مرايا – شؤون فلسطينية – قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله إن جميع أعضاء ومؤسسات الحكومة منفتحة ومفتوحة أمام الرقابة والمساءلة، و”ننظر باهتمام كبير إلى كل ما من شأنه تصويب وتطوير أداء المؤسسات العمومية ومن يمثلونها”.

وأضاف الحمد الله: “إن الظروف الاستثنائية التي في غمارها نبني وطننا، إنما تستدعي أن تخضع بنى ومؤسسات دولتنا جميعها للرقابة، وأن تطبق أيضا جهات الرقابة على نفسها قبل غيرها، مبادئ النزاهة والشفافية، وأن تلتزم بدورها في مكافحة الفساد ومنع حصوله، كما يجب على كافة المؤسسات الرقابية أن تتوخى الدقة والمسؤولية عند نشر المعلومات التي لديها عن أي حالة أو شبهة بالفساد، وتتأكد من صحتها، عملا بمبادئ الحيادية والنزاهة والشفافية”.

جاء ذلك خلال كلمته في مؤتمر إطلاق التوجهات الاستراتيجية النسوية في مكافحة الفساد، اليوم الخميس، في رام الله، بحضور رئيس هيئة مكافحة الفساد رفيق النتشة، ووزيرة شؤون المرأة هيفاء الأغا، ومديرة جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية أمال خريشة، وعدد من الشخصيات الرسمية والاعتبارية.

وتابع رئيس الوزراء: “بكثير من الاعتزاز، أشارككم إطلاق التوجهات الاستراتيجية النسوية لمكافحة الفساد في فلسطين، التي تشكل إطارا مشجعا لضمان انخراط القطاع النسوي في جهود مكافحة ومنع الفساد وتعزيز المسار النضالي للمرأة في تحقيق المساواة والعدل والأمن الإنساني”.

وأردف الحمد الله: “يشرفني أن أنقل لكم جميعا، مباركة الرئيس محمود عباس لكل الجهود المنضوية في إطار محاصرة الفساد والمفسدين، والنهوض بدور المرأة في حماية وتحصين المجتمع وبناء الدولة التي نضع فيها اليوم، بفضلكم جميعا، تجربة جديدة في تكريس النزاهة والشفافية والحكم الصالح”.

واستطرد: “يأتي إطلاق هذه الاستراتيجية الهامة، في ظل مرحلة فارقة وحساسة من تاريخ قضيتنا، تتعاظم فيها التحديات وتهدد تاريخنا وهويتنا، فإسرائيل تمعن في استهداف ابناء شعبنا بالقتل بدم بارد، وبالاعتقال وأعمال التنكيل، وتطوق قطاع غزة بحصار ظالم ومشدد، وتستبيح أرضنا وتصادر مواردنا، وتتوسع في استيطانها العسكري، وفي فرض قيودها الاقتصادية الاحتلالية على شعبنا في غزة وفي القدس والخليل والأغوار، وفي كل شبر من أرض وطننا. هذا بالإضافة إلى تداعيات استمرار الانقسام الكارثي وما يفرضه من ظروف قاهرة تتهدد بنية واستقرار وتوازن نظامنا السياسي، وفي مقدمتها، غياب الدور الرقابي الذي من المفترض أن يضطلع به المجلس التشريعي”.

وبيّن الحمد الله: “لقد كان لزاما علينا، إزاء كل هذه التحديات، حث ومسارعة العمل الحكومي، لحماية المال العام وصون الممتلكات والحقوق، وتعظيم القدرات الذاتية، وهو ما لا يتأتى إلا من خلال تكريس منظومة مكافحة الفساد، كعمل جماعي ومجتمعي يتشاركه الأفراد ومؤسساتهم الوطنية والأجسام الرقابية لممارسة دورهم المسؤول في الرقابة ومنع وقوع الفساد، على قاعدة المهنية والحرص على المصلحة الوطنية والابتعاد عن أجواء التحريض والمبالغة، كي نتمكن معا من إنفاذ معايير النزاهة والشفافية والمسائلة في القطاعين الحكومي والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، كثقافة وممارسة تطبق في المؤسسات جميعها، وبدون استثناء”.

واستدرك الحمد الله: “إن وجود إرادة سياسية يمثلها الرئيس لدعم جهود منع ومكافحة الفساد جعلتها تأتي في صدارة حلقات العمل الوطني لتعزيز الانتماء والصمود الشعبي والمؤسسي، فنحن ندرك أن الفساد يمثل تهديدا آخرا يقوض جهود بناء الدولة ويشتت قدرة الحكومة على الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية والبشرية المتاحة، ويعرقل سيادة القانون، بل ويخلق بيئة مواتية لتفشي الجريمة والظلم وعدم الاستقرار، وهو ما نعمل جميعا على تفاديه”.

وشدد رئيس الوزراء على أن تكريس الوعي بمخاطر وتداعيات الفساد، كما بأدوات وآليات مكافحته ومنع حدوثه هو المربع الأول لمجابهة انتشاره والوقاية منه بكافة أشكاله وظواهره، منوها: “لهذا انصب عمل هيئة مكافحة الفساد، التي ولدت قبل سبع سنوات، على مضاعفة التفاف وانخراط شعبنا في عملها الرقابي الهام، فأطلقت (التوجهات الاستراتيجية النسوية في مكافحة الفساد)، لتستنهض مشاركة القطاع النسوي، وتكرس نفسها مكونا مؤثرا من مكونات العدالة، ودرعا قويا متماسكا لحماية الوطن ومقدراته”.

وأعرب الحمد الله عن شكره لهيئة مكافحة الفساد وجمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، وكل الشركاء من القطاعين الرسمي والأهلي على إعداد هذه الاستراتيجية، معتبرا أنها توسع حصانة مجتمعنا ومؤسساتنا، وتدفع قدما باتجاه شراكة مجتمعية متنامية في إعمال معايير الشفافية والنزاهة، مشيرا إلى أن الحكومة ستوفر كافة أشكال المساندة والدعم لمتابعة تنفيذ برامج هذه الاستراتيجية، مؤكدا عدم السماح بأي تمييز ضد المرأة، مثمنا عاليا الشراكات الوطنية والدولية المنبثقة عنها، بما في ذلك، الانضمام لمنظمة الشفافية العالمية.

وقال رئيس الوزراء: “أؤكد لكم أيضا، نيابة عن الرئيس محمود عباس، التزامنا الجاد برفد عمل هيئة مكافحة الفساد وتمكينها من تعزيز دورها الرقابي الحيوي، ونتمنى أن نرى المزيد من التكامل بين المؤسسات الرقابية المختصة، التي تغني بدورها الموضوعي والمهني، التجربة الفلسطينية في مكافحة ومنع الفساد، وتتحول بها إلى إرادة وطنية وشعبية صلبة وحقيقية”.

وأضاف الحمد الله: “سيبقى أي تقدم نحرزه ناقصا وغير مجد ما لم ننقله إلى قطاع غزة، فتداعيات الانقسام ستظل عاملا يضعف مشروعنا الوطني ويهدده، ولهذا، فإننا نشدد على أهمية تسليم الحكومة كل المسؤوليات في قطاع غزة دفعة واحدة، وبلا تأخير أو اشتراطات، ونؤكد أننا لن نعود إلى قطاع غزة، إلا وبين أيدينا كافة الصلاحيات التي تؤهلنا للعمل بكفاءة وشفافية ونزاهة فيه دون انتكاسات أو عودة إلى الخلف”.

وتابع: “أشكر هيئة مكافحة الفساد، برئيسها وجميع كوادرها، وكلي أمل بأن نخطو جميعا نحو تعزيز الانخراط المجتمعي في تنفيذ الاستراتيجيتين الوطنية والنسوية، وتكريس نظام نزاهة وطني تعمل في إطاره، مكونات قطاعي العدل والأمن كما بقية مؤسسات دولتنا، بكفاءة ومهنية، في غزة والضفة وفي كل شبر من وطننا، فالتصدي لمظاهر وأشكال الفساد، هو مسؤولية تشاركية تناط بكل الأفراد والمؤسسات، وهو ثقافة وطنية يجب أن يؤسس لها مجتمعيا ووطنيا، بأمانة عالية وحرص على حماية النسيج الوطني والمشروع التحرري ككل”.

وتهدف التوجهات الاستراتيجية النسوية لمكافحة الفساد الى تطوير اطار استراتيجي نابع من الاستراتيجية الوطنية لمكافحه الفساد من أجل اخراط القطاع النسوي في جهود مكافحه الفساد على المستوى الوطني والمحلي إلى جانب التركيز على القضايا المتعلقه بمكافحه الفساد من منظور نسوي وبما يفعل القطاعات المجتمعية في جهود بناء نظام وطني يقوم على النزاهة والشفافية والمساءلة ويحارب الفساد والفاسدين.

بدوره، قال النتشه إن هذه التوجهات الاستراتيجية هي الأولى من نوعها في الوطن العربي تهدف بالأساس لتطوير البيئة المناسبة لتمكين وإشراك المرأة في المؤسسات بجهود مكافحة الفساد من جهة، وكترجمة للاطار الاستراتيجي للخطة الوطنية لمكافحة الفساد التي أطلقتها الهيئة للأعوام 2015-2018.

وأشار إلى أن القوانين الفلسطينية لا تميز بين الرجل والمرأة، والقانون يضمن المساواة في تكافىء الفرص وهي اللبنة الأساسية في بناء مجتمع متميز، والهيئة عملت مع كافة القطاعات الشبابية والمؤسسات الرسمية والمدنية ورجال الدين بهدف تعزيز مفاهيم النزاهة والشفافية لبناء دولة قائمة على الحرية والديمقراطية.

وأضاف النتشة أن المرأة تسير جنبا إلى جنب مع الرجل للوصول إلى مجتمع خالي من الفساد، فشعبنا تحدى الكثير وهو شعب صامد، ورعاية الرئيس محمود عباس لهذا الحدث هو رسالة للعالم بأن للمرأة مكانتها في المجتمع الفلسطيني، كما أن هذا اللقاء يقول للعالم إن شعبنا لا يفرق بين رجل وامرأة كلنا في نفس الخندق لمحاربة الاحتلال والفساد اللذان هما وجهان لعملة واحدة.

من جانبها، شددت وزيرة شؤون المراة هيفاء الاغا على أن هذه التوجهات الاستراتيجية لمكافة الفساد جاءت نتيجه جهد مشترك مع العديد من المؤسسات ذات العلاقة للتاكيد على أهمية دور المرأة في المجتمع ونمائه، وإشراك المرأة خطوة أساسية مهمة على الطريق الصحيح، واعتراف بدورها في بناء مؤسسات المجتمع، ومكافحه الفساد كونها الأكثر تضررا منه.

وقالت: “المرأة تلعب دورا مهما في تماسك الأسرة ومقاومة الاحتلال ومواجهة الأزمات، وهي تعاني من عنف مزدوج نتيجة للعادات والتقاليد وعنف الاحتلال، مشيرة إلى دور النساء الفلسطينيات في الصمود والحفاظ على تماسك الأسرة وتماسك وبناء المجتمع”.

وتناولت الآغا ضرورة تحقيق التغير المنشود، وما تم تطويره وطنيا كفيل بإحداث التغير المتعلق بالمرأة وتمكينها، كما أن استراتيجية مناهضة العنف وأهداف التنمية المستدامه جميعها تعمل على تنمية المجتمع ومشاركة المرأة في التنمية حق من حقوق الإنسان، ومشاركة المرأة في العملية التنموية مؤشر هام في إحداث التنمية والتطور، فبناء الوطن ومؤسساته يحتاج لنا جميعا، والمرأة لم تكن عبئا بل هي الحاضنة والمحافظة على الأصالة والهوية الفلسطينية.

وأشارت إلى أن هناك تقدم ملحوظ بمشاركة المرأة في العملية التنموية، بالرغم من وجود بطالة بنسبة 40% في صفوف النساء، ومشاركتهن في المراكز العليا وصنع القرار حوالي 11.7% وهذا يتطلب شراكة وتعاون لتحقيق الأهداف المرجوة.

من ناحيتها، تطرقت مديرة جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية أمال خريشة إلى الشراكة العميقة والمتسعة مع الجهات ذات العلاقة وهي شراكة أسست على ضرورة إنقاذ حقوق المرأة الفلسطينية بالمشاركة على كافة المستويات لمكافحة الفساد، والحد من انتشاره، ونحن بالجمعية انطلقنا في نسج هذه الشراكة على أساس التوعية وتنظيم الجهود، وإشراك القاعدة في المدن والمخيمات ليصب كل الجهد لتعزيز صمود شعبنا.