مرايا – نشر الكاتب الإسرائيلي مقالة في صحيفة هآرتس مقالة حادة انتقد فيها الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.. وتاليا نص المقال الذي عنونه بـ”مذبحة ترمب.. يوجد ما نخجل منه”..

بقلم: ب. ميخائيل

(المضمون: ليخجل من لا يخجل مما يقوله المتحدثون بلسان الجيش وتصديق ما تدعيه الدولة بأنها لا تقوم بتطهير عرقي ولا تملك السلاح النووي، لكن نحن الذين نخجل أين سنخفي عارنا – المصدر).

ليخجل من لا يخجل مما يجدر تسميته “مذبحة ترمب”.

ليخجل من لا يخجل من اطلاق النار على متظاهرين غير مسلحين، في الوقت الذي فيه رؤساء وسادة وحاخامات اسرائيل يحتفلون باحتفال فارغ لا طعم له.

ليخجل من لا يخجل من المسرحية الهزلية الشيطانية والبائسة والفاسدة لمئات المحتفلين المنتفخين والمملوئين بهواء كليشيهات مزيفة، في حين أن آلاف المتظاهرين غير المسلحين المحبوسين في غيتو غزة “يُقتلون” أو يصابون ببنادق القناصة الشجعان، وعدد منهم يبتهج عند اصطياد أي شخص.

ليخجل من لا يخجل من اللامبالاة الظاهرة والباردة والظالمة التي يتلقى بها مواطنو اسرائيل “مذبحة ترامب”.

ليخجل من لا يخجل من الصداقة المرفوضة والبائسة والمستخذية بين الشخصين النرجسيين منفلتي العقال. الاول هو عنصري وموسوس ومزاجي وديماغوجي وفظ وكاذب. والثاني هو شوفيني ومتملق ومتهكم ومحرض واقصائي وديماغوجي وكاذب لا يقل في قدرته على الكذب عن صديقه.

ليخجل من لا يخجل من أن يواصل تصديق الاكاذيب والذرائع التي يقولها المتحدثون بلسان الجيش الاسرائيلي على اشكالها، سواء في الخدمة العسكرية أو في الاعلام، الذين يعملون منذ ايام واسابيع على ايجاد ذرائع وتفسيرات ذكية للمذبحة المعروفة مسبقا.

ليخجل من لا يخجل من أن يبتلع بخضوع القطيع الاساطير الرسمية وكأن الشعب الجائع في غزة يشكل تهديدا، مهما كان ضئيلا، على دولة اسرائيل وعلى كل الشعب اليهودي، أو على الجيوش التي تحيط بسجنه، ويطلق النار عليهم كما يطلق على الاسماك المحبوسة في برميل.

ليخجل من لا يخجل من رؤية سلاح الجو وهو يقصف جوا سجن فيه مليوني انسان.

ليخجل من لا يخجل من سماع الدعابة الساخرة التي اظهرها من يجلس في السماء عندما ارسل الفلسطينيون من غزة لقتال جولياتيي اسرائيل، وفي يدهم فقط اجزاء من الحجارة وذيول مشتعلة لثعالب طائرة. وكأنه خطر بباله فجأة العودة الى التوراة ولكن بشكل معكوس.

ليخجل من لا يخجل من الجدار المثير للاشمئزاز الذي حظي فجأة بقدسية جبل سيناء، الذي كل من يقترب منه سيموت. هيكل اسلاك شائكة الذي حوله قطاع موت اسوأ من قطاع الموت لـ “شتازي” (المخابرات في المانيا الشرقية) على طول سور برلين.

ليخجل من لا يخجل من الكذب المبالغ فيه والمستمر لدولته. وكأنها تريد السلام وليس الارض. وكأن جيشها هو الجيش الاكثر اخلاقية في العالم. وأنها ليست مستبدة ومحتلة، من أكثر الدول المستبدة في العالم، وكأنها لا تسعى الى تنفيذ تطهير عرقي في المناطق المحتلة. وكأنه حقا لا يوجد من نتحدث معه. وكأن مستوطنيها ليسوا متوحشين ومنفلتي العقال. وكأنها ديمقراطية. وكأنها ليس لديها سلاح نووي. وكأنها حقا تخشى من ايران ولا تستخدمها كفزاعة للحفاظ على كرسي بيبي. وكأن الذنب يقع في كل هذه الامور على اليساريين وعلى الصندوق الجديد وعلى من يركبون الدراجات. باختصار، ليخجل من لا يخجل اليوم من دولته.

ولنا نحن الذين نخجل لم يبق إلا أن نسأل مثل نتان الترمان* وتمار أخت أمنون*: أين نخفي عارنا؟.

نتان ألترمان شاعرو وكاتب إسرائيلي “بالعمود الأسبوعي” الذي كان ينشره في صحيفة دڤار، حيث كان يتضمن “النقد الاجتماعي الساخر”.

*قصة تمار (ثمارا) وأمنون تمثل صورة حيَّة للتمييز بين الحب والشهوة، وتتلخص بأن أمنون أحب أخته غير الشقيقة ثمارا وحتى يتمكن منها اغتصبها) والقصة واردة في العهد القديم سفر صموئيل الثاني/ الاصحاح 13