“بيتسيلم”: على العالم إلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي
مرايا – شؤون فلسطينية – صعدت اسرائيل امس من عدوانها تجاه الشعب الفلسطيني ‘ في الوقت الذي استشهد فيه الشاب إسلام رشدي حرز الله (28 عاماُ) جراء إصابته بعيار حي في بطنه أطلقه قناصة الاحتلال الإسرائيلي خلال مشاركته في مسيرة “جمعة رفع العلم” شرق مدينة غزة.
فيما أصيب (969) مواطناً بجروح مختلفة واستنشاق غاز من بينهم (17) من الطواقم الطبية والصحفيين في المناطق الحدودية الشرقية والشمالية من قطاع غزة.
وباستشهاد الشاب حرز الله يرتفع عدد الشهداء منذ الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض الثلاثين من الشهر الماضي، إلى (33) شهيداً وأكثر من ثلاثة آلاف وسبعمائة جريح برصاص الاحتلال الإسرائيلي في القطاع.
كما دعا تقرير جديد لمركز “بيتسيلم” الإسرائيلي، العالم إلى الزام إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي.
وكانت حشود جماهيرية قد بدأت منذ صباح أمس، تدفقها على منطقة خيام العودة، القائمة على بُعد 700 متر من شريط الاحتلال، في جمعة العودة الثالثة، التي اطلق عليها “جمعة العلم الفلسطيني”، فيما أطلق عليها آخرون “جمعة حرق العلم الإسرائيلي”. وكانت التجمعات الجماهيرية بآلافها، على طوال شرق القطاع.
وفي المقابل، عزز جيش الاحتلال استنفاره، على طول المنطقة المواجهة للقطاع، مع مئات القناصة، والآليات الحربية، وأطلقت النيران على المتظاهرين العُزل، وبموازاة ذلك أطلقت آلاف القنابل الغازية، بهدف تفريق المتظاهرين، الذين تقدموا ورشقوا الحجارة، وأحرقوا كميات من إطارات السيارات في وجه جيش الاحتلال. وأحرق المشاركون الاعلام الإسرائيلية، ورفعوا وتابوتا عليه صور جنود الاحتلال المفقودين في غزة، فيما وضع علم إسرائيلي آخر على الأرض ليمر عليه المتظاهرون.
وقال اشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة إن 528 شخصا اصيبوا بجراح مختلفة واستنشاق غاز من بينهم 16 من الطواقم الطبية و الصحفيين.
كما شهدت عدة بلدات ومدن في الضفة مواجهات تصديا لجيش الاحتلال. فقد هاجمت قوات الاحتلال مسيرة خرجت من أمام مسجد حمزة في مدينة رام الله، باتجاه المدخل الشمالي لمدينتي رام الله والبيرة، مستخدمة الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع، والمياه العادمة. وأغلق الشبان الفلسطينيين الشارع المؤدي لحاجز بيت أيل المقام على مدخل مدينتي رام الله والبيرة، وأشعلوا النار في إطارات المركبات الفارغة، ورشقوا القوات بالحجارة.
وشهدت قرية بلعين غرب مدينة رام الله أمس، مسيرتها الأسبوعية، التي انطلقت من وسط القرية باتجاه جدار الفصل العنصري الجديد بالقرب من أبو ليمون، بمشاركة أهالي القرية ونشطاء سلام إسرائيليين ومتضامنين أجانب ووفد فرنسي.
وفي قرية نعلين المجاورة لبلعين، قمعت قوات الاحتلال بالقنابل الغازية السامة، مسيرة القرية الأسبوعية المناوئة للاستيطان والجدار العنصري. وشهدت قرى النبي صالح وبردس والمزرعة الغربية في محافظة رام الله، مواجهات تصديا لجيش الاحتلال.
وفي الخليل، اندلعت مواجهات بين الشبان وجنود الاحتلال الذين اقتحموا منطقة باب الزاوية وسط مدينة الخليل.
كما اصيب عدد من المتظاهرين، بحالات اختناق خلال قمع قوات الاحتلال لمسيرة قرية كفر قدوم الاسبوعية المناهضة للاستيطان، والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ أكثر من 15 عاما لصالح مستوطني “قدوميم” الجاثمة على اراضي القرية.
هذا وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” إن قوات الاحتلال الاسرائيلي قتلت خلال الأسبوعين الماضيين (حتى مساء الخميس)، 32 فلسطينيا في قطاع غزة، فيما بلغ عدد المصابين في القطاع 3078 شخصا، ويضاف لهم إصابة 715 فلسطينيا في الضفة، خلال هجمات جيش الاحتلال على مسيرات الضفة في الأسبوعين الماضيين.
ولفت التقرير إلى أن هذه الحوادث أثارت القلق إزاء الاستخدام المفرط للقوة من جانب القوات الإسرائيلية. وقال المتحدث باسم المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، “بالنظر إلى العدد الكبير من الإصابات والوفيات وعلى ضوء التصريحات المثيرة للقلق الصادرة عن السلطات الإسرائيلية في الأيام التي سبقت التظاهرات، والمؤشرات بأن القتلى والجرحى كانوا غير مسلحين ولم يشكلوا تهديدا خطيرا على قوات الأمن الإسرائيلية، التي كانت محمية جيدا، بل وفي بعض الحالات فإن الضحايا كانوا في حالة هروب بعيدا عن السياج، فإن هناك مؤشرات قوية بأن قوات الأمن الإسرائيلية استخدمت القوة المفرطة”، بحسب تعبير التقرير.
واصدر مركز “بيتسيلم” الإسرائيلي الحقوقي، الذي يعني بحقوق الفلسطينيين في المناطق المحتلة منذ العام 1967، أمس، ورقة موقف، حول جرائم الاحتلال في قطاع غزة، حث فيه المركز العالم، على الزام إسرائيل باحترام القانون الدولي. وكان المركز ذاته، قد اطلق قبل أيام حملة خاصة يشجع فيها جنود الاحتلال على عدم احترام تعليمات اطلاق النار على المتظاهرين العُزل.
وقال بيتسيلم في ورقة الموقف، إن “أداء إسرائيل إزاء المظاهرات في قطاع غزة مشابه لأدائها في أحداث مشابهة سابقة: بدءا باستخدام القوة الفتاكة بما يخالف القانون ويسفك دماء كثيرة مرورا بنشر التأويلات القانونية الباطلة لتبرير السماح بذلك وانتهاء بطمس الجرائم خلال أيام معدودة”.
وتابع بيتسيلم أن “الموقف العام في إسرائيل، المتراوح بين الدعم المتحمس وعدم الاكتراث مضافا إليه جهاز قضائي متمرس في إفراغ مبادئ الأخلاق من مضمونها وفي طمس الجرائم يُنتجان معا واقعا من الصعب أن نرى فيه كيف يمكن أن يتأتى التغيير الجوهري المطلوب من داخل إسرائيل نفسها”.
وقال بيتسيلم، إنه “صحيح أن دولا كثيرة في العالم تنتهك حقوق الإنسان لكن إسرائيل تمتاز بإصرارها على أن ممارساتها المخالفة للقانون تنسجم تماما مع مبادئ وأحكام القانون الدولي. بذلك تتحدى إسرائيل أسس القانون الدولي على نحو يختلف جوهريا عن التحدي الذي تطرحه دول لا تكلف نفسها حتى عناء إنشاء مظهر زائف يضفي شرعية شكلية على انتهاكات حقوق الإنسان ضمن حدودها. إذا لم يستيقظ المجتمع الدولي ويُلزم إسرائيل بواجب التصرف وفق المبادئ التي تُلزم جميع دول العالم – فإنه سيقوض المسعى العالمي الكوني للدفاع عن حقوق الإنسان في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية. ونحن لا نلوح هنا بخطر نظري: ما لم تغير إسرائيل سياستها سوف يواصل الفلسطينيون تحمل تبعات وكلفة هذا الواقع”.