مرايا – شؤون سياسية – تقف جميلة حسان على بوابة وزارة التنمية الاجتماعية، تنتظر السماح لها بالدخول لأي جهةٍ مسؤولةٍ تجيبها عن سؤالها، “هل عاد شيك الشؤون الذي اتقاضاه بعد انقطاعه ؟”.
المرأة الخمسينية ملامح الأسى ترسم تقاسيم وجهها، حاولنّا الحديث معها بعد أنّ عرفنا أنّ راتب الشؤون الذي تتقاضاه توقف عنها، بتنهيدة قالت، “تعالوا شوفوا بيتي”، ذلك المنزل المفتقد لأبسط متطلبات العيش، صالة طعام فارغة، غرف للنوم نوافذها مغطاة بالكارتون”.
تقول جميلة: ” كنت أتقاضى راتب من وزارة التنمية والشؤون الاجتماعية بقيمة 1800 شيكل كلّ ثلاثة شهور، فأذهب بجزء لسداد الدين الذي تراكم عليّ لصاحب
الدكان، والآخر مصروف لأطفالي”.
وتضيف في حديث لــ”أمد”: “تفاجأت قبل ثلاثة شهور بعدم إدراج اسمي ضمن برنامج مساعدات الأسر تحت خط الفقر دون سابق إنذار، الأمر الذي زاد صعوبة المعيشة كوني أعيل تسعة أفراد من بينهم مريض بهشاشة العظام، وزوج لا يقوى على العمل”.
وتتابع: “لا يوجد في بيتي سوى قوت يومي، ولا يتوفر في أغلب الأحيان، فأضطر للجوء لبعض الجيران لأسد رمق أطفالي اللذين لا تتوقف أصواتهم عن البكاء طوال الليل”.
“حتى الثلاجة أفتقدها، وغاز الطهي يبقى مقطوع بالأسابيع بسبب عدم تمكنّي من دفع ثمن أنبوبة الغاز، واضطر لصناعة الطعام على موقد النار في كثير من الأحيان، الأمر الذي يتطلب جهدًا كبيرًا” هكذا اكملت جميلة عبارتها بصعوبة وضيق.
وبالعودة إلى المعاناة التي ترتبت على فصل راتب الشؤون عن الأسرة، أوضحت أن انقطاع راتب الشؤون أثر على طبيعة حياتهم، فزادت الأعباء عليهم، وأصبحت هناك ملاحقات لهم من قبل أصحاب المحلات التجارية، بضرورة سد الديون المتراكمة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ قطاع غزّة يعاني من ركود اقتصادي حاد، منذ بداية العام 2017، والذي يعد الأسوأ في سنة الحصار الحادية عشر، وهو ما أدى إلى إعلان الاضراب التجاري عدّة مرات متتالية.
وتردف جميلة: “لم يهدأ باب البيت من القرع، أناس يطالبون بسداد الديون التي تراكمت منذ توقف راتب الشؤون، وهناك بعض التهديدات تلقيناها لعدم تمكنا من السداد”.
واستكملت: “لم استطع سداد مبلغ 270 شيكل، بسبب انقطاع مساعدات الشؤون، وتمت المطالبة بضرورة الدفع عن طريق إرسال بلاغ من قبل الشرطة”.
قصة جميلة وأسرتها تأتي في سياق عشرات الحالات التي توقف عنها شيك المساعدة المقدم من وزارة التنمية والشؤون الاجتماعية، فالوضع لا يختلف كثيراً عن محمد تيسير (اسم مستعار رفض صاحب الحالة كتابة اسمه الحقيقي) الذي عانى الأمرين وتورط بديون طائلة.
“ربك ما بموتنا من الجوع”، بهذه العبارة بدأ حديثه لـ “أمد” فقضية الطعام والشراب لا تعني له شيئًا، مقابل ما يعانيه من التزامه الشبه يومي بإحضار دواء لابنة المريض.
حاولنا الكشف عن تفاصيل الأمر ومعرفة مدى القوانين التي تسير بها وزارة التنمية والشؤون الاجتماعية، تواصلنا بمساعد وكيل الوزارة ثناء الخزندار، لإيضاح بعض القضايا.
افصحت الخزندار أنه لم يتم قطع راتب أي أسرة بشكل جماعي، وإنّما تم الاقتطاع عن عشرات الحالات بعد البحث الميداني، والمقدرة بحوالي 50 حالة فقط.

وبيّنت خلال اتصال هاتفي مع “أمد”، أنّ هناك نحو 4800 أسرة قُدمت لهم المساعدات لمرة واحدة فقط، وهم خارج برنامج المساعدات المستمر، ممّا أدى لوجود لبس عند بعض العائلات التي اعتقدت أنّ المساعدات بشكل دائم.

وحول أسباب إيقاف مخصصات الشؤون عن بعض الحالات، أوضحت الخزندار أنّ القانون المعمول به في فلسطين يمنع ازدواجية المهنة، ما يؤدي تلقائيا لإيقاف الراتب عن بعض الحالات.
واستدركت عملنّا نحن بإعادة الراتب لمن كانت معيشتهم متدنية أو وجود حالة إعاقة وأكثر لذات الأسرة، التي تندرج تحت خط حالات الفقر الشديد.
وبررت ادعاء أي شخص تم انقطاع راتبه بحجة وجود أرض ملكية أنّ عليه إحضار ورقة من سلطة الأراضي تثبت عدم وجو50واملكية له، وستقوم الوزارة بإعادة راتب الشؤون له مباشرة.
وبحسب وزارة الشؤون الاجتماعية فإنّ عدد الأسر التي تتقاضى راتب الشؤون فاق 70ألف أسرة، إضافة لوجود 50 ألف أسرة تحت خط الفقر، منهم ألف دخلهم لا يصل إلى 700 شيكل، وقرابة 30 ألف أسرة دخلهم أقل من الحد الأدنى للأجور المقدر 1400 شيكل.