مرايا – شؤون نيابية – أصدر النائب خالد رمضان بيانا توضيحيا بخصوص قضية أراضي الباقورة والغمر اللتين ما تزال السيادة الأردنية فيهما منقوصة وما زالتا عمليًا تحت سيطرة دولة الاحتلال. وتاليا نص البيان:
لقد تفاعلت من أشهر، وخاصة في الأسابيع الأخيرة، قضية منطقتي الباقورة والغمر اللتين ما تزال السيادة الأردنية فيهما منقوصة وما زالتا عمليًا تحت سيطرة الكيان الصهيوني. وقد بادر عدد من زملائي بتقديم مذكرات نيابية، طالبنا فيها باستغلال البند المتعلق بالنظام الخاص في هاتين المنطقتين في الملحق الأول من معاهدة وادي عربة وعدم تجديد هذا النظام الخاص الذي يسمح للكيان باستخدام هذه الأراضي، ويسمح لشرطته بدخولها بسلاحها ولباسها الكامل، ويعترف لمستوطنيه بحق دخولها وخروجها دون قيد أو شرط، وبالتالي يمنع عمليًا على الأردنيين دخولها.
وقد أثارت هذه القضية الرأي العام الأردني واستلزمت الرد من الحكومة بخصوص عدد من الأسئلة العالقة. وقد سمعنا من وزير الخارجية أيمن الصفدي بعض الإجابات التي نرى أنها لا تزال غير شافية. لكن قبل أن نعيد طرح الأسئلة الباقية ونوضح موقفنا من إنهاء العمل بالنظام الخاص، نرى لزامًا أن نعود لعدد من الحقائق التاريخية المتعلقة بقضية هاتين المنطقتين التي كثير فيها اللغط، وهو ما استغله البعض لتبرير بنود المعاهدة والدفاع عنها.
أولًا، فيما يتعلق بمنطقة الباقورة في الأغوار الشمالية،
فالقضية تبدأ في عام ١٩٢٨ وفي عهد حكومة حسن خالد أبو الهدى الثانية، حين أقرت حكومة شرق الأردن حق الامتياز للصهيوني بنحاس روتنبرغ لبناء شركة كهرباء. وبناء عليه أقرت الحكومة بيع 6000 دونم. واشترط عقد البيع أنه يمنع على روتنبرغ أن يبيع أي أرض من هذه الأراضي لأي جهة كانت.
خلال حرب عام 1948، قام الجيش العراقي بضرب محطة الكهرباء. وبقيت الـ 6000 دونم جزءًا من المملكة الأردنية وفقًا لتقسيم الانتداب للحدود ولاتفاقية رودس عام 1949.
وفي عام 1950 قامت إسرائيل باحتلال 1390 دونم من الـ 6000 دونم. وتعامل معها الجيش الأردني باعتبارها أرضًا محتلة.
ففي ذلك العام، وخلال الجلسة الرابعة من الدورة العادية الأولى لمجلس النواب الثاني، قال فوزي الملقي رئيس الوزراء ووزير الدفاع في حينه ما يلي:
“في تاريخ 28-8-1950 علمت رئاسة أركان حرب الجيش من من قائد منطقة عجلون أن اليهود دخلوا المنطقة الأردنية التي تقع في الجهة الشمالية الغربية من سد مشروع روتنبرغ وأخذوا يحرثون الأرض بحراسة كبيرة تقدر بأربعمائة جندي، وهذه الأرض أرض أردنية صميمة بموجب الحدود الرسمية والاتفاقيات الدولية”.
وبقي الجيش الأردني يتعامل مع الـ 1390 دونم باعتبارها أرض محتلة وفقًا لخرائط الجيش، وهذا يؤكد أن “اسرائيل” سيطرة على هذا الجزء من الباقورة بالاحتلال وليس بشراء الأراضي، وعندما بيعت هذه الأراضي لم يكن هناك شيء اسمه “اسرائيل”.
وفي عام ١٩٩٤، في معاهدة “السلام” استعاد الأردن ٥٦٠ دونمًا من أصل الـ ١٣٩٠ دونم التي تم احتلالها. ووافق المفاوض على وضع ٨٣٠ دونمًا تحت نظام خاص يسمح )لإسرائيل باستخدامها لمدة ٢٥ سنة تحت بند “حقوق ملكية خاصة”. وهذه الـ٨٣٠ دونمًا هي محور القضية في هذه اللحظة.
ثانيًا، فيما يتعلق بأراضي الغمر في منطقة وادي عربة،
فبعد حرب عام ١٩٦٧، توسعت إسرائيل وراء الحدود شرقًا في منطقة وادي عربة واحتلت ٣٨٧ كيلو متر مربع من أراضي المنطقة، ومن ضمن هذه الأراضي كانت منطقة الغمر.
استوطن المحتلون في عدد من هذه الأراضي، وقاموا باستخدامها وزراعتها وسرقة مياهها.
وأثناء مفاوضات المعاهدة عام ١٩٩٤ تمسكت إسرائيل بهذه الأراضي لأن المستوطنين رفضوا الاستغناء عنها، فقدمت إسرائيل فكرة تبادل الأراضي.
وافق الأردن على استبدال كل الأراضي المزروعة بأراضي صخرية. لكن بقيت قطعة أرض واحدة تمتد ٥ كيلو متر داخل الحدود الأردنية وهي الغمر.
رفضت إسرائيل التخلي عنها باعتبارها امتدادًا لمستوطنة “تسوفار” الإسرائيلية. وعرضت على الأردن وضعها تحت نظام خاص لمدة ٢٥ سنة يمنح المستوطنين “حق التصرف” بالأرض واستخدامها دون قيد.
ووفقًا للبندين “ب” و”ج” من الملحق رقم ١ من معاهدة وادي عربة، فإن هذا النظام الخاص المطبق في الباقورة والغمر يجدد تلقائيًا لمدة ٢٥ سنة، “ما لم يخطر أحد الطرفين الطرف الآخر بنيته بإنهاء العمل بهذا الملحق قبل سنة من انتهائه وفي هذه الحالة يدخل الطرفان في مشاورات حيالها بناء على طلب أي منهما”. أي أن الأردن يستطيع شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل أي يبلغ الكيان برغبته بفسخ هذا النظام.
بناء على ما سبق، فإننا نرى أن هاتين المنطقتين ما تزالان تحت الاحتلال العملي وإن كانت السيادة الاسمية عليها أردنية. فالأرض التي تسود عليها الدولة الأردنية تسود فيها كل قوانينها بلا استثناء، ولا تمارس أي قوة أجنبية سلطاتها فيها. كما أن ملكية أي كان لأرض أردنية ملكيةً خاصةً لا تجعل من دولة هذا المالك ذات سيادة أو وضع خاص على هذه الأرض، خاصة إن كانت دولته طارئة على المنطقة ولم تكن موجودة أصلًا حين تثبتت الملكية.
إننا نرفض ما أكدته الحكومة من وجود “حقوق” إسرائيلية مزعومة في هذه الأراضي، وندعوها لكشف تفاصيل القضية، وإطلاع المجلس والمواطنين على عقد البيع في حالة الباقورة ليتم التثبت من شروط الملكية المزعومة. فإن كانت الحكومة “تدرس” اليوم أمر هذا النظام الخاص معتبرةً أن “قرار للحكومة الأردنية يعود لها بما يصب في المصلحة الوطنية العليا” كما جاء على لسان وزير الخارجية، فحري بنا أن نذكر أن المصلحة الوطنية العليا ليست أمرًا تقرره الحكومة وحدها في غرف مغلقة بمعزل عن الإرادة الشعبية ودون مكاشفة وإظهار للحقائق التاريخية.
وبناء عليه، فإنني أنسب المجلس السير بإجراءات إنهاء النظام الخاص من أجل استعادة أراضي الباقورة والغمر الأردنية.