليون دينار في عام 2017 وأسبابها، مثل تأثير مواسم الجفاف والصقيع وقرارات الجدولة والتركيز الجغرافي (مناطق التسويق) والسلعي (والمحاصيل المحدودة مثل البندورة والحمضيات)، وقصور مؤسسات التنمية والإرشاد والتسويق وضعف المشاركة الأهلية والريفية والظروف المناخية غير الملائمة، ودور العولمة والضغط السكاني على الموارد الزراعية؛ موضحاً المشجعات والإيجابيات للاستثمار والتطلعات المستقبلية في هذا القطاع.
وفي حديثه عن قطاع السياحة، بيّن د. كرمول أن الدخل السياحي لعام 2016 يبلغ حوالي 2.9 مليار دينار، يمثل 10,5% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظف هذا القطاع أكثر من 50 ألف عامل أردني بشكل مباشر، ويعتبر ثاني أهم مصدر في جذب العملات الأجنبية، وأكبر جاذب عبر الإستثمارات التي بلغت خلال النصف الأول لعام 2017 حوال 157 مليون دينار، منها 63,7 % استثمارات أجنبية مباشرة ، كما تداخل قطاع السياحة أيضاً مع العديد من القطاعات الأخرى التي منها: قطاع الخدمات كالنقل والمعلوماتية والتأمين والسكن. وتهدف الاستراتيجية الوطنية إلى مضاعفة الدخل السياحي العام.
كما تطرق إلى التوجه الاستثماري للقطاع والقوانين الناظمة له والحوافز المالية والتمويلية، ودور الدولة في القطاع السياحي من خلال الإستثمار في البنية التحتية العامة والسياحة، وتقديم الحوافز المختلفة للمستثمرين والسياح، والتأثير في سعر الصرف للسياح والتعديل السلعي، إضافة إلى الإنتاجية للسياحة ووسائل زيادتها، ودور هيئة تنظيم السياحة، ومعوقات السياحة ومشاكلها من تدني خدمات البيئة التحتية، ومشاكل الإدارة والتنظيم، ومعدل دخل العاملين، وضعف التسويق والترويج، وضعف الإعلام بأشكاله المختلفة لأهمية السياحة وخاصة الداخلية، وارتفاع كلف الإقامة للأجانب، وضعف ترويج مناطق الشمال والآثار السياحية وأهمية الندوات والمحاضرات في هذا المجال؛ داعياً إلى تفعيل العمل العربي المشترك، وتطوير المواقع الأثرية، وزيادة الإقبال على التدريب والمشتريات والمكتبات الترويجية، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الإستثمار السياحي، والإعداد والمشاركة الإقتصادية في المشاريع المتطورة مع التنويع فيها.