مرايا – كثر الحديث أخيراً عن السياحة العلاجية وأهميتها وأسباب تراجعها وطرح افكار جديدة لدعمها ، وبالفعل فان هذا الامر يستحق ان نوليه جل اهتمامنا ، فالأردن يمتلك جميع المقومات التي جعلته يتبوأ المرتبة الاولى في الاقليم كمقصد للعلاج فالمزايا التي يتمتع بها بلدنا لا تتوفر مجتمعة في أي بلد منافس مع أن بعض هذه الدول تتفوق علينا في جزء منها ، فالأردن حظي بكوادر طبية وصحية محلية بأعداد كبيرة نسبيا بتعليم وتدريب متميز ، وباستثمارات ضخمة في القطاع الصحي وجودة الخدمات وتطبيق معايير الاعتمادية والامن والامان والاستقرار ووحدة اللغة والعادات والتقاليد مع الاشقاء العرب وتنافسية الاسعار وتقديم الخدمات الصحية في القطاع الخاص دون الحاجة للانتظار هذه جميعها لا تجدها في أي بلد منافس سواء في الاقليم او خارج الاقليم.
لقد واجه القطاع تحديات عديدة خلال السنوات الماضية منها محلي ومنها خارجي أذكر منها ارتفاع الكلف التشغيلية فأسعار الكهرباء مجحفة ، وتعدد الضرائب والرسوم ، وزيادة ضريبة الدخل من 14% الى 20% على المستشفيات وزيادة اسعار المستهلكات والمستلزمات الطبية بسبب رفع ضريبة المبيعات من 4% الى 16% ، ومن التحديات الأخرى تعدد الجهات الرقابية ولجان التفتيش وهجرة الكفاءات المدربة ، وقد كان لحالة عدم الاستقرار الامني والسياسي في بعض الدول العربية أثر كبير على قدرة المرضى والجهات الرسمية في تلك الدول على تحمل تكاليف العلاج ، وكان قرار الحكومة السابقة بتقييد الجنسية لعدد من الدول العربية من الاسباب الرئيسية لتراجع اعداد المرضى الوافدين وأدت الى تحولهم الى بلدان أخرى ، ولا ننسى الدول المنافسة التي تسعى بجميع الوسائل لاستقطاب المرضى الذين كانت وجهتهم الاولى الاردن بلا منازع.
ولكن حكومة دولة الدكتور هاني الملقي اتخذت قرارات جريئة الشهر الماضي لتسهيل قدوم المرضى ومرافقيهم من الجنسيات المقيدة استنادا الى التوصيات المقدمة من جمعية المستشفيات الخاصة اشتملت على السماح للمرضى ومرافقيهم من الجنسيات المقيدة بالدخول الى المملكة ، فقد قررت الحكومة اعفاء الفئات التالية من التأشيرة المسبقة: الرجال فوق سن (50) عامـاً ، والأطفال دون سن (15) عامــــاً ، والنساء من جميع الاعمار ، وكذلك المرضى الذين سبق أن دخلوا الأردن بطريقة قانونية ، وأُجريت لهم عمليات جراحية أو إجراءات طبية ، ويحتاجون للعودة لمتابعة العلاج ، وقررت الحكومة معاملة مواطني الدول المقيدة المقيمين في دول أخرى معاملة مواطني الدول التي يقيمون فيها شريطة إبراز ما يُثبت أنــــه مقيم في تلك الدولة. وتم تفويض سفراء الأردن في الدول المقيدة بمنح التأشيرة للمريض ومرافقيه بعد الاطلاع على التقارير الطبيــــة على أن تمنح التأشيرة خلال (48) ساعة. وكذلك تمت الموافقة على أن تقوم المستشفيات بتقديم طلبات التأشيرة للمرضى ومرافقيهم إلى وزارة الداخلية ، على أن يتم إنجاز معاملاتهم خلال (3) أيام عمل ، باستثناء الحالات الطارئة والمستعجلة فيتم إعطاؤها صفة الاستعجال وتمنح في نفس اليوم.
وقرر مجلس الوزراء تكليف وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للمضي في مشروع خدمة التأشيرة الإلكترونية. وقد بدأت هذه الاجراءات تؤتي ثمارها حيث لاحظنا زيادة في اعداد المرضى العرب الوافدين الى المملكة خلال الشهر الحالي.
وحيث أن السياحة العلاجية تعود ايراداتها على قطاعات كثيرة وليس فقط للقطاع الصحي فقد بينت دراسة قامت بها جمعية المستشفيات الخاصة ان 35% فقط من انفاق المرضى العرب والاجانب ومرافقيهم يعود الى القطاع الصحي والذي يشمل العيادات والمراكز الطبية والمستشفيات وشركات الادوية وشركات المستلزمات الطبية وغيرها ، فيما ينفق 65% في قطاعات أخرى ومنها شركات الطيران والفنادق والشقق الفندقية والمطاعم والمحلات التجارية والاماكن السياحية وغيرها
ويتميز قطاع المستشفيات الخاصة بأعلى قيمة مضافة مقارنة بغيره من القطاعات الاقتصادية الاخرى بخاصة أنه يعتمد بشكل كبير على الكوادر البشرية حيث يعمل فيه بشكل مباشر ما يزيد عن 30 الف موظف الغالبية العظمى منهم اردنيون ، لذلك فقد شكلت الحكومة أخيراً فريقا وطنيا لإعداد خطة استراتيجية وطنية لتعزيز السياحة العلاجية تضم في عضويتها جميع الجهات المعنية ومنها وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية وجمعية المستشفيات الخاصة والنقابات المهنية وهيئة تنشيط السياحة وجمعية الفنادق الأردنية وغيرها من القطاعات.
ويقوم الفريق حاليا بجهود مميزة لاعداد استراتيجية عملية قابلة للتطبيق مع تحديد المسؤوليات مع الوقت اللازم للتنفيذ وحدد الفريق نقاط القوة التي يجب البناء عليها ونقاط الضعف والمهددات التي يجب معالجتها والفرص التي يمكن الاستفادة منها.
انني أؤمن بأن الفرصة مواتية لتضافر الجهود للبناء على السمعة الطيبة التي يتمتع بها بلدنا واطباؤنا ومؤسساتنا الصحية على مستوى الوطن العربي والعالم ، وحيث أن الهم الاقتصادي هو الشغل الشاغل للحكومة فإنني ارى ان بإمكاننا ان نضاعف ايرادات المملكة من السياحة العلاجية اذا وضعنا مصلحة بلدنا امام اعيننا وعملنا بإخلاص لتعظيم نقاط قوتنا ومعالجة نقاط ضعفنا.
رئيس جمعية المستشفيات الخاصة