مرايا – شؤون محلية – اتفق جلالة الملك عبدالله الثاني ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، خلال مباحثات عقداها اليوم الثلاثاء، على تقوية العلاقات بين البلدين لتصل إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية في المجالات السياسية والاقتصادية.
وأكد جلالة الملك ورئيس الوزراء الياباني، خلال المباحثات التي جرت في قصر الحسينية بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، أهمية المضي قدما في الارتقاء بمجالات التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وزيادة حجم الاستثمارات اليابانية في المملكة في عدد من القطاعات الحيوية.
وشهدت المباحثات تطابقا في وجهات النظر حيال العديد من القضايا الإقليمية، خصوصا ضرورة التوصل إلى حلول سياسية للأزمات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، ومواصلة جهود الحرب على الإرهاب.
وخلال المباحثات الثنائية والموسعة، التي حضرها أيضا سمو الأمير غازي بن محمد، كبير مستشاري جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية، والمبعوث الشخصي لجلالته، وكبار المسؤولين في البلدين، تم التأكيد على مواصلة التنسيق والتشاور بين الأردن واليابان إزاء مختلف القضايا، وبما يخدم مصالحهما المشتركة، ويعزز مساعي تحقيق السلام في المنطقة والعالم.
ورحب جلالة الملك، خلال المباحثات الموسعة، برئيس الوزراء الياباني الذي يرأس وفدا من كبار المسؤولين، ورؤساء تنفيذيين لشركات يابانية كبيرة.
وقال جلالته “إن الأردن يكن تقديرا عاليا لليابان ودورها القيادي عالمياً، كما نقدر بشكل خاص ما تبذلونه من دور مهم إزاء العديد من التحديات التي نواجهها في منطقتنا. ونثمن أيضاً روح الصداقة والعلاقات الدافئة مع الأردن من خلال الدعم الذي تقدمونه”.
وأضاف جلالته “لقد تم إرساء علاقاتنا الثنائية قبل 60 عاماً، ولطالما جمعت بيننا صداقة مميزة على المستويات السياسية والاقتصادية والدفاعية. ومثلت اليابان وما زالت شريكا قويا للأردن، ونحن نقدر عاليا جميع أشكال الدعم التي تقدمونها لنا”.
وتابع جلالته “إن دعمكم المستمر للاجئين السوريين، وللمجتمعات المستضيفة لهم في الأردن، يعتبر عنصرا أساسيا في دعم جهود بلدنا التنموية، ومنعته في وجه التحديات التي نواجهها”.
وقال جلالته “إن التحدي الماثل أمامنا اليوم، يتطلب استجابة عاجلة، فأزمة اللجوء السوري قد وضعت تبعات هائلة على شعبنا واقتصادنا، لكن رؤيتنا المشتركة وعلاقتنا المتميزة قد نمت بشكل إيجابي وثابت، وقد تُرجم ذلك بوضوح قبل يومين خلال اجتماعات العقبة التي نظمت بشكل مشترك بين الأردن واليابان بهدف تنسيق جهود مواجهة التطرف والإرهاب”.
وأضاف جلالة الملك “أن هناك رؤية دولية مشتركة تجمع بين البلدين، وروابط مهمة بين الشعبين”.
وقال جلالته “لقد تحدثنا عن بعض القضايا السياسية في المنطقة، والتي تضمنت بشكل أساسي ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية ضمن مسار جنيف، إضافة إلى الدعم القوي لحل الدولتين كأساس لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وضمان استقرار الإقليم”.
واختتم جلالته قائلا “نشكرك كما نشكر وفدكم المرافق على كل ما تبذلونه من جهود لدعم استقرار المنطقة ودعم الأردن في هذه الأوقات الصعبة”.
وأعرب رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، في كلمة له، عن سعادته بزيارة الأردن مجددا والتي تأتي بعد ثلاث سنوات من زيارته الأخيرة للمملكة، وقال “إنه لشرف كبير أن ألتقي بجلالتكم مرة أخرى بعد لقائنا في شهر أيلول من 2017، ونحن ممتنون على حسن الاستقبال وكرم الضيافة”.
وقال رئيس الوزراء الياباني “يجمع الأردن واليابان علاقات صداقة قديمة، ومنذ آخر زيارة لي لبلدكم قبل ثلاث سنوات تمكنا من تمتين علاقاتنا في جميع المجالات، ومن ضمنها العلاقات الدبلوماسية والأمنية والتعاون الاقتصادي، وأنا في غاية السرور لتحقيق ذلك التقدم”.
وتابع “أعبر لجلالتكم عن تقديرنا العالي واحترامنا الكبير لقيادتكم وجهودكم في محاربة التطرف والعنف والعمل على تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وكرمكم في استضافة أكثر من 3ر1 مليون لاجئ سوري في بلدكم”.
وأكد رئيس الوزراء الياباني أن استقرار الأردن يعتبر ركيزة لاستقرار المنطقة، وقال “ستستمر اليابان بتقديم المساعدات قدر الإمكان لدعم استقراركم الاجتماعي والاقتصادي وجهودكم التنموية”.
وقال رئيس الوزراء الياباني “يسرني أن أؤكد وجلالة الملك أننا سنعمل على الارتقاء بهذه العلاقات المميزة والخاصة بين بلدينا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وضمن هذه الشراكة ستعمل اليابان على تطوير علاقاتنا الثنائية بشكل كبير”.
وأشار في كلمته إلى أنه اصطحب خلال الزيارة عددا كبيرا من قادة الأعمال في اليابان كجزء من الوفد الاقتصادي الذي يضم العديد من الرؤساء التنفيذيين.
المباحثات الموسعة تخللها أيضا استعراض الفرص والمزايا الاستثمارية التي يوفرها الاقتصاد الأردني في قطاعات استراتيجية كالطاقة والنقل والمياه والبنية التحتية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والزراعة.
كما جرى بحث إمكانية الاستفادة من الخبرات اليابانية في العديد من المجالات، والمزايا التي يوفرها الموقع الاستراتيجي للأردن باعتباره بوابة للأسواق الإقليمية والعالمية.
وتناولت المباحثات تبعات أزمة اللجوء السوري على الاقتصاد الأردني، وموارده المحدودة، وما نجم عنها من ضغوطات على المجتمعات المستضيفة للاجئين.
كما تطرقت إلى الجهود الإقليمية والدولية في الحرب على الإرهاب، ضمن استراتيجية شمولية، والتنسيق الأردني الياباني بهذا الخصوص.
وأكد رئيس الوزراء الياباني، في هذا الإطار، أن الإرهاب يعتبر تحديا عالميا ومحاربته أحد أهم الأولويات في آسيا، معربا عن تقدير بلاده للدور المهم لجلالة الملك في إطلاق اجتماعات العقبة الهادفة إلى تعزيز وتنسيق الجهود الدولية في محاربة الإرهاب والفكر المتطرف.
وقال رئيس الوزراء الياباني إن جلالة الملك يمثل صوت الاعتدال في المنطقة.
كما تم بحث مستجدات الأوضاع إقليميا ودوليا، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث أكد جلالة الملك ضرورة تكثيف الجهود لإنهاء الجمود في العملية السلمية، وإعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، على أساس حل الدولتين، وبما يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي الإطار ذاته، أشاد جلالة الملك بالمساعي التي تقوم بها اليابان لدعم جهود تحقيق السلام في المنطقة، وذلك من خلال مبادرة “ممر السلام والازدهار” التي أطلقتها اليابان قبل ما يزيد عن عشر سنوات.
وتطرقت المباحثات إلى دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وأهمية دعمها وتمكينها من الاستمرار في تقديم خدماتها التعليمية والصحية والإغاثية للاجئين.
وعلى صعيد الأزمة السورية، تم التأكيد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي لهذه الأزمة ضمن مسار جنيف، وبما يحقق الأمن والاستقرار لسوريا وشعبها ويحفظ وحدة أراضيها.
وتبع المباحثات الموسعة غداء عمل أقامه جلالة الملك تكريما لرئيس الوزراء الياباني، حضره كبار المسؤولين في البلدين ومدراء تنفيذيون لشركات يابانية.
وقال جلالة الملك، خلال غداء العمل، “آمل أن يمكننا لقاؤنا اليوم من إطلاق فرص أعمال وشراكات جديدة من أجل ازدهار شعبينا، حيث تجمع الأردن واليابان روابط اقتصادية قديمة ومستمرة تعود للسبعينيات (من القرن الماضي)، فاليابان كان من أول شركاء الأردن الدوليين في مجال الأعمال”.
وأضاف جلالته “لدينا علاقات ثنائية مميزة، ونحن حريصون على تنويع شراكاتنا الاقتصادية واستغلال الإمكانات والفرص الواعدة في العديد من القطاعات”.
ولفت جلالة الملك إلى إن موقع الأردن المهم في الإقليم، وما يتمتع به من استقرار، بالإضافة إلى البيئة المشجعة للاستثمار، يوفر منصة لليابان لإطلاق نشاطاتها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويعد مركزا لمشاريع إعادة الإعمار في سوريا والعراق.
وأشار جلالته إلى أن خطوط الشحن والنقل عبر ميناء العقبة في الأردن، بإمكانها أن توفر نقاط ربط وتواصل مهمة بين البلدين، لافتا إلى أن الأردن واليابان يجمعهما الكثير من القواسم المشتركة، وأن ما يتوفر لبلدينا من موارد طبيعية محدودة، هو ما دفعنا للتوجه نحو الابتكار والإبداع كميزة تنافسية.
وأضاف جلالته مخاطبا رئيس الوزراء الياباني والوفد المرافق “نتطلع قدماً للاستفادة من النجاحات المذهلة التي حققتموها، ونأمل بأن نرى المزيد من الشراكات بين المؤسسات والشركات الأردنية، وزيادة في نقل المعرفة والتكنولوجيا وبناء القدرات في مجالات الطاقة، والصناعات الثقيلة وغيرها من القطاعات الحيوية”.
من جانبه، قال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي “لقد تبادلنا وجهات النظر في مجالات واسعة، وقد لمست تقدما ثابتا في علاقات التعاون بين بلدينا”.
وبالنسبة للتعاون في المجال الاقتصادي، قال إن مشاريع توليد الطاقة الكهربائية والبنية التحتية تشهد تقدما ملحوظا والتعاون مستمر في هذا المجال، لافتا إلى التقدم المتصل بمفاوضات اتفاقية الاستثمار.
وأضاف “يرافقنا في هذه الزيارة وفد من قادة الأعمال والمدراء التنفيذيين الذين لديهم اهتمام كبير بالأردن، ونتوقع أن يأخذوا على عاتقهم مسؤولية البناء على علاقاتنا الثنائية”.
وتحدث خلال غداء العمل وزير الدولة لشؤون الاستثمار مهند شحادة عن البيئة الاستثمارية الجاذبة التي يوفرها الاقتصاد الأردني، واتفاقيات التجارة الحرة التي تربط الأردن مع العديد من الدول، والموقع الاستراتيجي للمملكة كبوابة لدخول أسواق المنطقة والعالم.
وأشاد المدراء التنفيذيون للشركات اليابانية بالبيئة الاستثمارية الجاذبة والمزايا التنافسية التي يوفرها الاقتصاد الأردني، لافتين إلى ما تتمتع به المملكة من أمن واستقرار، وكفاءات بشرية مؤهلة.
وأشاروا إلى اهتمام شركاتهم بتوسيع مشاريعها الاستثمارية وبناء شراكات مع القطاع الخاص الأردني، خصوصا في مجالات الطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الدوائية.
كما تم تناول فرص استفادة الأردن من الخبرات اليابانية في مجال التدريب المهني والتقني.
وحضر المباحثات رئيس الوزراء، ونائب رئيس الوزراء وزير الدولة للشؤون الاقتصادية، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومستشار جلالة الملك، مدير مكتب جلالته، ووزير التخطيط والتعاون الدولي، ووزير المالية، والسفير الأردني في اليابان، والسفير الياباني في عمان والوفد المرافق لرئيس الوزراء الياباني.